التلاحم ضد معارك التلاسن درس الحكمة السعودية

التلاحم ضد معارك التلاسن: درس الحكمة السعودية

التلاحم ضد معارك التلاسن: درس الحكمة السعودية

 صوت الإمارات -

التلاحم ضد معارك التلاسن درس الحكمة السعودية

بقلم : يوسف الديني

لكي نفهم التصريحات المتضاربة لإدارة الرئيس بايدن حول الزيارة المزمعة للسعودية، وقد أوضحت بعضها في مقال: «لماذا السعودية هي الدولة المنشودة؟»، علينا أن نأخذ مقاله الأخير في «واشنطن بوست» كعينة من خطاب أميركي داخلي، ضمن سلسلة ضاربة الجذور في حرب التلاسن بين الحزبين، لاقتطاع حصّة من الجمهور، أو ما يعرف في أدبيات الخطاب السياسي في الداخل الأميركي المقبولية للعنف السياسي «Acceptability of violence»، ويشمل ذلك التصعيد، وحالة الإقصاء، ومحاولة إرضاء النخبة الفاعلة والمتصدرة للصحافة والإعلام، لصناعة رأي عام حتى لو لم يمثل الأكثرية. نرى ذلك في السياسة وفي الخطابات المتطرفة لقيم الأقليات والجندر والإجهاض وحمل السلاح.

ماذا عن السياسة الخارجية؟! الأمر ازداد تفاقماً بعد التحول الشعبوي الهائل الذي أحدثه ترمب في قلب المعادلة، وشعاره إعادة عظمة أميركا مجدداً الذي اشتغل فيه على خطاب هيمنة متعالٍ، كان من الصعب دحضه مع بايدن وإدارته من خلال خطاب عقلاني واعٍ، فتم اللجوء إلى «تصدير قيم الديمقراطية» في شكل خطاب هجين، استفز الداخل الأميركي قبل الخارج، وحمل العديد من نقاط الضعف والتناقضات والانكشاف الكبير الذي خلف معضلة بحجم الانسحاب الكبير في أفغانستان.
مقال بايدن الأخير يصب في حقن الداخل الأميركي بجرعة تصعيدية من حرب التلاسن الداخلي، مع محاولة الحفاظ على الدبلوماسية، والتقدير الكبير للشرق الأوسط والدولة المحورية فيه اليوم، وهي المملكة العربية السعودية، فبات وكأنه يكتب مقالين في مقال؛ فقرة لإرضاء الأقلية المتطرفة «تيار المستيقظين» Woke culure، وفقرة يحاول فيها التأكيد على التنصل من كل الوعود الشعاراتية قبل الرئاسة، والاستهداف اللفظي لمكانة المملكة، والعودة للتصحيح باعتبارها شريكاً وحليفاً رئيسياً ومهماً لا يمكن تجاهله، مغلفاً ذلك برؤية حالمة لفصل جديد واعد في الشرق الأوسط أكثر أمناً وتكاملاً؛ لكن مع الإصرار على تمتين حبل الود مع السعودية، باعتبار أنه يريد توجيه العلاقات وليس قطعها «مع دولة كانت شريكاً استراتيجياً لمدة 80 عاماً».
وبعيداً عن تتبع المقالين في مقال الذي انتهجه بايدن في كتابته، فإن أصدق جملة فيما كتبه هي أن الشرق الأوسط «منطقة مليئة بالتحديات؛ برنامج إيران النووي، ودعم الجماعات التي تعمل بالوكالة، والحرب الأهلية السورية، وأزمات الأمن الغذائي التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، والجماعات الإرهابية لا تزال تعمل في عدد من البلدان».
في ورقة مهمة نُشرت في منصّة «www.journalofdemocracy.org» تتبعت راشيل كلاينفيلد بمهارة مسيرة العنف السياسي والتلاسن وصولاً للعنف، بسبب حالة التنافس بين الحزبين السياسيين الرئيسيين في الولايات المتحدة، وكيف خلق قوة كامنة للعنف تكونت من مجموعة متنوعة من الأحداث الاجتماعية التي تمس عدداً من الهويات المترابطة، وتم خلقها عمداً لأغراض سياسية حزبية ضيقة، والحال -كما تقول- أن العنف السياسي له تاريخ طويل في الولايات المتحدة، وتحديداً منذ أواخر الستينات من القرن الماضي، على يد مجموعات يسارية متطرفة، باسم القضايا الاجتماعية والبيئية والمتعلقة بحقوق الحيوان. ابتداءً من أواخر السبعينات ثم لاحقاً تحول العنف السياسي إلى اليمين، مع صعود جماعات تفوّق البيض ومناهضة الإجهاض والميليشيات. الإشكالية في الحزب الديمقراطي تبدو أكثر تناقضاً، بسبب أن قاعدة الحزب الديمقراطي غير متجانسة للغاية. لذلك يجب على الحزب أن يوازن بين المطالب المتنافسة، على سبيل المثال تلك الخاصة بالناخبين الشباب الأقل موثوقية الذين «استيقظوا» مع أولئك الذين يتمتعون بمصداقية عالية من رواد الكنيسة.
فيما يخص الرئيس بايدن، القصة أيضاً أعمق، بحسب ستيفن إم والت، في مقال تحليلي بـ«الفورين بوليسي» حمل عنوان «هل سياسة بايدن الخارجية فاشلة؟»؛ حيث أكد أنه عندما أصبح بايدن رئيساً، افترض الكثير أن أميركا ستدير علاقاتها بشكل متزن، وأنه سينتهي عصر التبجح الذي يهزم الذات والدبلوماسية بتغريدة على «تويتر»؛ لكن ذلك لم يحدث، ربما بفعل حنين استراتيجي لتاريخ السياسة الخارجية لعظماء مثل كيسنجر أو جورج كينان أو حتى زبيغنيو بريجنسكي، وهو ما بات يطرح بشكل كبير في المحتوى النقدي بالداخل الأميركي.
بعبارة أخرى، يمكن تكثيف أزمة اللغة والخطاب في السياسة الخارجية، والتي بدت واضحة في المقالين/ المقال، بأن هناك أزمة اتساق فكري، بحسب عبارة والت.
اليوم يفهم المراقبون ويقدرون الحكمة السعودية والتقاليد العريقة لبيت الحكم، في تلقيه العقلاني لمخرجات حرب التلاسن الانتخابية، مع إدراك ووعي كبير لسياقها ومخرجاتها، والتركيز على لغة الدولة العاقلة التي تستهدف المؤسسات لا الأشخاص، وتؤكد على السيادة وتثمن التاريخ المتجذر للتحالف ولا تشخصن الأزمات؛ بل تضعها في سياقها.
درس الحكمة السعودية هو نتيجة قصة تلاحم كبرى بين القيادة السياسية والشعب، واليوم هو تلاحم حول الولاء لمشروع رؤية متكامل، يتمحور حول المواطن ورفاهيته، ويسعى للمستقبل، وينشد التغيير من أجل الأصلح، بعيداً عن أي سياق آخر خارجي، أو حتى طلب تقدير هذا التحول الكبير يعيشه السعوديون اليوم، ويلمسون آثاره في حياتهم اليومية، وتجاوزهم للتحديات والصعاب والمنعطفات التاريخية، وكان آخرها حملات الاستهداف، ثم أزمة «كورونا»، وصولاً إلى التبعات الاقتصادية الصعبة للأزمة الروسية- الأوكرانية، وفي كل منعطف لا ادعاءات بالكمال أو التفوق؛ بل إصرار كبير على التلاحم المستمد من تاريخ طويل، والطموح الذي يطول عنان السماء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التلاحم ضد معارك التلاسن درس الحكمة السعودية التلاحم ضد معارك التلاسن درس الحكمة السعودية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان - صوت الإمارات
أطلت الأميرة رجوة الحسين زوجة ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، في الاحتفالات التي اٌقيمت يوم أمس 9 يونيو لمناسبة يوم الجلوس الملكي، واليوبيل الفضي  لتولي الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم، بإطلالة مميزة وساحرة باللون الأحمر، وكانت عبارة عن  ثوب منسق بعناية مدروسة مع كاب من النسيج نفسه، وقد تم تطريز ياقة الثوب بألون العلم الأردني، فيما زخرفت العباية المفتوحة بكاملها بخيوط فضية ورسوم مع عناية خاصة بالتطريز للتصميم من الجهة الخلفية للثوب. وقد اكتفت الأميرة بأقراط ماسية مع خاتم مطعم بحجر كبير من الألماس، واعتمدت تسريحة شينيون طبيعية أظهرت رقي الثوب الذي اعتمدته والتطريز الذي يتضمن رسالة ومغزى وطنياً. وبدورها أعربت المصممة هنيدة صيرفي عن افتخارها باختيارها لتصميم زي الأميرة رجوة الحسي...المزيد

GMT 22:04 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أمين الشرقية يفتتح بطولة "عز وهيبة" للفروسية

GMT 00:53 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

جامعة الباحة تدشن قاعات التعليم الإلكتروني

GMT 20:42 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

السياح والزوار الإجانب يشيدون بمهرجان الظفرة الثامن

GMT 22:41 2013 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

الدلافين تتمتع بذاكرة فائقة

GMT 16:50 2015 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

خلايا شمسية جديدة متطورة تتبع أشعة الشمس

GMT 03:47 2013 الخميس ,04 إبريل / نيسان

اليابان تقرر تحرير سوق الكهرباء ابتداء من 2016

GMT 19:20 2017 الأحد ,02 تموز / يوليو

"إسعاف دبي" تدشن خدمة "المستجيب النسائي"

GMT 15:54 2013 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع "اليم انانتارا" يعيد الحياة لمساكن الأجداد بشكل عصري

GMT 01:51 2014 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حجاب العروس أصبح مميزًا من حيث التطريز والتصميم

GMT 13:16 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عملاء "غوغل" يكشفون عن عيوب هاتفي "بيكسيل 2"

GMT 09:58 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مكتوم بن محمد بن راشد يحضر أفراح العامري

GMT 22:55 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب النمسا

GMT 21:37 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يتهم وسائل الإعلام بحجب معلومات حول انتشار كوفيد-19

GMT 03:35 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سلحفاة "مُعمّرة" تتسبّب في كارثة داخل منزل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates