المدارس السورية تبدأ العام الدراسي الجديد في أوضاع صعبة
آخر تحديث 15:24:16 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

محاولات لاستكمال المسيرة التعليمية في ظل الصراع الشرس

المدارس السورية تبدأ العام الدراسي الجديد في أوضاع صعبة

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - المدارس السورية تبدأ العام الدراسي الجديد في أوضاع صعبة

الطفلة جينا الإمام
دمشق - نور خوام

بدت الطفلة جينا الإمام ذات الستة أعوام غاضبة، حيث كانت تبكي بهدوء في اليوم الأول من المدرسة في دمشق، فكّر المعلمون في الاتصال بوالدتها إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إليهم عبر الهاتف، وبحلول منتصف الصباح نجح المعلمون في إقناع الطفلة بالخروج إلى الملعب للانضمام إلى الفتيات والفتيان الآخرين.

امتلأت المدرسة بالوجوه المبتسمة والملصقات الزاهية التي ترحب بالزائرين الجدد وسط قلق الآباء والأمهات، وفي محاولة لطمأنة الآباء ذكرت مديرة مدرسة "السماح بن مالك الخولاني" الابتدائية منى حمود، أن "كل شيء طبيعي قدر الإمكان في هذه الظروف"، وتترأس السيدة منى مؤسسة تعليمية مزدحمة للغاية، حيث تضم المدرسة 1350 تلميذًا في 24 فصلًا دراسيًا بمعدل حوالي 56 تلميذًا في كل فصل، فضلا عن وجود بعض اللاجئين الذين يشكلون 65% من مجموع الطلاب.

وأوضحت منى "لدينا أطفال في عمر 9 و10 و11 عامًا لم يذهبوا إلى المدرسة منذ بداية الحرب، ولذلك فنحن لدينا منهج مرن خاص لمساعدتهم على اللحاق بزملائهم"، وعلى سبيل المثال هناك طالب يدعى محمد انضم إلى المدرسة من الصف الرابع عندما عاد من لبنان، ولم يكن ذهب إلى المدرسة هناك، وبدا محمد سعيدا بتوزيع الطباشير وكتب التدريبات وأدوات الرياضيات ذات اللون الأسود للفتيان وباللون الأحمر للفتيات، وتحمل الأدوات شعار وكالة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" التي تلعب دورا حيويا في ضمان مجانية التعليم في الدول التي مزقتها الحروب ويفر أعداد كبيرة من مواطنيها.

وأعرب التلاميذ ذوو الستة أعوام عن سعادتهم في اليوم الأول في المدرسة بعد تقديم عرض مبهج بواسطة منسق اليونيسيف إبراهيم فرح بعنوان "العودة إلى التعلم" بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم السورية، وكشف أحمد أحد الطلاب عن رغبته في أن يصبح طبيبا.

وتعاني سورية اليوم من أصداء الصراعات السياسية، فيمكن سماع أصوات النيرات والقذائف التي تستهدف المتمردين في دمشق، كما استهدف مركز للشرطة في حي المديان من خلال تفجير انتحاري في المراحل الأولى من الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وهناك حاليا أكشاك لبيع الفواكه والخضراوات تحت الجسر الذي عرضت عليه رأس الانتحاري.

ويستدعي اسم المدرسة الابتدائية فترة الفتح العربي لإسبانيا في القرن السابع الميلادي، وتزين صورة الرئيس كل الفصول بجانب كلمات النشيد الوطني والملصقات حول رواد البعث، ورسم على الجدران الخارجية للمدرسة شعارات تشيد بالرئيس الأسد مثل "أمة بقيادة الأسد لن تركع" و" الجيش العربي السوري للدفاع عن منازلنا".

وأشارت السيدة منى إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي وازدحام المدرسة بالمشردين داخليا، ما يعد من أكبر التحديات التي تواجهها المدرسة، فضلا عن المخاطر العادية التي لا مفر منها، وأضافت المستشارة مريم محمود أن "معظم المشاكل التي نواجهها ليست تعليمية لكنها نفسية مرتبطة بالخوف والعنف، ويعتبر العدوان صفة شائعة بين التلاميذ فهم يضربون بعضهم البعض بسبب ما شاهدوه في الحياة الواقعية وعلى شاشات التليفزيون".

وظهر والد الطفل محمد ووالدته بشكل بائس بعد فشلهم في تسجيل طفليهما في المدرسة التي تحظى بسمعة طيبة وتعمل لفترة واحدة على عكس بقية المدارس، حيث لم ينجح الزوجان في تقديم ما يثبت عنوان إقامتهم المحلية وهو ما يتطلب التعامل مع الأجهزة الأمنية، ولا أحد يريد أن يخاطر بهذا إذا ترك المناطق التي يسيطر عليها المتمردون واتجه للعيش في مساكن مؤقتة تحت سيطرة الحكومة.

وكشف مدير عام وزارة التربية والتعليم والتعاون الدولي وفيق الحديد، أنه في مناطق مجاورة مثل دوما، وأجزاء أخرى من منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها جماعات المعارضة المسلحة، لا تزال المدارس تعمل ويتقاضى المعلمون أجورهم بشكل روتيني على الأقل ولكن غير مسموح لهم بالذهاب إلى هناك.

وترتبط بعض المخاوف باحتمالية فرض مناهج محافظة من قبل المتمردين الإسلاميين، حيث قتل 104 فرد من بين 377 شخصًا في هجمات حكومية الشهر الماضي وفقا لما أعلنته منظمة "أطباء بلا حدود" في منطقة دوما، وتلتزم منظمة "اليونيسيف" بدعم التعليم في كل مكان بما في ذلك الأماكن التي يصعب الوصول إليها والتي يعيش فيها حوالي ثلث الطلاب، وتكافح المنظمة من أجل جمع التمويلات اللازمة، ويصعب تجاوز العقبات البيروقراطية مثل المخاطر الجسدية.

وفاز النظام التعليمي السوري بعلامات عالية في المعايير والقيد حتى عام 2011/ ولكن حاليا يوجد حوالي 2 مليون طفل خارج المدرسة داخل البلاد، بينما يتواجد أكثر من 700 ألف طفل بالخارج، وتحطمت واحدة من كل 4 مدارس ولا يمكن استخدامها مرة أخرى فضلا عن قتل وهروب حوالي 50 ألف معلم.

وذكرت المدير المحلي لـ"أليونيسيف" هناء سينجر  "يعتبر التعليم في سورية حرفيا تحت النار، وأصبحت سورية بلد الصدمات النفسية، ويتعرض الأطفال للصدمات في كل مكان في حمص وحلب واللاذقية، وكانت المرة الوحيدة التي رأيت فيها الأطفال يضحكون عندما كانوا في المدرسة".

ولا يزال 3.8 مليون طالب يتعلم في سورية من خلال مدرسة "الإسعاف الخيري" في دمشق، وهي مؤسسة خيرية يديرها مجتمع الأعمال المحلي، وتقوم المدرسة بأبعد من اختصاصاتها القديمة الممثلة في تعليم الأيتام، حيث أصبحت تهتم بتعليم من فقدوا والديهم بسبب الأزمة التي تواجهها البلاد.

وبيّنت المعلمة أمل محمد التي غيرتها الحرب أيضا "اعتدت أن أكون قاسية بعض الشيء لكني أصبحت متسامحة الآن، فإذا حضر الطلاب متأخرين أو لم ينتهوا من واجباتهم المدرسية فأنا أعلم أنهم يمرون بالكثير من نقاط التفتيش وأنهم يواجهون ظروفًا صعبة في منازلهم".

وتعتبر الرغبة في التعليم في ظل هذه الظروف القاسية محاولة مثيرة للإعجاب، حيث يحاول الطالب ماجد (12 عامًا) استكمال تعليمه، وهو صبي فلسطيني يعيش في مخيم اليرموك للاجئين الذي يسيطر عليه "داعش" حاليا، ويحظى ماجد بمعرفة جيدة باللغة الإنجليزية ويحرص على إظهار ذلك، بينما ذكر الطفل السوري عبد الهادي (10 أعوام) الذي لا يعرف  كيف توفي والده، لكنه يعيش مع والدته في إحدى المناطق التي تحاصرها الحكومة "معظم الطرق مغلقة"، وتنقل عبد الهادي للعيش مع جدته وغيرها من الأقارب، ويأمل المعلمون أن يحظى بالاستقرار نسبيا بحلول نهاية الأسبوع.

ويرغب عبد الهادي في دراسة كل شيء ولديه طموح غير عادى للمستقبل، وأضاف عبد الهادي بفخر "أريد أن أكون نائب الرئيس"، ويبدو أن هذا المنصب لن يكون متاحًا لبعض الوقت في عقل الصبي السوري المحب لوطنه.

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدارس السورية تبدأ العام الدراسي الجديد في أوضاع صعبة المدارس السورية تبدأ العام الدراسي الجديد في أوضاع صعبة



GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates