دونالد ترامب

على الرغم من اتهامات ترامب المتكررة لأوباما – الاربعاء خلال أحد التجمعات الانتخابية في ولاية فلوريدا وصباح الخميس خلال مقابلة تلفزيونية مع محطة سي إن بي سي – إلا أنه من الواضح أن أوباما ليس مؤسس داعش.

فالجماعة المسلحة التي بدأت في تسمية نفسها بالدولة الإسلامية منذ ثلاث سنوات – بدأت مع أبو مصعب الزرقاوي حسب بحث قامت به جامعة ستانفورد الأمريكية، وكانت تسمى أساسا جماعة التوحيد والجهاد، وانضمت إلى تنظيم القاعدة، مكونة القاعدة في العراق، ثم اشقت عن القاعدة في عام 2013 لتُكون الدولة الإسلامية.

واتهام أوباما بإنشاء تنظيم الدولة، يبدو كاتهام أصحاب المحال التجارية بتكوين المافيا من خلال دفع الإتاوات لها، ويبدو أن هذا ما كان يقصده ترامب. فما يعنيه ترامب هو أن السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي أوباما هي التي فتحت المجال أمام داعش للنمو.

وقد قام ترامب بهذه اللعبة قبل ذلك، حين اتهم هيلاري خلال أحد التجمعات الانتخابية في مدينة ميسيسيبي في يناير الماضي، بأنها شاركت أوباما في تكوين تنظيم داعش، وقال نفس الاتهام خلال مقابلة مع برنامج (60 minutes) بأن هيلاري هي من بدأت هذا التنظيم.

ولا يمكن تحديد كم اللوم الذي يمكن إلقاؤه على الرئيس الأمريكي في تمدد داعش في سوريا خلال أشهر من بدء الحرب السورية، كما أن موضوع انتباه الولايات المتحدة المتأخر لخطر التنظيم لا يمكن لنا أن نحكم عليه. 

وقد أنكر ترامب أن هذا ما كان يقصده، وهذا سنناقشه لاحقا. لكن دعونا الأن نركز على كيفية تأثير حديث ترامب على الجهود المبذولة لمحاولة إنجاح حملته. ترامب يحب الحدة، وهو فخور بذلك، لسبب واضح، فهو "صادق من الناحية السياسية" حسب ما قال الأسبوع الماضي.  فهو يسخر من المظهر الخارجي للنساء، كما أنه يتفادى الساسة من ذوي الخبرة، كما أنه يحب عدم الدقة في حديثه، فهو يرى أنه بهذه الطريقة يقول الأمور كما هي.

"كل ما أفعله أنني أقول الحقيقة. فأنا قائل الحقيقة،" هذا هم ما قاله ترامب يوم الخميس في مقابلته مع سي إن بي سي. وسبب نطق ترامب بهذه التصريحات المشبوهة هو أنه يغذي بها قبوله بين ناخبيه، ولذلك كرر اتهامه لهيلاري بالمسئولية عن صعود الدولة الإسلامية. إلا رد الفعل على اتهامه لأوباما كان مختلفا، فوصفه لأوباما كمؤسس لداعش خلال الأسبوع الحالي ازداد هذا الأسبوع، بسبب قبول الناس له، ويبدو أن ترامب أعجبه الأمر.

وقد أشار ترامب مسبقا إلى علاقة أوباما بداعش في شهر يوليو الماضي، حين وصفه بأنه متعاطف مع الإرهابيين، حيث قال ترامب خلال مقابلة مع فوكس نيوز ""يرأسنا اليوم رجل يتسم بالضعف، أو عدم الذكاء، أو صاحب أفكار الخاصة." وأضاف "إن الرئيس أوباما لا يستطيع نطق كلمة الإرهاب الإسلامي المتطرف." 

وقد أظهرت استطلاعات للرأي بعد ذلك هناك من قاعدة الجمهوريين من يعتقدون أن أوباما ربما يكون متعاطفا مع الإرهابيين، كما أظهر استطلاع أن 43% من الجمهوريين يعتقدون أن أوباما مسلم، على الرغم من نفيه ذلك مرارا. ترامب يتبنى خطابا شائعا بين مجموعة من اليمين المحافظ، وهذه المجموعة تحتفي بما يقول.

وهذا ما قد الهراء الذي نطق به خلال هذا الأسبوع، فقد قال أن من أصحاب المادة الثانية من الدستور – المؤيدين لحق امتلاك الأسلحة بين الأمريكيين – هم من يمكنهم منع هيلاري من تعيين القضاة إذا أصبحت رئيسا، وعلى الرغم من محاولات ترامب تعديل مغزى كلامه بقوله أنه لم يكن يقصد التحريض ضد هيلاري، إنما كان يقصد التنظيم الانتخابي.

إلا أنه كان من الواضح أن اختياره لهذه المزحة السخيفة لم يكن غريبا عند اليمينيين، الذين يعتقدون أن تطاول الحكومة يمكن أن يُمنع من خلال حق استخدام الأسلحة الذي تحميه المادة الثانية من الدستور.

فترامب يعلم أم اللغة التي يستخدمها ستلقى صدى عند فئة الأشخاص المشابهين له.

عادة ما يهبط السياسيون إلى مستوى قواعدهم الناخبية، لكن نادرا ما يبدو الأمر كذلك، فما يفعله ترامب هو "قول الحقيقة"، والتي تعني أن قوله لأفكار مبطنة لليمين على مدار سنوات، وهو بذلك يحصل على تقدير كبير على ما يقوله.

لا يقوم كثير من السياسييين بذلك، لأنهم يريدون توسيع دعمهم. هيلاري قد تقول الكثير من الأشياء التي يمكن أن يدعمها اليسار المتطرف، لكنها لا تقصد لا تقصد بذلك التقرب إليهم، كما أن اليساريين لن يصدقوها، وتلك مشكلة أخرى.

فهي تركز على الانتخابات العامة، وتدفع باتجاه الحصول على أصوات الجمهوريين أيضا، أو على الأقل ألا يدلوا بأصواتهم. كما أنه تعمل على جذب الناخبين على الأرض، كما ان لها من المندوبين المحليين من يدافعون عنها في كل الولايات.