تطهير بخاخة المُطهِّر
أخر الأخبار

تطهير بخاخة المُطهِّر

تطهير بخاخة المُطهِّر

 صوت الإمارات -

تطهير بخاخة المُطهِّر

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

بكل تأكيد، السخرية ليست مقصد العنوان أعلاه - أعود إلى قصته لاحقاً - فالأمر لا يحتمل أي هزل، إذ واضحٌ أن العالم أجمع بلغ حداً من الخوف لم يعد ممكناً معه الخوض في أي موضوع غير «كورونا»، وبوسع كل ذي سمع وبصر أن يلاحظ كيف أن أهل الأرض صاروا يُمسون وقد غشاهم هلع، ويصبحون، إذا أفاقوا، مذعورين، يتفقد كل واحد منهم، ومنهن، ماذا لمس، أين وضع الكف، وأي جزء من الجسم تحسس باليد، وهل نسي فصافح أحداً، أو عطس قريباً منه بشر، كي يسارع إلى بخاخة المطهّر، إذا كان المرء سعيد الحظ فوجد واحدة منها، آملاً ألا ينتهي مخزونها أبداً، ما بقي شبح ذلك الفيروس الغامض يتنفس بأي مكان على سطح كوكب لم يشهد مثيلاً لما أوجد من رعب.
هل قلت إن الرعب غير مسبوق؟ نعم. قول غير صحيح. الواقع أن البشر مروا عبر القرون بعصور شهدت انتشار أكثر من وباء أزهق أرواح ملايين الناس، وقد سبق أن تناول عدد من كتّاب «الشرق الأوسط» وكاتباتها تلك الأوبئة الفتاكة بشرح مفصّل. لكن ذاك زمن لم يكن العالم خلاله مترابط الأوصال من خلال خيوط شبكة الإنترنت. عندما تفشّت الإنفلونزا الإسبانية، أو الطاعون الأسود، أو الكوليرا، لم تكن هناك فضائيات، ولا منصات تواصل تبث ما قد يصدق من معلومات، وما يزُيّف، ولذا لم يكن الخوف يدب في عروق البشر، بسرعة البرق، فيسري في الشرايين كأنه نمل يعرف بالضبط كيف يسرق النوم من أبناء وبنات آدم وحواء، بلا تفريق بين عرق أو لون أو جنس، أو دين. بل وحتى أمس قريب، لم يحدث مثل هذا الرعب إزاء إنفلونزا الطيور، أو غيرها من أشكال الإنفلونزا، سواء العادية، أو الخطرة.
أيعني ما سبق تحميل ثورة وسائل الاتصالات، تحديداً، مسؤولية نشر الخوف بين البشر على نحو غير مسبوق؟ كلا، ليس بإطلاق. ونعم، جائز القول إن تطور أدوات التواصل الإعلامي أوصل إلى تسريع توصيل المعلومات للجمهور المُستهدَف، صحيحها من جهة، وكاذبها في الجهة المقابلة، ما أدى بدوره إلى رفع مستوى انتشار الهلع بين سكان الأرض بشكل تجاوز كل الحدود والتوقعات. ضمن هذا السياق، يتحمل أسلوب وغرض استخدام ثورة الاتصالات، وليس الثورة ذاتها، من قِبل أطراف ذوي أجندات محددة الأهداف، بعض المسؤولية، ليس فيما يتعلق بالأمراض فحسب، وإنما أيضاً في تعميم الرعب الذي يعمّ أرجاء الكوكب فجأة، ثم يهدأ إلى حين، إزاء قرب انفجار حرب كونية نووية، وكذلك بشأن إرهاب التطرف، خصوصاً بعد جرائم 11-9-2001 على وجه التحديد.
أين الخطأ، إذا وُجِد، في هكذا تعامل مخيف مع اكتشاف فيروس قاتل، كما «كورونا»؟ بدءاً، معروفٌ أن الخوف ذاته، لأي سبب، يُحتمل أن يقتل. تزداد خطورة الاحتمال بين كبار السن تحديداً، وتزيد أكثر إذا كانوا يعانون متاعب صحية خطيرة، كأمراض القلب، مثلاً، أو أي من أشكال السرطان. عندما تبث وسائل الإعلام، طوال النهار والليل، على مدار الأربع والعشرين ساعة أنباء انتشار الوباء عالمياً بشكل سريع، ما الذي يُتوَقَع من قلب مريض يعاني من بطء أو تسارع خفقان القلب، وربما كليهما؟ نعم، كل فيروس خطير، «كورونا» أو غيره، حدث ليس ممكناً، وليس مقبولاً، غض النظر عن لفت أنظار الناس إلى خطورته وضرورة الأخذ بأسباب الوقاية منه. إنما، لفت النظر على النحو المرعب، كما حصل في الأسابيع الأخيرة، غير مسبوق إطلاقاً، ومن ثمّ ليس من السهل إغماض العينين، وإغلاق الأذنين كلياً، بغرض تجاهل وجهات نظر ترى أن هذه المبالغة ليست بريئة تماماً.
ما الهدف إذنْ؟ الإنترنت مليئة بالنظريات، السخيف منها والممكن التأمل في احتمالاته، خصوصاً ما يشير إلى التبعات الاقتصادية لما جرى، وما سوف يجري لاحقاً. يبقى أن أختم بقصة عنوان المقال. جاري ذاته، الذي أشرت إليه هنا الأربعاء قبل الماضي، فوجئت به يسألني: هل تطهر بخاخة المطهّر؟ سألت: ماذا تقصد؟ أجاب: الأفضل أن تبخ منها سطح كفيك، فتمسح بهما البخاخة أولاً، وتستخدمها من جديد. هززت رأسي مبتسماً، ثم بيني وبين نفسي رددت: بَخٍ بَخٍ. مع ذلك، سرعان ما قررت الأخذ بنصيحته، إذ من يدري، لعله على صواب. حقاً، إلى أين ستوصل العالم بارانويا «كورونا»؟ العلم عند عالم الغيب وحده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطهير بخاخة المُطهِّر تطهير بخاخة المُطهِّر



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ صوت الإمارات
المخرجة اللبنانية نادين لبكي باتت حديث الجمهور خلال الساعات الماضية بعد أن تم اختيارها لتكون عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لنسخة مهرجان كام السينمائي الـ77، والتي ستقام ما بين 14 و25 مايو القادم، وذلك بعد أن سبق لنادين لبكي وقد شاركت كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقة "نظرة ما" عام 2015، وبمجرد أن تم الإعلان عن الخبر حرص جمهور نادين لبكي على تسليط الضوء على أجمل إطلالاتها التي ظهرت بها في بعض المهرجانات الفنية والتي تميزت بالبساطة والرقي في كل مرة. نادين لبكي سبق وقد ظهرت في إحدى الفعاليات الفنية بأحد المهرجانات مؤخرًا وهي مرتدية فستان باللون الأسود الذي يبدو وأنها تعشق الظهور به باستمرار، وجاء الفستان طويلًا ومجسمًا وبصيحة الكب، مع فتحات عند منطقة الخصر، وانسدل الفستان مريحًا بداية من تلك المنطقة�...المزيد

GMT 23:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 صوت الإمارات - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 صوت الإمارات - جامعة الإمارات تتصدر تصنيفات «كيو إس» العالمية

GMT 02:26 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

معرض لمقتنيات رواد المسرح والموسيقي

GMT 10:42 2013 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بدء معرض الخرج الأول للعملات السعودية والعالمية الاحد

GMT 22:30 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح الدورة السادسة من مهرجان سماع الدولي 16 نوفمبر

GMT 18:28 2016 الإثنين ,15 شباط / فبراير

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها

GMT 02:10 2013 الخميس ,25 إبريل / نيسان

معرض لنوادر ومقتنيات الدكتور جمال حمدان

GMT 13:18 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

"إبداعات مصرية" معرض تشكيلي في الأوبرا

GMT 18:13 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مطعم ياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 10:01 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"الكفاح الأميركي" أحسن فيلم في رأي نقاد نيويورك

GMT 11:44 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إقامة معرض للکتب الایرانیة في أفغانستان

GMT 16:18 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

هايدي كلوم بثوب أسود عاري الصدر والظهر

GMT 12:03 2013 السبت ,20 تموز / يوليو

ريهانا مثيرة في بدلة ليكرا عليها جلد النمر

GMT 13:55 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

زيادة حرارة الأرض تغيّر تفاصيل موسم الربيع

GMT 01:11 2013 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

l’oréal paris"" يخلصك من علامات تقدم السن

GMT 06:36 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

حرارة المحيطات ترتفع بدرجة أسرع من المتوقع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates