الإنسان جسرٌ أم بحر
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

الإنسان... جسرٌ أم بحر؟

الإنسان... جسرٌ أم بحر؟

 صوت الإمارات -

الإنسان جسرٌ أم بحر

بقلم - فاطمة ناعوت

بعد مشاهدتى مسلسل «لعبة الحبّار»، الذى سأخصص له مقالًا قادمًا، ومسلسل «عرض الثمانية»، وكلاهما إنتاج كورى، وكذلك فيلم «بلاتفورم»، الإسبانى، تأملتُ هشاشة الإنسان وقسوته وساديته وطمعه، فكرتُ فى طبيعة «الإنسان» العجيبة، ووددتُ فى أن نتشارك الأفكارَ حول هذا اللغز.

ما الإنسان؟، منذ بدايات الفكر، لم يكن سؤال «ما الإنسان؟» سؤالًا معرفيًا فقط، بل سؤالًا وجوديًا. فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى يجرؤ على مساءلة ذاته حول ذاته. لذلك ظلَّ السؤالُ عصيًا؛ كلُّ إجابة تُضاف إلى سجلّ المحاولات، لا إلى تقرير الحسم.

على مدار الأزمنة ظلت محاولات تعريف «الإنسان» مراوغة. الفلاسفة، الشعراء، المتصوفة، جميعهم حاولوا الإمساك به، لكن ما إن يظنّوا أنهم قبضوا عليه حتى يتفلّت من بين أيديهم. أهو كائنٌ عابرٌ لا يملك إلا أن يتجاوز ذاته؟، أم هو جوهرٌ سرمدىّ يتلألأ بأنوار الغيب؟. يرى «نيتشه» أن الإنسان مجرد «جسر» فوق هاوية؛ لا بد أن يعبره ليصل إلى ضفة «الإنسان الأعلى» أو الإنسان الفائق. بينما يرى المتصوفة أن الإنسان بحرٌ من اللؤلؤ، كلما غاص فيه انعكست فيه أنوارُ الحق. وبين هذين الحدّين: الجسر المعلّق فوق الفراغ، والبحر الممتد بلا قرار، تتأرجح صورةُ الإنسان، نصفها غياب ونصفها حضور.

فى كتابه «هكذا تكلّم زرادشت» لم يرَ «نيتشه» فى الإنسان إلا كائنًا غيرَ مكتمل أو مشروعًا هشًّا فى حال عبور دائم، أى: جسرٌ بين الحيوان و«الإنسان الأعلى». فالإنسانُ ليس غايةً، بل مرحلةٌ فى رحلة طويلة، لا يحق له أن يستقر، لأن الركون موت. فالجسر ليس مكان إقامة، بل ممرٌّ محفوف بخطر السقوط فى الهاوية، قيمته فى أنه يتيح العبور. الإنسان إذن عنده كائن فى صيرورة، يحيا بالقدرة على تجاوز نفسه، ويهلك متى ظنّ أن إنسانيته غايةٌ مكتملة.

أما المتصوفة فقد قلبوا المعادلة. لم يروا الإنسان جسرًا يُلغى، بل مرآةٌ يُتجلّى فيها الحقُّ تعالى. الإنسانُ بحرٌ بلا قرار، إذا غُصتَ فيه وجدتَ الدُرر واللآلئ، وكلُّ غوصٍ كشفٌ جديد. الإنسان عندهم ليس طريقًا نحو «ما بعد»، بل كيانٌ فى ذاته يكفى للامتلاء بالنور، حتى يُشعُّ ضوؤه.

«الإنسان الكامل» عند «محيى الدين ابن عربى»، هو الجامعُ بين الحق والخلق. صورة تتجلّى فيها الأسماءُ الإلهية. وفى «الفتوحات المكية» يصف «آدمَ» بأنه جلاءُ مرآة الوجود، إذ أراد اللهُ أن يرى أعيانَ أسمائه فخلق العالم، ثم جعل الإنسانَ جامعًا لها. هنا لا حاجة لعبور إلى مستقبل مُتخيَّل، بل لغوص فى الداخل، حيث يكتشف المرءُ أن النورَ الذى ينشده يسكن قلبَه منذ البدء. «الإنسان» عند المتصوفة ليس كائنًا ناقصًا يسعى للكمال كما عند «نيتشه». بل هو مكتملٌ بالقوة، يحتاج فقط إلى كشف الحُجُب ليكتشف طبقات النور. كأنما الإنسان بحرٌ من اللآلئ، كل غوص يكشف عن جوهرة، وكل جوهرة تعكس وجهًا من وجوه الله جلّ وعلا.

وتبدو المفارقة صارخة بين الرؤيتين: النيتشوية والصوفية. عند «نيتشه»، الإنسان ناقصٌ مهدّد بالسقوط، عليه عبور المستقبل من أجل الاكتمال والسموّ. وعند المتصوفة، الإنسانُ مكتملٌ بالفعل لكنه محجوب عن ذاته، يحتاج إلى الكشف لا إلى العبور. «نيتشه» يضع الغايةَ فى الأفق البعيد، والمتصوفة يضعونها فى القلب. لكنهما يتفقان فى رفض صورة الإنسان النهائية المستقرة. فالإنسانُ الراهن غير مكتمل عند «نيتشه»، ولا هو الحقُّ عند المتصوفة بصورته الظاهرة دون حفر فى العمق بحثًا عن النور. الفيلسوف يضع المصيرَ فى المستقبل، والمتصوفُ يضعها فى العمق. الأول يصوغ الإنسان بالنار، والثانى يسكبه بالنور. ورغم التناقض، يلتقى الاثنان فى ثورتهما على الجمود، ورفضهما أن يكون الإنسانُ نهايةً ميّتة. «نيتشه» يحطم أوثان الاكتفاء، والمتصوفة يحطمون أوثان الظاهر. هذا يرفع شعار: تجاوزْ نفسَك لتسمو، وأولئك يرفعون شعار: اكشف نفسَك لتُضىء. وفى الشعارين إعلانٌ أن الإنسان مشروع مفتوحٌ لا يُغلق. عند «نيتشه»، الغياب هو وقود الحركة. وعند المتصوفة، الحضور هو سرّ الكشف.

ويبقى السؤال: هل على الإنسان الاحتراقُ ليولد من رماده، أم يتقشّر ليصفو ويصير مرآة للنور؟ هل الإنسانُ جسر فوق هاوية، أم بحرُ لؤلؤ يتلألأ بأنوار الحق؟، والمفارقةُ الطريفة أن الإنسان إما جسرٌ فوق بحرٍ، أو بحرٌ يعلوه جسرٌ!، ويظل الإنسان لغزًا لا يقبل الحسم، مثل طيف يمر على ضفاف المعنى دون أن يستقر.

ولعلّ الحقيقة أن الإنسان جسرٌ وبحر فى آن. يعبر الأزمنةَ كما يغوص فى الأعماق. من يراه جسرًا فقط يعيش قلقَ المجهول، ومن يراه بحرًا فقط قد يغرق دون كشف. أما من يجمع بين السعى والغوص، بين الشوق إلى المستقبل والبحث فى العمق، فقد يقترب من صورة الإنسان الأجمل: كائنٌ يتجاوز نفسَه ويكشفها فى اللحظة ذاتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان جسرٌ أم بحر الإنسان جسرٌ أم بحر



GMT 11:13 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وزير اللطافة والجدعنة!

GMT 11:10 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ضد قراءة نيتشه في الطائرة

GMT 11:07 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الأساطيل والأباطيل

GMT 11:04 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صفقة ترمب... فرصة ضائعة أم أمل أخير؟

GMT 11:01 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صفقة ترمب... فرصة ضائعة أم أمل أخير؟

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates