إمبراطورية فاتن

إمبراطورية فاتن

إمبراطورية فاتن

 صوت الإمارات -

إمبراطورية فاتن

بقلم - إنعام كجه جي

يعيد التلفزيون عرض «إمبراطورية ميم». لا يدري المتفرج كم مرة شاهد الفيلم؛ لكنه يبقى يتابعه ويتمتع بأدائها، هي فاتن حمامة التي تملك حضوراً عجيباً. تجدها بين عدد من حسناوات الشاشة فلا ترى غيرها. في نظرتها جاذبية جبل من المغناطيس. وهي ليست نظرة غواية أو شقاوة أو تحدٍّ؛ بل كلام تتمتم به عيناها مثل صلاة.
يتجادلون حول فاتن وشادية. من منهما سكنت أكثر في وجدان الجماهير؟ يقضي الإنصاف بتجنب هذه المفاضلة. كأنك تقارن بين القاهرة والإسكندرية. مدينتان عظيمتان تجمعهما مفردات كثيرة ولا تتشابهان. لشادية مملكتها ولفاتن إمبراطوريتها. والسينما أرض صراع ولقاء.
أخذوا على فاتن حمامة التي تحل هذه الأيام ذكرى مولدها، أنها تتمتع بشياكة طبيعية ولا تصلح لدور الفلاحة وبنت البلد. لكن عزيزة نجحت في «الحرام»، وآمنة كانت بارعة في «دعاء الكروان»، وكذلك عيشة في «يوم حلو ويوم مر».
لكي تجيد دور عزيزة، ذهبت فاتن لتقيم في الصعيد، وتراقب حركات الفلاحات وكلامهن وطريقتهن في المشي. تعترف بأنها رغم ذلك كانت تخطئ وتصحح الخطأ. اقتضى الدور أن تجلس أمام «طشت الغسيل». ولفتت زميلتها رجاء حسين انتباهها إلى أنها تعصر الثياب بطريقة قاهرية، والفلاحات يعصرنها في الاتجاه المعاكس.
طبعها الأنيق جعلها ترتاح للتعامل مع هنري بركات. مخرج يتكلم الفرنسية ويشتغل بهدوء. تقول إنها لا تحب مخرجاً عالي الصوت «يشخط في الكومبارس». مع هذا غامرت بالتغيير. شاهدت «الطوق والأسورة» لخيري بشارة، واختارت أن تعمل معه في «يوم حلو». مخرج شاب وهي تستعد لدورها رقم 100. قابلت خيري واطمأنت له. شعرت في بداية التصوير بأنه يتوجس منها. لقد جاءته بتاريخها. وهي أيضاً كانت خائفة منه؛ لأنها سمعت عن غرور المخرجين الطالعين. قالت له، لكي تكسر الجليد بينهما: «شوف، أنا أحب المخرج الرائق. لازم تفهمني وأفهمك. وإذا كنا متفاهمين فإنني سأشتغل كويّس جداً».
وأن تشتغل فاتن «كويّس» يعني أن تنفذ ما في رأسها. تستمع إلى المخرجين، ولا تؤدي حركة لا تقتنع بها. تذهب إلى الاستوديو بكل عفشها. المناشف والمشط وفرشاة الماكياج وترموس الشاي والكرسي الألمنيوم، يأتي به السائق من سيارتها. لا تجلس، في الاستراحة بين المشاهد، على مواضع يعلوها الغبار.
كبرت طفلة «يوم سعيد»، وقلّ حضورها على الشاشة. لم يزعجها أن تنتقل من دور البنت المحبوبة إلى أدوار الأمهات. «لماذا أنزعج؟ إن أبنائي وبناتي في الأفلام أصغر عمراً من ابنتي الحقيقية وابني». تقدمت في السن ولم تتنازل. ليس اعتداداً ولا عناداً؛ بل لعله الكسل والاستغناء. كانت تطلب دوراً مختلفاً. لم تعد تقبل إلا الفيلم أو المسلسل الذي يسعدها العمل فيه. قالت لمن حولها: «اعتبروني غاوية. لن أنزل من بيتي إلا إذا كان هناك دور أتمتع به». وكانت هي أول المستمتعين بأفلامها. تراقب نفسها وزملاءها ولا تترك هفوة تمرّ. تطلب إعادة التصوير أو ترضى وتقول: «برافو».
وهي قد جرّبت الإنتاج؛ لكنها في الحقيقة منتجة كل أفلامها. حملت على عاتقها مسؤولية نجاح كل عمل ظهرت فيه، حتى لو لم تضع جنيهاً من جيبها. غابت وعادت، ومع كل عودة رأت جمهورها وفياً لها. رافقها عقوداً وتابع أفلامها وزيجاتها وهمومها مع أهل الحكم في زمن التحكّم. كانت الطفلة ثم الأخت والحبيبة وأصبحت الأم. ولما هبطت دورتها الدموية وغابت نهائياً عن 84 عاماً، لم تفقد الشاشة العربية ممثلة؛ بل فقدت سيدتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إمبراطورية فاتن إمبراطورية فاتن



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:42 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

"كارولينا" تحبس كل من يخلف في وعده بالزواج

GMT 01:31 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

أحمد شوبير ينتقل إلى أون سبورت

GMT 17:34 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

55 مشاركًا وأكثر من 100 لوحة فنية تجمعها خيمة الفنون

GMT 07:54 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

إقبال لافت على مشاهدة عروض المهرجان المصري للمسرح

GMT 07:04 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

لوس انجلوس تستعد لاستقبال أوسكار 2016

GMT 12:32 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"شانيل" تطرح بإبداع تشكيلة مجوهرات "سولاسين دي ليون"

GMT 19:13 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

سيف بن زايد يعزي سعيد سلطان بن حرمل في وفاة والده

GMT 11:54 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيفانكا ترامب تتألق بإطلالة مبهرة في عيد ميلاد زوجها

GMT 17:58 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الدوائر الحكومية في دبي تُسعد موظفيها بالسرعة القصوى

GMT 06:26 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

هيئة الكتاب تصدر "القوى السياسية بعد 30 يونيو" لفريد زهران

GMT 17:24 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"كواليس الكوابيس" قصة جديدة لمحمد غنيم

GMT 15:14 2013 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

القطط من أجل راحة الزبائن في مقهى فرنسي في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates