بورتو سانتو ستيفانو

 تعدّ تلال سهل "ماريما" أحد أشهر المناطق الإيطالية، ونستعرض لك خلال هذه السطور كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذه الشواطئ والبلدات الواقعة على قمة التلال والمشهورة بالطعام المميز، وهذا الركن يقع في وسط غرب إيطاليا ويطل على البحر التيراني.

تقول جوليا باكلي: "كنت أفكر في رحلة وخطر ببالي توسكانا والفلل الفاخرة وبلدات التلال في الربيع أو تلك الطرق المتعرجة في مدينة فال دي أوركيا وسط إيطاليا أو في فلورنسا أو سيينا، لكنني لم أرغب في زيارة الشواطئ وبالتأكيد ليست ماريما، لكن خطر ببالي لمَ لا فتشتهر ماريما الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من توسكانا على الحدود مع لاتسيو بالبلدات القديمة بطراز مميز يعود للقرون الوسطى والتي تطفو فوق الجبال بشكل خيالي، كما أن بها تلالا رائعة وشواطئ ذات كثبان رملية وغابات من الصنوبر الجميلة.. الإيطاليون يأتون هنا لقضاء عطلاتهم الصيفية ويتمتعون بالجو الرائع والمشاهد الخلابة الساحرة، أما عن شعوب أوروبا الوسطي (ألمانيا، سويسرا، السويد، النمسا) فهم يقصدون ماريما أيضا أما البريطانيون فلم يأتوا بعد".

وأضافت: "لكن ليس الأمر جميلا كما تظن وهذا ما ستشاهده في شوارع غروسيتو، مدينة إيطالية تقع وسط البلاد، في جنوب إقليم توسكانا في المنطقة المسماة ماريما، تبعد عن البحر التيراني مسافة 12 كم شرقا. سترى في المدينة لوحات مثيرة للشفقة مثل (شكرا لك غاريبالدي على توحيدنا)، وغاربيالدي واحد من رجال الدين في إيطاليا، ولوحة أخرى تحمل عبارة (شكرا ليوبولد التاني علي مكافحة الملاريا) وهو ليوبولد الثاني، ثاني ملوك بلجيكا، وأخيرا ميدان يحمل اسم (دانتي) وهو شاعر إيطالي من فلورنسا، ولك أن تتخيل أن هذا تاريخ المدينة الرائعة بين الحروب والمرض والوحوش واللصوص".

وأوضحت: "في الثلاثينات جاء الديكتاتور ماسوليني ودمر قنوات الري وبور الأراضي الزراعية وجعل ماريما مستنقعا للملاريا"، وأشارت باكلي: "جئت مع صديقي بعد عاصفة رعدية صيفية أخرجتني من مارينا دي ألبيرسي، وهو شاطئ ومحمية طبيعية بالبحر الأبيض المتوسط على امتداد رمال كثيفة تمتد على طول أربعة أميال، ومصدات الرياح من الأخشاب الطافية، وأشجار الصنوبر المعطرة في الخلف لأري من يمارسون اليوغا على جانب الطريق. كان الطقس يجتاح الغرب من مونتي أمياتا، وهو بركان خامد يفصل ماريما عن منطقة توسكانا السياحية، لذلك سافرت شمالا. بعد نصف ساعة، كانت هناك لافتة تشير إلى معصرة الزيتون الخاصة بصديقي، تقع بشكل غير واضح بجانب ورشة عمل ميكانيكي. جلست هناك، بين بساتين مزدحمة، وتبادلنا قصص الحياة وسكب لي 9 أنواع من زيت الزيتون البكر إنه جزء من تعاون لأكثر من 700 عائلة محلية، وجميعهم يقدمون الحصاد، والذي يتحول إلى نفط".

وأضافت: "كنت أقيم في بورتو سانتو ستيفانو، واحدة من البقاع الأكثر تميزًا في ماريما، رغم أن معايير Maremma الراقية تعني وجود مرسى.. إنها واحدة من بلدين فقط على جبل أرجينتاريو، وهي جزيرة جبلية تقع أسفل غروسيتو، وهي محبوكة إلى البر الرئيسي بواسطة رمليين كبيرين، ويقال إن كارافاجيو استسلمت للملاريا في بورتو إركولي".

تمسكت بالشاطئ الذي جاء مع شقتي ذاتية الخدمة: Attico at Punta Nera، شقة في الطابق العلوي من غرفة نوم واحدة خارج بورتو سانتو ستيفانو، مع إطلالة على البحر بزاوية 270 درجة وتراس ملفوف عملاق. أولئك الموجودون في البيوت الصغيرة لديهم مفاتيح للشاطئ المسور أدناه. في كل صباح، أشاهد الأشخاص وهم يتوافدون في الساعة 8 صباحًا، بينما كنت أتناول الجبن والكرز المحلي مع أصوات طيور النورس على شرفتي. كل مساء، كنت أشاهد قوارب الصيد وسط غروب الشمس.

هذا الافتقار إلى المواقف يميز ماريما بشكل مختلف عن بقية توسكانا. هنا، لا توجد قوائم باللغة الإنجليزية، ولا يوجد نادلون يقفون خارج المطاعم الذين يحاولون الوصول إليك. حاولت بذل قصارى جهدي للعثور على متجر يبيع "أشهى الأطباق المحلية" في سورانو، وهي واحدة من ثلاث بلدات تتوزع على الوادي وتستغرق ساعة واحدة شكل لفائف من المنازل في القرون الوسطى متوازنة على نتوءات التوفو الهائل تغرق في العدم لكن لم تكن هناك. تشتهر سورانو بجبنة البيكورينو، وفي محل البقالة الوحيد المفتوح في مساء الثلاثاء، سألت ما إذا كان الجبن الموجود في علبة العرض كان محليا. بدت مشوشة. بالطبع كان المحلية. لماذا سيكون أي شيء آخر؟
بالقرب من سورانو هي Parco degli Etruschi، وهي مقبرة إتروسكانية حيث تم وضع الشخصيات المهمة في المجمعات التي تشبه المعابد، مع تماثيل مرئية من "الملائكة" المجنحة لرؤيتهم عبر الأبدية. يتخطى معظم الزوار غروسيتو، إذ تم قصفها في الحرب العالمية الثانية، لكن تم ترميمها بالكامل وتعد واحدة من المدن الكبيرة الوحيدة في إيطاليا التي لا يزال يحكمها السكان المحليون.

هناك الكثير من الشواطئ: تكتظ الكثبان الرملية المنحدرة من فينيقليا، بكراسي التشمس وحانات الشاطئ بين أشجار الصنوبر، وهناك يمكنك تناول الآيس كريم في Castiglione della Pescaia، وهي بلدة محصنة من القرون الوسطى تتساقط على منحدر، حيث تتنافس المتاجر على النكهات الفاخرة والمصادر المحلية.

يمكنك زيارة لوكا وهي واحدة من أجمل المدن في توسكانا، إذ تتميز بالكثير من الجمال والطبيعة البكر علاوة على التاريخ الغني والأجواء الإيطالية التقليدية، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل يمتد الجمال أيضا ليشمل روعة جدران عصر النهضة التي تطوق المدينة والتي تحملك في رحلة سريعة عبر التاريخ لترى الكثير من المعالم والآثار التاريخية الفريدة لا سيما في المدينة القديمة ذات الخصوصية الكبيرة والجمال اللافت في كل مكان.
وإن كنت تتمنى زيارتها فيفضل خلال الخريف، إذ تكون جذابة وذات سحر خاص، كما أن الصيف هو أيضا الوقت المناسب للزيارة بالتزامن مع مهرجان الموسيقى الشهير بالمدينة.