محمود معروف يموت في الرباط قبل أن يتدبر تذكرة إلى رام الله

محمود معروف يموت في الرباط قبل أن يتدبر تذكرة إلى رام الله

محمود معروف يموت في الرباط قبل أن يتدبر تذكرة إلى رام الله

 صوت الإمارات -
الاعلامي محمود معروف
بقلم - بسام بدارين

هل يمكن للحياة-أي حياة- أن تستمر فعلا كما كانت بدون”أبو نبيل”؟.
“الغياب مر” خصوصا عندما يباغتك الموت فيخطف أعز الناس في لحظة وبدون مبرر ليبلغك بالحقيقة الأكثر مرارة..” الموت كالنار بدأ يلسع أطرافك”. إختبرت مرة على الاقل عام 2009 صاعقة الغياب لرفيق صديق..كان عمر الزين رحمه الله في عمان وكنت في كازبلانكا وقد وصلتها للتو فرحل عمر. وقتها إنشغل معي المرحوم اليوم محمود معروف في تدبير “تذكرة عودة” بأي طريقة حتى “أدفن صديق العمر”. رحمه الله كان يبتسم عندها على إنشغالاتي بالعودة السريعة للدفن وسألني على قهوة تحمل إسم باريس في الرباط: أي شغف مريض هذا بدفن صديقك؟..دعه يرحل يا بسام وإترك الدفن لعائلته.

قالها بصوته الهاديء المتحشرج : الموت كالولادة. دبر لي محمود تذكرة العودة بصعوبة حتى أتمكن من زيارة خالتي “أم عمر” على الاقل وتقبيل يديها. ترى..من يدبر لي تذكرة اليوم حتى أطير إلى الرباط لوداع أعز الرجال وأبهى رفاق الدرب والمهنة؟. قد اقف على قبره وإبتسم للمغادر الطازج وأقرأ الفاتحة واقول: يا أبا نبيل رحمك الله وغفر لك ها أنت أيها الساخر الدائم من الموت والدفن تهزمهما برحيل هاديء بلا ضجيج نكاية بالمغادرة وتتويجا لحب الحياة. أرجوك يا محمود…”عانق لي عمر ولو قليلا” فأشتياقي لكما لا يعادله إشتياق بعد الرحيل الموجع. أحب الرباط من قلبي وأهلها حماهم الله… لكن ثمة مدن مرتبطة برموزها في الوجدان ..قد ترحل من الذاكرة إذا رحلوا خصوصا عندما يجمع اهلها على “الدهشة” من ذلك “الفلسطيني الرائع” الذي يشتكي كبار الرباط منه بسبب صلابته في الايمان بوحدة التراب المغربي وتحفظه على اي مقترحات “متخاذلة” لها علاقة بملف الصحراء. أحب الرباط لإن فيها محمود ..تلك السيارة التي تتعطل في الطريق بسبب الفقر..طاجن اللحم المسروق خارج المدينة بعيدا عن رقابة”أم العيال” ..تلك التحايا والابتسامات التي يوزعها بكثافة اهل شارع محمد الخامس كلما عبر “الجبل” وبائع الصحف الذي يصر على ان يقرأ “سي محمود” مجانا لإحلال”البركة”.

صوت أبو الطيب –أطال الله في عمره- استاذنا الكبير رشاد أبو شاور وهو يصيح وسط المدينة بعد “مأدبتين” على الاقل…” أنت مقصر يا إبن معروف..يا أخي أين اللحم الضان؟” فيبتسم محمود ويتمتم..”عليكما اللعنة ولله لو أطعمتكما قطيعا من ألأغنام لما شبعتما”. الفقدان مر..أسرني ذلك المشهد: ثمة مشكلة بين رئيس وزراء واحد أقطاب حزبه وحكومته معقدة..فقط “محمود الفلسطيني” يعالجها فيجبرني على السفر معه إلى أغادير لتنفيذ”مصالحة بين كبار المغرب” لإكتشف لاحقا بأن محمود فقط بفلسطينيته المرعبة الوحيد القادر على تبديد اي خلاف بين أقطاب اللعبة.

سأشتاق لذلك الصوت..”إسمع يا أبو ليث ..ابلغ “الجماعة” اني سأحضر لعمان ليلة واحدة في طريقي للجسر ولا اريد إطلاقا ان يتجاوز تعطيلي في المطار “ساعة فقط”..هل هذا صعب على الاشقاء في الاردن؟..ويضيف: طبعا لديهم الحق بمنعي من العبور .. وساحترم اي قرار لو وفروا علي عناء العبور وقالوا”لا تحضر””..ثم زوجتي ستعبر ايضا بطريقها لبغداد ولديها “تأشيرة” ..إنقل رجائي لهم بعدم ضرورة تعطيلها ايضا وتوجيه نفس الاسئلة التي طرحت منذ 20 عاما ما دامت قد حصلت على تأشيرة اصلا”. يبتلع محمود ” الأب ” في وجداني وهو يصر كلما تبادلنا التحية على سؤاله الأول: ما هي اخبار صديقي عبود؟. كان عبود حماه الله في عمر عام ونصف سهر معي ومع “عمو محمود” فجرا “ذات مطار” وشارك بحماس في ترتيب حقيبة سفر الضيف فأصبح السؤال الاول لي بكل مرات التلاقي.

غريب ..كيف تنهمر الذكريات فجأة كالمطر عندما يأتيك الخبر الصاعق..”مات محمود…إستيقظ الساعة الخامسة فجرا وهو يسعل فجلبت له أم نبيل كأس مياه ثم سقط وغادر بلا إحم أو دستور وبدون مقدمات. تماما..هكذا ترحل الجبال فهي تسقط على هيئتها ولا تمرض وتتكوم في حضن أمنا الارض لكي نرتشف نحن وجع الرحيل قبل ان تبلغنا..”نحن السابقون وأنتم اللاحقون ..إستعدوا للإلتحاق”. قبل رحيله ب12 ساعة فقط كنت ابلغه بنتائج “تحرياتي” وحل مشكلته بقرار من الادارة العليا مع فرع البنك العربي بالرباط أملا في ان تنتهي كورونا الغبية فنسهر معا في عمان التي يحبها ويحترمها حتى يكمل طريقه فجرا نحو الجسر حيث “منزله الجديد” الذي بقي خلافا لرموز أوسلو يبنيه بالقطعة والتقسيط منذ 17 عاما. كان رحمه الله يقولها بوضوح..” اريد ان أتقاعد وأموت في رام الله”لكن قدرة الله لها ترتيب آخر فقد إحتضن تراب الرباط المدينة التي أحبها راحلنا الكبير جسد “سي او الأستاذ محمود” الذي ينشغل الناس ع

هل يمكن للحياة-أي حياة- أن تستمر فعلا كما كانت بدون”أبو نبيل”؟.
“الغياب مر” خصوصا عندما يباغتك الموت فيخطف أعز الناس في لحظة وبدون مبرر ليبلغك بالحقيقة الأكثر مرارة..” الموت كالنار بدأ يلسع أطرافك”. إختبرت مرة على الاقل عام 2009 صاعقة الغياب لرفيق صديق..كان عمر الزين رحمه الله في عمان وكنت في كازبلانكا وقد وصلتها للتو فرحل عمر. وقتها إنشغل معي المرحوم اليوم محمود معروف في تدبير “تذكرة عودة” بأي طريقة حتى “أدفن صديق العمر”. رحمه الله كان يبتسم عندها على إنشغالاتي بالعودة السريعة للدفن وسألني على قهوة تحمل إسم باريس في الرباط: أي شغف مريض هذا بدفن صديقك؟..دعه يرحل يا بسام وإترك الدفن لعائلته.

قالها بصوته الهاديء المتحشرج : الموت كالولادة. دبر لي محمود تذكرة العودة بصعوبة حتى أتمكن من زيارة خالتي “أم عمر” على الاقل وتقبيل يديها. ترى..من يدبر لي تذكرة اليوم حتى أطير إلى الرباط لوداع أعز الرجال وأبهى رفاق الدرب والمهنة؟. قد اقف على قبره وإبتسم للمغادر الطازج وأقرأ الفاتحة واقول: يا أبا نبيل رحمك الله وغفر لك ها أنت أيها الساخر الدائم من الموت والدفن تهزمهما برحيل هاديء بلا ضجيج نكاية بالمغادرة وتتويجا لحب الحياة. أرجوك يا محمود…”عانق لي عمر ولو قليلا” فأشتياقي لكما لا يعادله إشتياق بعد الرحيل الموجع. أحب الرباط من قلبي وأهلها حماهم الله… لكن ثمة مدن مرتبطة برموزها في الوجدان ..قد ترحل من الذاكرة إذا رحلوا خصوصا عندما يجمع اهلها على “الدهشة” من ذلك “الفلسطيني الرائع” الذي يشتكي كبار الرباط منه بسبب صلابته في الايمان بوحدة التراب المغربي وتحفظه على اي مقترحات “متخاذلة” لها علاقة بملف الصحراء. أحب الرباط لإن فيها محمود ..تلك السيارة التي تتعطل في الطريق بسبب الفقر..طاجن اللحم المسروق خارج المدينة بعيدا عن رقابة”أم العيال” ..تلك التحايا والابتسامات التي يوزعها بكثافة اهل شارع محمد الخامس كلما عبر “الجبل” وبائع الصحف الذي يصر على ان يقرأ “سي محمود” مجانا لإحلال”البركة”.

صوت أبو الطيب –أطال الله في عمره- استاذنا الكبير رشاد أبو شاور وهو يصيح وسط المدينة بعد “مأدبتين” على الاقل…” أنت مقصر يا إبن معروف..يا أخي أين اللحم الضان؟” فيبتسم محمود ويتمتم..”عليكما اللعنة ولله لو أطعمتكما قطيعا من ألأغنام لما شبعتما”. الفقدان مر..أسرني ذلك المشهد: ثمة مشكلة بين رئيس وزراء واحد أقطاب حزبه وحكومته معقدة..فقط “محمود الفلسطيني” يعالجها فيجبرني على السفر معه إلى أغادير لتنفيذ”مصالحة بين كبار المغرب” لإكتشف لاحقا بأن محمود فقط بفلسطينيته المرعبة الوحيد القادر على تبديد اي خلاف بين أقطاب اللعبة.

سأشتاق لذلك الصوت..”إسمع يا أبو ليث ..ابلغ “الجماعة” اني سأحضر لعمان ليلة واحدة في طريقي للجسر ولا اريد إطلاقا ان يتجاوز تعطيلي في المطار “ساعة فقط”..هل هذا صعب على الاشقاء في الاردن؟..ويضيف: طبعا لديهم الحق بمنعي من العبور .. وساحترم اي قرار لو وفروا علي عناء العبور وقالوا”لا تحضر””..ثم زوجتي ستعبر ايضا بطريقها لبغداد ولديها “تأشيرة” ..إنقل رجائي لهم بعدم ضرورة تعطيلها ايضا وتوجيه نفس الاسئلة التي طرحت منذ 20 عاما ما دامت قد حصلت على تأشيرة اصلا”. يبتلع محمود ” الأب ” في وجداني وهو يصر كلما تبادلنا التحية على سؤاله الأول: ما هي اخبار صديقي عبود؟. كان عبود حماه الله في عمر عام ونصف سهر معي ومع “عمو محمود” فجرا “ذات مطار” وشارك بحماس في ترتيب حقيبة سفر الضيف فأصبح السؤال الاول لي بكل مرات التلاقي.

غريب ..كيف تنهمر الذكريات فجأة كالمطر عندما يأتيك الخبر الصاعق..”مات محمود…إستيقظ الساعة الخامسة فجرا وهو يسعل فجلبت له أم نبيل كأس مياه ثم سقط وغادر بلا إحم أو دستور وبدون مقدمات. تماما..هكذا ترحل الجبال فهي تسقط على هيئتها ولا تمرض وتتكوم في حضن أمنا الارض لكي نرتشف نحن وجع الرحيل قبل ان تبلغنا..”نحن السابقون وأنتم اللاحقون ..إستعدوا للإلتحاق”. قبل رحيله ب12 ساعة فقط كنت ابلغه بنتائج “تحرياتي” وحل مشكلته بقرار من الادارة العليا مع فرع البنك العربي بالرباط أملا في ان تنتهي كورونا الغبية فنسهر معا في عمان التي يحبها ويحترمها حتى يكمل طريقه فجرا نحو الجسر حيث “منزله الجديد” الذي بقي خلافا لرموز أوسلو يبنيه بالقطعة والتقسيط منذ 17 عاما. كان رحمه الله يقولها بوضوح..” اريد ان أتقاعد وأموت في رام الله”لكن قدرة الله لها ترتيب آخر فقد إحتضن تراب الرباط المدينة التي أحبها راحلنا الكبير جسد “سي او الأستاذ محمود” الذي ينشغل الناس عندما يعبر أزقة المدينة او يجلس في مقاهيها فيهتفون للأقصى ولفلسطين ويرحبون بأكبر الإعلاميين العرب في وطنهم.

غيابك مر يا محمود وصاعق لكن سيرتك كانت وستبقى عطرة. لا حول ولا قوة إلا بإلله وإنا لله وإليه راجعون ابا نبيل الكبير فقدانك موجع والعزاء لفلسطين ولزوجتك الفاضلة الاستاذة والصديقة بحرية عدوان ولنبيل وشقيقتيه ولكل من أحبك ولآل معروف الكرام في الضفة ولبنان وسورية. أرجوك يا محمود…سلم لي على أمي وأبي وعمر…تسبقنا عزيزي رحمك الله وغفر لك ونلحق.

ندما يعبر أزقة المدينة او يجلس في مقاهيها فيهتفون للأقصى ولفلسطين ويرحبون بأكبر الإعلاميين العرب في وطنهم.غيابك مر يا محمود وصاعق لكن سيرتك كانت وستبقى عطرة. لا حول ولا قوة إلا بإلله وإنا لله وإليه راجعون ابا نبيل الكبير فقدانك موجع والعزاء لفلسطين ولزوجتك الفاضلة الاستاذة والصديقة بحرية عدوان ولنبيل وشقيقتيه ولكل من أحبك ولآل معروف الكرام في الضفة ولبنان وسورية. أرجوك يا محمود…سلم لي على أمي وأبي وعمر…تسبقنا عزيزي رحمك الله وغفر لك ونلحق.


قد يهمك ايضا :

تدشين المقر الرسمي لنادي الإعلاميين العرب "ريادة" في الأردن

رئيس اتحاد الإعلاميين العرب يحذر من عمليات نصب واحتيال باسم الإتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمود معروف يموت في الرباط قبل أن يتدبر تذكرة إلى رام الله محمود معروف يموت في الرباط قبل أن يتدبر تذكرة إلى رام الله



GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 18:48 2021 الأحد ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات جريئة مفعمة بالأنوثة من ميس حمدان

GMT 22:14 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"برنت" يتعافى من خسائر 8 في المائة ويقفز فوق 60 دولارًا

GMT 23:20 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

" SHA Wellness Clinic & Spa" في إسبانيا للباحثين عن الاسترخاء

GMT 09:46 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

"أراضي دبي" تنظم ملتقى عقاريًا بالتعاون مع البنك الدولي

GMT 07:10 2013 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤسسة الإمارات للطاقة النووية تسهم في تنويع إمدادات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates