القطاع السكني في دبي


حافظت سوق الإيجارات المتوسطة في القطاع السكني في دبي، على حالة الاستقرار التي تمر بها خلال الربع الثالث من عام 2015. كما يبدو السوق منقسماً على نفسه، مع تحقيق بعض المواقع ميسورة التكلفة للنمو، في حين شهدت بعض المناطق الأخرى تراجعاً واضحاً، وذلك وفقاً لأحدث تقرير من شركة الاستشارات العقارية العالمية «سي بي آر إي». وشهد قطاع المبيعات مزيداً من الضغط، مع انخفاض المبيعات بحدود 2 % منذ الربع الثاني لعام 2015، و6 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

قال مات غرين رئيس قسم بحوث واستشارات الإمارات العربية المتحدة لدى شركة «سي بي آر إي» الشرق الأوسط: «في الوقت الذي تراجعت فيه ثقة المستثمرين بالاقتصادات العالمية، ترك هذا الأمر تأثيراً جزئياً على مبيعات الوحدات السكنية في دبي، ويعزى هذا التباطؤ إلى تصحيح الأسعار الناتج عن استقرار السوق. وفي ضوء النشاط المنخفض للسوق، يعمل المطورون العقاريون على تحفيزها، من خلال عرضهم لخطط سداد أكثر مرونةً، تشمل خطط سداد آجلة، تنطوي على خيارات تسديد بعد مرحلة التسليم».

حول التوقعات المستقبلية للفترة المتبقية من عام 2015، قال غرين: «م ن المرجح أن تستمر حالة الاستقرار التي يشهدها القطاع السكني خلال الأشهر القادمة. ويمكن أن تدخل حوالي 20 ألف وحدة سكنية جديدة السوق خلال العام، وسيوجد الكثير منها ضمن أسواق «دبي لاند» الثانوية. كما ستشهد السوق نسبةً أعلى من المشاريع السكنية التي يتم إطلاقها بمستويات أسعار منخفضة، ما قد يؤدي إلى التوجه نحو التكاليف الميسورة في سوق المبيعات. ويمثل هذا الأمر توجهاً إيجابياً، سيساعد على تجنب حدوث تصحيح أكبر في المستقبل».

شهد قطاع العقارات المكتبية شروط إيجار مستقرة، وسط نمو محدود للعرض، وانتظار نضج السوق. كما بقيت إيجارات المكاتب الرئيسة دون أي تغيير للربع السادس على التوالي، في حين شهدت المواقع الثانوية مستويات نمو هامشية. وبالإضافة إلى ذلك، تواصل العقارات المكتبية عالية الجودة ذات الملكية الفردية، توليد مستويات طلب مرتفعة من قبل شاغلي العقارات من المؤسسات، على الرغم من كون السوق مقيدةً بسبب النقص الحاصل في تقديم العروض ذات النوعية الجيدة.

ومن المتوقع أن يشهد هذا القطاع تغيراً واضحاً في بدايات عام 2016، مع تسليم أحد أبراج بحيرات جميرا والمبنى (C1) في منطقة مركز دبي التجاري، حيث ساهم كلاهما في توليد مستويات عالية من النشاط خلال مرحلة ما قبل التأجير، الأمر الذي يعكس بوضوح، طبيعة سوق دبي الآخذة بالنضوج.

تشهد فنادق دبي أداءً أضعف، بسبب التقلبات في أسواق العملات العالمية والتحديات الجيوسياسية. وساهم انخفاض قيمة العملة في بعض أسواق دبي المصدرة الرئيسة في الضغط على مستويات الطلب، ما أدى إلى انخفاض متوسط السعر اليومي بواقع -7 % من بداية العام وحتى تاريخه، ليصل إلى حدود 227 دولاراً أميركياً.

وقابل هذا الأمر انخفاضاً بواقع 8 % في إيرادات الغرف الفندقية، والتي ساهم انخفاض مستويات الإشغال (-0.9 % منذ بداية العام وحتى تاريخه) في حدها بشكل كبير. وتابع غرين: «بالرغم من الانخفاض، حافظ متوسط معدلات الإشغال في جميع أنحاء السوق الفندقية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2015، على حالة ازدهار نسبية مع بلوغه نسبة 77 %. يمكن أن تشكل المجموعة القوية من مشاريع الفنادق قيد الإنشاء في دبي، ضغطاً إضافياً على متوسط الأسعار، ما قد يؤثر في أداء الفنادق على المدى القصير».

أما بالنسبة لقطاع الضيافة، فمن المرجح أن يشهد أداءً ضعيفاً، يستمر حتى نهاية العام، ويعود ذلك بشكل كبير إلى ضعف أسواق العملات العالمية، الذي أثر بدوره في الطلب السياحي. وتواجه دبي تحدياً يكمن في تحول السياحة إلى وجهات إقليمية ميسورة التكاليف، بينما قد تسهم المجموعة القوية من المشاريع قيد الإنشاء في مجال الغرف الفندقية، في تشكيل ضغط إضافي على ديناميكية العرض والطلب خلال العام القادم. وبيَّن التقرير، تسجيل قطاع التجزئة لأداء ثابت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، مع إظهار مراكز التسوق الكبرى مستويات إشغال مرتفعة، إلى جانب معدلات إيجار مستقرة.

وعملت طلبات المستهلكين من قاطني الإمارات العربية المتحدة كمحفز لنمو القطاع. وتعد دبي حالياً موطناً لـ 56 % من علامات تجارة التجزئة في العالم، حيث صنفت في المركز الثاني بعد لندن من حيث تغطية العلامات التجارية العالمية.

ولا تزال الأنشطة الإنمائية مزدهرة مع 620 ألف متر مربع من المساحة المتاحة للتأجير، والمقرر دخولها السوق خلال الأعوام الأربعة القادمة. وشكلت مراكز التسوق المجتمعية، وعمليات التوسع التي شهدتها مراكز التسوق الحالية، غالبية عمليات الافتتاح الجديدة خلال عام 2015.

قال غرين: «ساهم تنامي عدد السكان، جنباً إلى جنب مع ارتفاع متوسط دخل الفرد، في النمو القوي ضمن قطاع تجارة التجزئة. ولا تزال دبي الوجهة الأولى لتجار التجزئة، حيث إنها تعمل كبوابة للعلامات التجارية الساعية لتأسيس وجود لها في المنطقة. ولكن، من جانب استهلاكي، يمكن أن يعمل انخفاض الثقة الاقتصادية في ظل هبوط أسعار النفط، إلى جانب انخفاض الطلب على السياحة، على الحد من إنفاق المقيمين والسياح على حد سواء».