أضواء التنوير لم يرها بريجينيف
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف

 صوت الإمارات -

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

جاري الطبيب الإيطالي العجوز المتقاعد، شخصية محافظة في كل شيء. كل صباح يجلس على كرسيه في المقهى القديم. فنجان الكابوتشينو وقطعة الكورنيتو، وصحيفة «الكورييري ديلا سيرا»، تزين صباح طاولته.

السياسة في إيطاليا هي مِلح الحياة وسكرها والجيلاتو والبيتزا والسباغيتي. إن غبت يوماً عن جلسة الفطور في المقهى، الذي يجمع المتقاعدين وبعض الشباب، يبادرني السنيور جوفاني بالقول، أينك أيها الليبي؟ عندما يلج العجوز الثمانيني أبواب التاريخ والسياسة والدين، يتحول شاباً ثلاثينياً متوهجاً، وكأنه مكتبة ناطقة بصوت يجلجل. فوجئت في صباح ربيعي، بهجومه الكاسح على رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وبالَغ في كيل عبارات النقد لها.

هو من حزب أخوة إيطاليا الذي تنتمي إليه وتقوده ميلوني. قلت له لا أفهم هجومك على رئيستك التي كنت متحمساً لها في حملة الانتخابات، وصوّتَّ لها، وكنت من أكبر المتحمسين لها. نظر إليّ بعينين تنطقان استغراباً وقال: أيها العزيز، كل ما في الأمر أنني وضعت في صندوق حزبها ورقتي الانتخابية، ولم أضع فيه عقلي. عقلي ليس ورقة ألقيها في أي صندوق، بل هو ملكي الذي يسكن رأسي، أما صناديق الانتخابات السياسية، فهي مجرد إناء من خشب أو بلاستيك، نلقي فيه أوراقاً تؤيد كياناً سياسياً، نرى في برامجه بعضاً مما نأمله.

الاختلاف في الرأي بين البشر، قوة تحرك الحياة، ويبدع ما تحتاج إليه من أفكار وصناعة وتشريع. بعد الحرب العالمية الثانية، تأسس النظام الجمهوري، ولعب الحزبان الكبيران الديموقراطي المسيحي والشيوعي، الدور السياسي الأهم في تكريس الوحدة الوطنية، وترسيخ الديموقراطية.

الحزب الشيوعي لم يدخل أي حكومة، لكنه لعب دور التوازن الوطني، والدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم، عبر النقابات والصحافة والبرلمان. الطبقة العاملة في أوروبا الغربية الرأسمالية، استفادت أكثر بكثير مما استفاد العمال في الدول الشيوعية. من أجل مقاومة زحف المشروع الشيوعي، القادم من الشرق، يعد بتحقيق العدالة الكاملة للطبقة العاملة، من أجل ذلك، أصدرت دول أوروبا الغربية الرأسمالية، عشرات التشريعات التي تحقق قدراً كبيراً من العدالة للطبقة العاملة. تخفيض ساعات العمل، والتأمين الشامل على الحياة والعلاج المجاني ومرتبات التقاعد المريحة.

السنة صارت تعد 13 شهراً للعمال في رواتبهم وأجورهم، والمرأة العاملة لها معاملة خاصة عند الحمل والولادة، في حين كان العمال في أوروبا الشيوعية، يعانون الفقر والاستغلال الحكومي وسوء السكن والمعاملة الصحية. حرية الرأي وسيادة القانون، والتداول السلمي على السلطة، والتعددية السياسية، التي وجدت فيها الأحزاب الشيوعية، في الدول الغربية فرصتها الكاملة في التعبير، والعمل النقابي، والتأثير القوي في الحياة السياسية. كل ذلك طرح أسئلة قاعدية شكّلت زلزالاً فكرياً وسياسياً، هزَّ أوروبا شرقاً وغرباً، بل امتد تأثيره إلى كل القارات. كانت الخاتمة زوال الشيوعية فكراً وسياسة، وانهارت كل الأنظمة القائمة عليها في سنوات قليلة.

في الأشهر القليلة الماضية، نزلت في المكتبات الإيطالية، الطبعة الخامسة من كتاب «أنريكو برلينغوير» للكاتبة والمؤرخة كيارا فالنتيني. تناولت الكاتبة تاريخ الزعيم الشيوعي الإيطالي الأبرز. وتوسعت في عرض وتحليل سيرته الفكرية والسياسية.

محطات عدّة لعب فيها برلينغوير دوراً سياسياً كبيراً، في إيطاليا وخارجها. ما ميَّز هذا الزعيم السياسي، قدرته الدائمة على الاشتباك مع مجريات الحياة في كل جوابها، والجرأة على التصريح بما يؤمن به، وكثيراً ما كان ذلك يصدم القريب والبعيد من الرفاق الماركسيين وغيرهم. قال وهو يتحدث عن بداياته الفكرية: مذ كنت شاباً، كان لديّ شعور بالتمرد، أعترض على كل شيء. قرأت أعمال باكونين، وشعرت بأنني صرت فوضوياً. لقد سكنه التمرد، الذي يعيد إنتاجه فكرياً وسياسياً من دون توقف. في العقد السابع من القرن الماضي، شهدت أوروبا ومناطق أخرى من العالم مخاضاً غير مسبوق، الحروب الساخنة والباردة، وظاهرة تمرد الشباب، والتسلط السوفياتي على الدول الشيوعية التي تدور في فلكه، ومعاناة الطبقات العاملة في هذه الدول.

رأى برلينغوير في ذلك نذيراً بقادم مخيف. ذهب إلى موسكو وتحدث مع قادة الحزب الشيوعي، وقدم لقادة الكرملين رؤيته الواسعة والعميقة، للشيوعية فكراً ونظاماً، وحذّر من حساسية الوضع، بل خطورته. اختلف معهم وعاد غاضباً. منذ بداية ستينات القرن الماضي، كان سادة الكرملين، بمن فيهم ليونيد بريجينيف، وبونا مارييف وسوسولوف وكيرلنكو، يرون ضرورة إعادة النظر في هذا الإيطالي العنيد، القادم من أصول برجوازية.

زار برلينغوير بلغاريا والتقى زعيمها أمين الحزب الشيوعي تيودور جيفكوف ومساعديه، وعبّر لهم عن رؤيته للقادم الأوروبي والعالمي. ولم يتفاعلوا مع ما قاله. في سنة 1973 بمناسبة الاحتفال بيوم صحيفة «الوحدة» الشيوعية بمدينة تورينو، حضر المبعوث السوفياتي، ميخائيل غورباتشوف وزوجته راييسا. في ذلك الوقت كان غورباتشوف، أميناً لفرع الحزب الشيوعي بمنطقة ستافاروبول. لم تظهر على وجهه الكآبة المعتادة على وجوه الشيوعيين الروس. كانت زوجته تسأل عن تفاصيل الحياة في إيطاليا. غورباتشوف قال لبرلينغوير، لقد صدمتنا بما قلته في موسكو؛ إذ لم نسمع مثل ذلك الكلام من قبل أبداً في موسكو. ظلَّ غورباتشوف ينظر مطولاً لبرلينغوير. في المؤتمر الخامس والعشرين للحزب الشيوعي السوفياتي، تحدث أمين الحزب ليونيد بريجينيف مطولاً، أمام آلاف المدعوين من أعضاء الحزب الشيوعي السوفياتي، وأمناء الأحزاب الشيوعية من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم الأحزاب الأوروبية الغربية. عندما أُعطيت الكلمة لإنريكو برلينغوير، قال أمام خمسة آلاف من الحاضرين: إن الشيوعية في الدول الأوروبية، لم تنشأ نتيجة للانتهازية، لكنها تأسست على معطيات موضوعية أنتجها المجتمع الصناعي. وكانت ضرورة اشتراكية، وقامت في مجتمعات ديموقراطية تعددية. وراوغ المترجم اللغة. بعد ذلك برر المترجم ذلك، بأن ما سمعه لا يوجد مقابل له في اللغة الروسية!. وأضاف برلينغوير في كلمة، لا بد من الانفتاح والحرية. تناقلت وسائل الاعلام العالمية كلمة أمين الحزب الشيوعي الإيطالي، وعندما التقى برلينغوير على انفراد مع بريجينيف قال له: لما تضايقون على زاخاروف، دعوه يتحدث، لا بد من الحرية.

أطلق برلينغوير مقولة «الشيوعية الأوروبية، اليورو كومونيزم»، ونشط مع زعماء الأحزاب الشيوعية الفرنسية والبرتغالية والإسبانية، ترويجاً لهذه المقولة. بدأ برلينغوير العمل مع الدو مورو زعيم الحزب الديموقراطي المسيحي الإيطالي، في ما عرف بالمبادرة التاريخية، وشرعا في العمل من أجل حكومة وحدة وطنية يدعمها الحزب الشيوعي. عارضت واشنطن وموسكو تلك المبادرة. سنة 1978 قُتل الدو مورو، بيد الألوية الحمراء الإيطالية. قيل الكثير عن من كان وراء تلك العملية. السؤال، لو استوعب بريجينيف ما قاله برلينغوير، هل كان يمكن إنقاذ الاتحاد السوفياتي من الانهيار؟ الآيديولوجيا تعميها الأنوار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف أضواء التنوير لم يرها بريجينيف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates