حكومة يؤلّفها مؤلّفان

حكومة يؤلّفها مؤلّفان...

حكومة يؤلّفها مؤلّفان...

 صوت الإمارات -

حكومة يؤلّفها مؤلّفان

طارق ترشيشي
بقلم - طارق ترشيشي

ثمّة احتمال ضئيل لولادة حكومة قبَيل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 22 من الجاري الى لبنان او بُعيد وصوله، يقابله احتمال آخر هو أن تتأخر الولادة الحكومية الى ما بعد دخول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل. ولكن بين الاحتمالين «أبحرٌ وجبالٌ» من الخلافات والتناقضات بل والكيديات والمناحرات بين المعنيين بهذا الاستحقاق الحكومي، تبدأ بالدستوري ولا تنتهي بالسياسي.

بات واضحاً انّ الخلاف على التأليف الحكومي يتكوّن من مجموعة عوامل، منها الداخلي ومنها الاقليمي والدولي، وإن كان البعض يعتبر انّ العوامل الداخلية تتقدم في تعطيل هذا التأليف على العوامل الخارجية، ويعتبر انّ ما حصل في اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري أظهَرَ انّ هناك مؤلفَين للحكومة لا المؤلف الواحد الذي فاز في التسمية خلال الاستشارات النيابية الملزمة، وهذين المؤلفين هما رئيس الجمهورية والرئيس الملكف. فالحريري سَلّمه في ذلك اللقاء تشكيلة وزارية، فرَدّ، بحسب قول البعض، مُسلّماً إيّاه «تشكيلة المعايير» التي عليه مراعاتها في التأليف وهي ترقى الى مرتبة ان تكون تشكيلة وزارية، فغادر الحريري اللقاء من دون ان يُعرف ما اذا كانت حصلت مزاوجة بين التشكيلتين ام لا، لكنّ الواضح انّ كلام الحريري عن «الجو الايجابي» كان من باب تلافي إظهار التوتر على منبر القصر الجمهوري.

 

وقد تَكشّفَ من مطاوي ما يحصل انّ هناك خلافاً على حدود الصلاحيات في تأليف الحكومة بين عون والحريري، فالاول يتسلح بالمادة 53 من الدستور التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث تنص في فقرتها الرابعة على الآتي: «يُصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء او إقالتهم». فعون يعتبر انّ عبارة «بالاتفاق» تعطي رئيس الجمهورية صلاحية ان يكون شريكاً فعلياً للرئيس المكلف في تأليف الحكومة وليس شريكاً ثانوياً، وهو في النهاية اذا لم يوقّع مرسوم تأليف الحكومة لا تولد هذه الحكومة. في المقابل، إنّ الحريري يعتبر انّ للرئيس المكلف مُطلق الصلاحية في مهمة تأليف الحكومة، وانّ دور رئيس الجمهورية ينبغي ان يكون رافداً ومساعداً له على تكوين فريق وزاري متعاون ومنسجم بما يشكل سلطة تنفيذية فاعلة ومنتجة. ويتسلح الحريري في هذا المجال بالمادة 64 من الدستور التي تحدد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، حيث تنص في الفقرة الثانية منها على الآتي: «يُجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها (...)».


 
 

وفي ضوء هذا النص، يعتبر الحريري انّ صلاحية تأليف الحكومة هي للرئيس المكلف بالدرجة الاولى بحيث يشكّلها، ويوقّع مرسوم تشكيلها مع رئيس الجمهورية.


 

ويرى فريق من اصحاب الخبرة في هذا المجال ان لا رئيس الجمهورية يُحسن التصرف الدستوري والسياسي في تأليف الحكومة ولا الحريري يحسن هذا التصرف ايضاً. فالدستور المنبثق من «اتفاق الطائف» لا يعطي رئيس الجمهورية حَق ان تكون له حصة وزارية، لأنه «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن»، أي الراعي الصالح والحَكم بين الجميع، بدليل انه لم يعط حق التصويت على القرارات في جلسات مجلس الوزراء التي، بحسب الدستور، في إمكانه ان يحضرها ويترأسها «عندما يشاء من دون ان يحق له التصويت» لأنّ السلطة التنفيذية التي كانت في يده قبل «إتفاق الطائف» ويتولّاها بمعاونة وزراء يختار من بينهم رئيس الوزراء باتت بموجب دستور «الطائف» في يد مجلس وزراء يجمع كل ألوان الطيف الطائفي والمذهبي والسياسي مكوّناً سلطة وطنية جامعة... ولذلك ينبغي ان تكون كل الحكومات بعد «اتفاق الطائف» حكومات وفاق وطني تجسّد هذه السلطة التنفيذية الجامعة.

 

وفي هذا السياق يخطىء الرئيس المكلف عندما يبادر الى تأليف حكومة من دون التشاور مع الكتل النيابية التي من دون تأييدها لا تنال حكومته العتيدة ثقة المجلس النيابي، وحتى لو أراد تأليف حكومة الحياديين وغير الحزبيين التي ينادي بها ويتمسّك، فإنّ مثل هذه الحكومة يجب ان تحظى بوفاق وطني حولها يدعمها ويغطيها. وبالاضافة الى ذلك، فإنّ على الرئيس المكلف ان يأخذ في حسبانه نتائج الانتخابات النيابية التي جرت عام 2018 وأنتجت المجلس النيابي الحالي، فيُشَكّل حكومة تراعي التمثيل والتوزان السياسيين في البلاد، سواء اراد ان تكون حكومته برلمانية او برلمانية مطعمة اومن خارج المجلس النيابي كلياً، لأنّ «اتفاق الطائف» يلزم حكوميّاً بمراعاة الوفاق الوطني كيفما كان شكل الحكومة وحجمها والمواصفات.

على انّ الرأي العام اللبناني الذي يتزايد سخطه على كل المنظومة السياسية ويتهمها بإيصال البلاد الى الانهيار، يستغرب كيف انّ هذه المنظومة تَتشاحَن وتَتناحر يوميّاً حول الحكومة والحصص الوزارية اعداداً وأسماء وحقائب، فيما البلد بات في الحضيض ويستدعي تأليف الحكومة اليوم قبل الغد، لتنكَبّ على إنقاذه واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي به حتى يحصل على الدعم اللازم لتحقيق الانقاذ المطلوب.

ولذلك، وفي ظل الجو الرمادي السائد، يرى البعض انّ النافذة الفرنسية باتت الوحيدة التي تشكل «رأس الجسر» المطلوب لفتح ابواب الانقاذ بعدما أدارَ العرب والغربيون عموماً وجوههم عن لبنان الى أجل غير معلوم... وفي هذا السياق ينتظر الجميع وصول الرئيس الفرنسي الى بيروت معوّلين على ان تكون زيارته دافعاً لتأليف الحكومة خلال ما تبقّى من الشهر الجاري، حتى لا يُفتح سجل انتظار آخر على وَقع روزنامة الادارة الاميركية الجديدة التي ما تزال غير واضحة الاهتمامات والاولويات في انتظار دخول سيّدها الجديد الى البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة يؤلّفها مؤلّفان حكومة يؤلّفها مؤلّفان



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

أبوظبي ـ صوت الإمارات
تحتفل اليوم الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد التي تحظى بشهرة واسعة تخطت حدود الوطن العربي وصولا لعالم هوليوود، ورافقت ريا الأناقة الناعمة في أشهر فعاليات الموضة والفن حول العالم على مدار سنوات من التوهج والنجاح المهني، واليوم تزامنا مع عيد ميلادها الـ47، سنأخذكم في جولة سريعة نتذكر خلالها بعض من إطلالات الإعلامية العالمية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار المجوهرات العريقة Bulgari، وأول امرأة عربية تصبح سفيرة للنوايا الحسنة لمفوضية اللاجئين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. أحدث ظهور لريا أبي راشد بصيحة الجمبسوت منذ أيام سحرت الإعلامية ريا أبي راشد متابعيها بإطلالة ناعمة قامت بنشر صورها عبر حسابها الخاص على انستجرام، عبارة عن جمبسوت ناعم باللون الأبيض الموحد من توقيع Alex Perry، تميز بالأرجل الواسعة مع ياقة القلب ذات الأكتاف المكشوف...المزيد

GMT 06:37 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

بندر الأحبابي يعرب عن سعادته بأول أهدافه

GMT 14:30 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فهمي يؤكّد أن الشباب سيدفع فاتورة التغيرات المناخية

GMT 18:38 2020 الأحد ,23 شباط / فبراير

«إل جي» توفر تقنية 8K في شاشات الترفيه

GMT 17:02 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"Hennessey" تُقدِّم نسخًا مُعدِّلة وقوية مِن سيارات "فورد"

GMT 08:18 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة GoPro تعتزم الدخول في سوق الطائرات بدون طيار

GMT 11:00 2013 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أبل على وشك إطلاق "الراديو الموسيقي"

GMT 12:34 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

وضعوا الكثير من الريش حتى أوشك على الطيران

GMT 04:58 2013 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

"قصة وطني" يروي قصة تأسيس أعرق مصرف في الخليج

GMT 01:40 2015 الجمعة ,30 كانون الثاني / يناير

تغيير موعد إقامة مهرجان الغردقة الدولي لمسرح الطفل

GMT 00:03 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الطاقة الأردنية ترفع مقترحاتها بشأن التعرفة الكهربائية

GMT 10:29 2014 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الورد البلدي يزيّن المنزل بعجينة "البلاستيك"

GMT 11:36 2016 السبت ,02 إبريل / نيسان

تألقي مع أجمل الحقائب الملونة هذا الموسم

GMT 12:49 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

تمارين بسيطة تساهم في التخلص من الوزن الزائد

GMT 17:46 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تكليف هشام نصر بمهمة المتحدث الرسمي لاتحاد اليد المصري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates