النَازِيُون الجُدُدْ

النَازِيُون الجُدُدْ

النَازِيُون الجُدُدْ

 صوت الإمارات -

النَازِيُون الجُدُدْ

هاجرْ بلحاج

كُرة القدمِ ليستْ مُجردَ جلدةٍ مُدورةٍ، ولا مُجردَ أرضيةٍ خضراءَ أو مُغبرةَ... هِي ليستْ مُجردَ طُقوسَ يركضُ فِيها بِضعُ المجَانِين لا حوْلَ لهُم وَلا قُوة،  نحوَ الأمامِ خُطوةً وإلى الوراءِ ألفَ خُطوة ... ليستْ مُجردَ بيادِقَ في لعبةِ شطرنجَ بعضُها يُهاجِمُ الخصمَ بالرُمحِ والمُنصَلْ، وبعضُها يحمِي عرِين الملكِ المُبجلِ ..! كُرة القدمِ أعظمُ شأناً مِن هَذا وأرْقَى -عَلى الأقلِ فِي عُيونِ المُتيميِن بِهَا ..! إنّ كُرة القدمِ عِشقٌ مَا إنْ يقطُن قلبكَ حتى يستوطِنه فلا يرْضَى غيرهُ مُعتلياً عرشَ الحُكمِ ويطردَ منه كُل مُنافسٍ أو خصمْ.. هِيَ استراتِيجياتٌ تُصِيبكَ بالدّهشةِ والانبِهار،  وتجعلكَ مأخُوذاً بجمالِية الإبداعِ وكمالِية الانتِصار ... هِي فِكرٌ ومنطِقٌ قبلَ أن تكُون ركضاً،  ذكاءٌ فِي التقدِير قبلَ أن تكُون ملعباً مُمتداً طُولاً وعرضاً .. هِي جمالٌ باهِرٌ للفُؤادِ،  وسِحرٌ ما هُو بالمُحرَّمِ من ربِ العِباد، هِي مُتعةٌ تُسعِدُ الرُوحَ وتنفُضُ عنهَا غُبارَ الجُروحِ،  تشتغِلُ فِي مُتابعتِها كُل الجوَارِح، وتُحلِقُ فِي سمائِهَا كُل الجوانِح .. كُرة القدمِ ديمُوقرطية حدَ النُخاعِ،  لا تطلبُ منك أن تكون شخصاً مُعيناً، لا يهُمها إن كنتَ أبيضَ أو مُلوناً .. لا يهُمها سوى أن تكُون ذَا قلبٍ مُتيمٍ بِها أو ذَا موهبةٍ عظيمٌ شأنُها.. لتضمُك كيفمَا كَانت جِنسيتكَ، و تُقبِلكَ كيفمَا كان جِنسُكَ،  وتُبارككَ كيفمَا كانَ عِرقُكَ ..! ولكِن مَا بالُ البعضِ يُلقُونَ على كُرة القدمِ أرديةً ليستْ بمقاسِها لا بلْ ليستْ مِن مقَامِها،  فبعضُهم يُسيِسُها وبعضهُم يُدَيِنّها والبعضُ الآخر يرتكبُ الجُرمَ الأكبرَ فِي حقِها حِين يسمحُ لفيرُوساتِ "العُنصرِية" .. أن تُهاجِم ذَلكَ الجسدَ الغضَ الجمِيل .. لتنخرهُ وتنشُرَ فِيه سُمهَا القَاتِل،  وتنهَال عليهِ مُختلفُ المصائبُ وشتَى الخوازِلُ، لتفقِدَ كُرة القدمِ إشعَاعَها المُتدفِقَ، ويُمزقَ وُجودُها الأسْمَى شرَ مُمزقٍ ..؟ ومَا بالُ البعضِ يُسلِطُون على اللّونِ كُل الأضواءِ، ويُقدِسُون الجِنسِية كأنّها نزلت شرعاً فِي إحدَى كُتبِ السّماء..؟ أمَا علِمُوا أنّه يومَ شَاءَ المولَى وَأرَاد،  أنْ يخلُقَ فِي الأرضِ من يُعَمِرها مِن العِبادِ، فنفخَ مِن رُوحه فاستوَى آدمُ بَشراً، وبعثَ لهُ حوَاء لتكُون لهُ مُعِينةً وقَدراً،  تنَاسلَ البَشرُ وتوَالدُوا،  فاختلفتِ الألوانُ والأجناسُ والأعراقُ، بيدَ أن الأصلَ "بقِي واحداً" ..آدم ...! يحِزُ فِيَّ حقاً،  أن أوروبَا محجَنا نحنُ المُتعطِشُونَ لرؤيةِ المُستدِيرةِ تُركلُ هُنا وهُناكَ، واحتُنا نحنُ المُنهكُونَ مِن سيرِ قافِلة الرِياضة العربِية،  يحِزُ فيّ حقاً أنّها عُشٌ لل"عُنصرِية المقِيتة".. فبينَ الدورِي الإنجلِيزي مُروراً بالإسبانِي إلى الإيطالِي وامتداداً فِي كُل الدورِياتِ المحلِي مِنها والأوروبِي، تتعدد الإساءات العُنصرِية، وتتنوعُ التميِيزاتُ العِرقِية...، ولعلّ ما حدثَ مُؤخراً مع جُون تِيرِي الذِي وجهَ إساءةً عُنصُريةً مقِيتةً لفيرديناد ..كَان الشعرةَ التِي قصمتْ ظهرَ البعِيرِ المقصُومِ أصلاً، والمُطببِ عمداً فِي مُحاولاتٍ فاشلةٍ مِن المسؤُولين الكُرويينَ غضَ النظرِ عن وُجودِ ظاهرة العُنصرية،  ولكِن إلى مَتى الإنكار ...ثُمَ إلى مَتى حجبُ الشمسِ بالغِربال ..؟  إسْبَانيا جنةُ المُستدِيرةِ والمُتربعةُ عرشَ التصنِيف العَالمِي، لمْ تسلمْ مِن زِياراتِ العُنصُرِية البغِيضة،  فمنْ ينسَى ما فعلتهُ جمَاهِير رِيال سرقُسطة، فِي معقلِهم "رُومارِيدا" حِين استضافُوا برشلُونة وكَان إيتُو بين تشكيلة اللّاعبين حِينها، فبدأت الجمَاهِير تُطلِقُ أصواتاً تُشبهُ أصوَات القُرودِ كُلما لمسَ "الأسمرَانِي السَاحِر" الكُرة، وليتهُم اكتفواْ بِذلكَ بل ألقَواْ حباتِ فُولٍ سُودانِيٍ عَلى الملعبِ بعدَ تسجِيله لهدفٍ جميلٍ، احتفلَ بهِ مُقلداً "القُرودَ" مُوجِهاً ألفَ رِسالةٍ بتصرُفهِ ذَاك ... ولأنَ العُنصُرِية لا تحتكِرُ اللّونَ فقطْ، بلْ تمتدُ للعِرقِ والجِنسية،  فقدْ جمعتْ إحدَى مُبارياتِ دورِي أبطالِ أورُوبا نُجومَ المِيرنغِي معَ فرِيق باير ليفركزوُن،  ومَا إنْ دَخل الفرِيقُ الألمَانِي حتّى أدت الجمَاهِيرُ التحِية النَازِية، ورددتِ هُتافاتٍ عُنصُريةً مقِيتةً ضِد بعضِ اللّاعبِين المُلونين في الفرِيق الألمَانِي. إنكلتِرَا، لمْ تسلمْ هِي الأُخرَى مِن حشُودِ العُنصُرِيين،  بينَ هُتافاتِ جماهِير النيُوكاسِل ضِد النجمِ المِصرِي أحمدْ حُسام مِيدو، وبينَ تصرُفاتِ جُون تِيرِي ضد فِيرديناند، ومُهاجمة الجماهِير بعضَ لاعبِي البلُوز في إحدَى المُبارياتِ المُبرمجة ضمن كأس إنكلتِرا،  لمُجردِ أنهمْ مِن ذوِي البِشرة السّمراء . أمّا إيطِاليْا التِي بَاتتْ أيقُونة العُنصُرية الأورُوبية بسببِ نجمِها الأسمرِ "بالُوتِيلي" الذِي ذَاقَ مِن سياطِ العُنصُرية شتَى ألوَانِ العَذابِ،  وتحمَل فِي كُل مبارياتِه سواءٌ تِلك التِي كَان يُجرِيها مع نادِيه الإنتِر،  أو مع المُنتخبِ الإيطالِي، كُل أنوَاع الشتائمِ والسِباب ..وبَاتَ التنكُتُ بحَركاتِه والاستِهزاءُ بتصرُفاتِه عادةً دأب عليهَا الجُمهُور،  واتخذَها ديدناً لهُ فِي كُل مباراةٍ وكُل حُضور ...! ومَا ذكرتُه مِن أمثلةٍ أعلاهُ ما هُو إلا بغيضٍ مِن فيضٍ،  والمُحاولاتُ التِي يقُوم بها اليوِيفا لاستِئصال ورم العُنصرية الخبِيث،  تبدُو كأنّها ذرُ رمادٍ فِي العُيونِ،  وتبقَى مُحاولاتٍ دُون جدوَى،  مَا دامتِ العُقوباتُ غيرَ قاسِية، ومَا دامتِ العُنصُرية تُعشِشُ فِي القُلوبِ لا فِي الأقدَام، بيدَ أنّ الحملةَ الواسِعة ضِد التمييز العُنصرِي التِي تم الإعلانُ عن انطِلاقها يوم 22 تشرين الأول/ أكتُوبر المَاضِي،  تبدُو مُبشرةً خُصوصاً وأن برنَامجَ الحملة واعِدٌ وغنِيٌ إذْ طُلِبَ من قادةُ الفِرقِ المُشاركةِ فِي دورِي أبطال أوروبا وكأس الأمم الأوروبية أن يرتدُوا شاراتٍ تحملُ عباراتٍ مُتنوعةٍ تدعُو لمُناهضة العُنصرِية ومُحاربةِ التمييز العُنصرِي .. كما تظهرُ بعضُ رسائلِ الفِيديو المُصورةِ على شاشاتِ الملاعِب لمُدةِ 30 ثانِية، قبل بدايةِ أي مُباراةٍ تدعمُ حقَ إي إنسانٍ فِي الاستمتاع بكُرة القدمِ كيفمَا كانتْ جِنسيتهُ الأصلِية أو خلفِيته الدينية أو حتَى أُصولهُ العِرقية ..! كُل ما أتمنَاه وجُل ما أنتظِرهُ أن تنجحَ الحملةُ ولو قليلاً،  وتقسُو اليوِيفَا على مُقترفِي جريمة العُنصرِية فقدْ طَال عهدُهم دُون عِقابٍ طوِيلاً ... وحرِيٌ بإدارةِ اليوِيفا أن تكُون أوّل المُحاربينَ لهؤلاءِ النازِيين الجُدد الذِينَ يُسيؤُون لسُمعة "السَاحِرة المُستدِيرة"،  ويفجِرونَ فِيها عُقدهمْ وأمْرَاضهمُ النفسِية الكثِيرة ..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النَازِيُون الجُدُدْ النَازِيُون الجُدُدْ



GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 06:05 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أم الألعاب"..خيبة متوقعة !!

GMT 19:13 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خواطر التدريب والمدربين

GMT 08:09 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف قاد فايلر الاهلي للسوبر بمساعدة ميتشو ؟

GMT 07:49 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف قاد فايلر الاهلي للسوبر بمساعدة ميتشو ؟

GMT 02:16 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لقجع رصده أل VAR قبل تطبيق أل VAR

GMT 02:16 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لقجع رصده أل VAR قبل تطبيق أل VAR

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 21:04 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة
 صوت الإمارات - الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates