يا رئيس جامعة بني سويف  أعرض عن هذا

يا رئيس جامعة بني سويف .. أعرض عن هذا!

يا رئيس جامعة بني سويف .. أعرض عن هذا!

 صوت الإمارات -

يا رئيس جامعة بني سويف  أعرض عن هذا

عمار علي حسن
بقلم - عمار علي حسن

ليس من المعقول أن رئيس جامعة بني سويف الأستاذ الدكتور منصور حسن لا يدرك أن الحرية الأكاديمية قيمة لا يمكن التفريط فيها، وأن العلم يقتضي من صاحبه التدقيق والتروي والاطمئنان إلى الحكم بعد طول فهم وتجريب، وأن رئيس الجامعة، لا يجب أن ينشغل بتخصصه الضيق فقط، إنما ينفتح على المجالات العلمية والمعرفية كافة، ليس إلماما وتبحرا، إنما فهما لمقتضياتها في الإنسانيات والطبيعيات.

لهذا كله كنت أتوقع من الرجل أن يعيد النظر فيما فعله مع د. عبدالرحيم درويش الأستاذ بكلية الإعلام ووكيلها والروائي، الذي وقع عليه عقوبة باتهامات لا تصمد أمام نفثة مصدور، ولا نفخة غاضب من هذا الفعل الغريب.

لقد كتبت من قبل باختصار عن إيقاف درويش عن العمل بحجة أنه قد قرر روايته "اثنان أربع ستات" على الطلاب، وأنه يتفوه بألفاظ خارجة في المحاضرة، وقلت إن هذه شكوى كيدية استهدفت بالأساس إزاحة الرجل من الوصول إلى منصب عميد الكلية لحساب غيره، وجاء رد د. منصور متعجلا، يدور حول المسألة ولا يصل إلى لبها، ويسد الذرائع، ولا يعالج الوقائع، وكأنه يملأ خانات باردة في ورقة مكتبية عابرة، وليس في أمر يتعلق بحق مهضوم لأستاذ هو من مرؤوسيه إداريا، ولا سلطان على عقله ووجدانه إنسانيا وعلميا، إلا ضميره، وبغير هذا لا معنى لأستاذية في الجامعة، فدون حرية أكاديمية تتحول الجامعات إلى مؤسسات بيروقراطية كئيبة كالحة، تطحن كلاما والحصيلة صفر.

قرأت الرواية التي يقول الاتهام إنها تعادي الدولة وتميل إلى جماعة الإخوان، وفي الوقت ذاته تحتوي على ألفاظ جنسية، وهو اتهام فيه تناقض ابتداء، فضلا عن أنه غير حقيقي من أصله، فالراواية عمل فانتازي يتخيل مؤلفها أن العالم سيصبح عام 2666 تحت سيطرة النساء، بينما يؤدي الرجل دور المرأة الآن، أي نعود إلى المجتمع الأمومي الذي يقول الإنثربولوجيون أنه كان سائدا في زمن بعيد.

وحتى لو كان الرواية فيها نقد للسلطة، وهو غير صحيح، فإن من حق الأديب أن ينقد، إذ أن نقد السائد ضرورة فنية وعلمية في آن، وهو الجسر الذي يوصلنا إلى إبداع الجديد، وإلا عاشت المعرفة ووقف العلم عند حدود جمع المتفرق وترتيب المبعثر، وصار "الحفظة المتعالمون" هم علية العلماء والأدباء.

لقد شهد ثلاثة من أعضاء اتحاد الكتاب بأن هذه الرواية عمل فني، وكتبت عنها مقالات نقدية عدة في هذا الإطار، وعقدت ندوة بملتقى السرد العربي، ولم يقل أحد ممن شهدوا فيها ولها، وقرأوها ونقدوها وتحدثوا عنها، شيئا مما تم تقديمه في هذه الشكوى التي يظهر فيها الكيد وسوء النية عيانا بيانا، حتى لذي عين كليلة، وذهن شارد.

وأضم صوتي إلى كل هذه الأصوات، التي تعاملت مع المكتوب على أنه عمل فني وليس منشورا سياسيا. كما أن الكاتب لم يفرض روايته على طلابه، وهذا ثابت من الشهادات، إنما طرحها أمام القارئ العام، فإن اشتراها أحد طلابه وقرأها فهذا ليس من اختصاص الجامعة، التي من واجبها أن تشجع طلابها على الثقافة بل تحرضهم، لا أن تضع بينهم وبينها جدرانا سميكة عالية. علاوة على هذا فإن د. درويش يدرس مادة "التربية الإعلامية" بما لا مجال معها للتطرق إلى روايته.

لقد كتبت من قبل إن رئيس الجامعة كان عليه، في أقصى سلطان له إزاء مسألة من هذا القبيل، أن يعهد الأمر إلى أساتذة النقد الأدبي ليقرأوا الرواية ويدلوا بإفادتهم فيها، وذك في حال ما إذا كانت مقررة على الطلاب، فما بالنا بأنها ليست كذلك.

ولهذا تعجبت من التسرع في الحكم، لا سيما مع تقارب تواريخ الوقف عن العمل والتحقيق والإحالة للتأديب ثم العقوبة. وكأن هناك دافعا قويا لإنهاء المسألة في سرعة شديدة، لهدف مقصود، ونية مبيتة.

أما عن اتهام درويش بأنه يتفوه بما لا يليق فقد بحثت على "اليوتيوب" فوجدت له محاضرات عدة مسجلة بالصوت والصورة، فاستمعت إليها، فوجدته محاضرا لبقا، يبرع في ضرب الأمثلة، ولديه معرفة من هنا وهناك، تعب في تحصيلها، كما أن طريقته في التقرب من أذهان طلابه تدعو إلى مكافأته وليس عقابه، ومن ينصت إلى محاضراته تلك لا يمكنه أن يتعقبه على هذا النحو الغريب.

لكن د. منصور، قفز إلى عقاب داخل الجامعة يبدو في نظر القانونيين مخالفة صريحة للمادة 96 من قانون تنظيم الجامعات، إذ قرر مجلس التأديب مجازاة د. درويش بعقوبة "اللوم من تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر"، فكان فيه ما يبرر للمعاقب أن يقول إنه عقوبة مقصودة لإزاحتي لحساب آخر، لا سيما أن هناك عيبا فاضحا في الإجراءات التي ساقت إلى هذه العقوبة، وفسادا واضحا في الاستدلال الذي بنيت عليه.

إن الذي دفعني إلى إعادة طرح هذه المسألة في مقالي هذا، ليس رد رئيس الجامعة الذي جاء عابرا باهتا لا شيء فيه سوى التبرير غير الراسخ في المعرفة ولا القانون ولا مقتضيات الوظيفة الكبرى، إنما حصول د. درويش قبل أيام على جائزة إحسان عبدالقدوس في الرواية، وهو إنصاف جاءه من حيث لا يحتسب، وحري بمن ظلموه أن يعرضوا عما ارتكبوه بدلا من الاستمرار في هذا، وأن يرفعوا عنه هذه العقوبة، بل ويحتفوا به على جائزة تحمل اسم أحد أعلام الأدب العربي، ويا للمصادفة، فقد كان هناك من يوجه إلى رواياته الاتهام نفسه الذي وجه إلى رواية "اثنان أربع ستات".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا رئيس جامعة بني سويف  أعرض عن هذا يا رئيس جامعة بني سويف  أعرض عن هذا



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 21:04 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة
 صوت الإمارات - الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي

GMT 05:39 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

مهرجان صيف الخرج الـ 39 ينطلق بمدينة السيح

GMT 21:52 2014 الخميس ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفرو موضة التسعينات التي عادت بقوة هذا الموسم

GMT 20:55 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"مركز إبداع" الإسكندرية يقيم معرض "جرافيك"

GMT 10:06 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

لون أزرق مضيء لإطلالة راقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates