في ظل الوالد
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

في ظل الوالد

في ظل الوالد

 صوت الإمارات -

في ظل الوالد

بقلم - مأمون فندي

من المقالات شديدة الحساسية التي قرأتها مؤخراً ما كتبه الروائي الإسباني ماريو فرغاس يوسا («الشرق الأوسط» 3 يوليو 2024) عن علاقته بوالده، وكيف تمنَّى لو كانت علاقته بوالده مجرد صداقة كتلك التي بين رفيقه راموس، الذي كان والده يصطحبه إلى مباريات كرة القدم كلَّ سبت ويتحدثان كما لو كانوا رفاق دراسة، على العكس من علاقة ماريو بأبيه والتي وصفها بالكارثية.

شدَّني المقال، أنا الذي تجنبت الكتابة عن والدي منذ وفاته عام 2012 ولو رثاء، فالقرب من الأحداث يزعجني. والآن وقد ابتعدت قليلاً، أستطيع أن ألملمَ الحروف.

لم تكن علاقتي بأبي كارثية، ولم تكن صداقة في بدايتها، بدأت ببنوة حتى اللحظة التي ناداني فيها «يا اخي» ومن دون الهمزة على الألف، كانت ممدودة، وكذلك كانت علاقتنا، ممدودة، وكان ذلك بعد أن اقتربت من إنهاء دراستي الجامعية.

علاقتي بأبي مكانية، ومركزيتها صحن البيت حيث النخيل وشجرة ليمون ومكان للبهائم والطيور، وكان تحت شجرة الليمون سرير من سعف النخيل، وحصيرة نفترشها في المساء للسمر ونستظل بها في العصاري، وهكذا كان تقسيمنا للوقت أو الزمن، مساحات كبيرة، بين الصلاة والصلاة، أو بين مواعيد تناول الطعام أو بين أوقات السمر. وحدات الزمان ليست الساعات أو الدقائق، بل مساحات الحياة وأوقات الذكر، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». وكانت تلك عادات مصر القديمة أيضاً.

كان كل ما نخاف عليه في هذا البيت القديم هو ذلك النور الطبيعي، نور برائحة الليمون وطيبة السكان وتآلفهم، البيت مكان نوم ومعيشة ومكان عمل.

إذ كانت في البيت أيضاً عدة أنوال لنسج الحرير، فوالدي كان يعمل في نسج الحرير وتجارته، وكان الحرير رمزاً لا دلالة، رمزاً لتلك الخيوط الناعمة التي تربط القلوب بعضها ببعض، من أهل الدار وأهل الذكر وأهل الطريقة، وبهذا يمكن القول إن المفهوم الحاكم الأول في معمار علاقتنا (أبي وأنا) هو مفهوم النور والإضاءة. ولم تكن قد وصلت قريتنا الكهرباء حينها، فقد وصلتنا وعمري في السابعة عشرة؛ أي بعد إنهاء دراستي للثانوية العامة، حيث كنت أستذكر دروسي على لمبة كيروسين، وفانوس حلفاوي، مشكاة فيها مصباح. وقد بلغت الستين، وما زال أهلي يشكون من انقطاع الكهرباء؛ أي أنها أتت ولم تأت، بلغة فيروز تعي ولا تجي، ومع ذلك كان مبعث نورنا من دواخلنا. ورحل أبي وانطفأت كثير من مساحات الإنارة وبقيت الظلال، وكلما زرت بيتنا القديم التحف الظلال.

«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ...» [النور35] .

كانت الآية واضحة في ذهن كل منا تماماً، دلالة واستعارة وصورة ورمزاً، فقد كانت المشكاة رفيق ليل، رغم أنني لا أذكر لحظات ظلام دامس وأنا أطوف حوله، فقد كان هناك دائماً نور. تحت الشجرة حيث كنت أستلقي إلى جواره، وكان اسمه عابداً، وكان له من اسمه نصيب، رجل طويل القامة أبيض البشرة في وجهه حمرة، لا يشبه أهل منطقتنا، فلربما خرج من النيل، أو خرج من الماء وعاد إلى الماء يوم وفاته، كان رجلاً ذا أفق واسع. قال لي، ونحن نمدد أجسادنا تحت الشجرة لحظة الغروب: لولا أن يقولوا إن الرجل قد ضلّ لقلت لك إننا يا ولدي في الجنة. قلت، وكان عمري ما يقارب السادسة عشرة: لا ضلال في هذا، «ولمن خاف مقام ربه جنتان»، وربما بيتنا إحداهما، أليس هذا قرآناً؟ والقرآن مفتوح على كل التأويلات، تكثيف لكلمات الله غير المنتهية، «ولو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي»، إذن لو تم فك التكثيف القرآني لكانت الكلمات ومعها التأويلات لا نهائية.

في العمران الأفقي المفتوح، والذي تختلط فيه فكرة الزمان بالمكان بالروح، متعدد الأبواب والمسارات، وربما الأبعاد، يحس الإنسان بمتعة لكل نفَس يخرج من الصدر، أو صوت يصدر من اللسان، أو هديل حمامة على النخلة أو شجرة الليمون. كل أحاسيسك في أعلى وأقصى درجات الانتشاء في عالم متكامل، موسيقى ونسيج وشبابيك وزينة من الطيور والأنعام.

ساعتها أدركت أن الجنة تشبه معماراً يسمح بانسيابية الروح والجسد معاً، لذلك يجب أن يبني كل منا البيت الذي يشبه روحه وحركة جسده وحركة مَن يحب؛ من بشر أو طير أو شجر. الكل يستطيع أن يبني بيتاً كبيتنا، تكون له جنته، كما كان بيتنا جنتنا، ولكن هذا يتطلب ثقة حضارة تكون حصانة ضد التقليد، وضد الموضة وضد الانبهار. علمني أبي، وما زلت أتعلم وأنا في ظلاله تحت تلك الشجرة، أن الأمر كله مفتوح على تأويلات عدة، عندما رأيته ممدداً جسداً عندما أخذ الله سرَّه، لم ينتبني حزنٌ، ونظرت إليه وتمنَّيت لو أن الموت هو حالة يُرفع فيها الإنسان إلى السماء كطائرة ورق، ويشهد المحبّون حالة الرفع هذه ويصفقون وهم يشاهدونها لحظة الصعود.

كنت طفلاً صغيراً يمسك بإبهامه، والذي بدأ لي وكأنَّه جذع شجرة لا إصبع رجل أستند إليه في لحظات الخوف، كلما تذكرت هذا فهمت لماذا وضعت بعض القبائل في أفريقيا وآسيا الأجداد موضع القداسة. لا شك في أن الأب مقدس، ولهذا ما زلت أعيش في ظل أبي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظل الوالد في ظل الوالد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates