التاريخ بصفته محللاً

التاريخ بصفته محللاً

التاريخ بصفته محللاً

 صوت الإمارات -

التاريخ بصفته محللاً

بقلم : علي أبو الريش

 التاريخ مخزن الحياة، وهو أيضاً كنز من الأحداث والتجارب، والخبرات والتفاصيل الدقيقة، والمنبهات التي توقظ الوجدان الإنساني كي ينهض من سبات الأيام ويبتعد كثيراً عن منطقة الصفر المتحدة، ويذهب إلى السيولة ليبقى الإنسان دائماً محللاً، وممحصاً، ومتفحصاً، وداخلاً في صلب الكينونة متعمقاً في اللب، والصلب، ومتعمقاً في الأحشاء، جالباً الذاكرة إلى حيث تكون الحقيقة مهما بلغ بها من غموض، إلا أن السير في طريق العلامات والدلالة يجعل من الحياة مرآة نظيفة تجلو عن نفسها الغبار، كما يفعل الطير حين يلقي عن ريشه بقايا متعلقات نهار الكد والتعب في فضاء الله، وما أوجدته الأغصان الكثيفة من تلف التشابك فيما بينها.

نحن نقرأ التاريخ ليس من باعث ترف، أو تسلية، أو ما يشبه لعبة الغميضة، وإنما لأننا نقطف من التاريخ ثمرات وعينا بالواقع، ونجلب عصارة العبر، من أساطيره، ووقائعه، وخيباته، وطفراته وانتصاراته، وصور أخرى تبدو واهنة، لكنها واضحة مثل موجة على ساحل أغر، ومن لا يستقرئ من كتاب التاريخ علامة التعجب، فإنه مثل الذين أوردهم كانط في قصة الكهف، ولا أحد يجرؤ على نسيان محدثات التاريخ إلا من أصيبوا بزهايمر التجاهل، وكل من لم ينعتقوا من أصفاد المحن الذاتية والأنا المتوهمة والذات المأخوذة بذاتها.

التاريخ يعلمنا كيف أن المتجاوزين للحالة الراهنة أنهم يذهبون بالمصير إلى حافة الهاوية، ويقتادون المستقبل إلى هاوية الفناء، لأنهم يقفزون في النهر العميق، من دراية بأبجديات السباحة، الأمر الذي يجعلهم في الأخطار المباغتة، ومن لم يتعلم من شطط نيرون، وفصامية هتلر، وعنجهية موسوليني، وبارانوبا نابليون، وجشع ودموية هولاكو، وفظاظة ستالين، من لم يفهم أن التاريخ ليس نقطة التقاء ما بين الجفنين، وإنما هو تصادم قطارين امتلأ قائداهما بخدر كؤوس مترعة باللامبالاة، ومن لا يعي ما للتاريخ من قرنا استشعار يجس بهما أنثيالات الخطأ في رؤوس المخطئين، فإن مصيره لن يكون أحسن من مصير أولئك الذين فقأوا عين الحقيقة. فيا ليت حكام قطر يعلمون فلم يزل في الوقت بقية، إنْ أرادوا أن يروا العالم كما هو لا كما يتوهمون.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ بصفته محللاً التاريخ بصفته محللاً



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زيت الزيتون لعلاج الطفح الجلدى

GMT 08:55 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

ما هي الطرق لجعل الطفل ناجحًا دراسيًا؟

GMT 06:45 2013 السبت ,13 إبريل / نيسان

أخوات برونو مارس في برنامج تلفزيون

GMT 15:15 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يغري "سافيتش" بعرض خيالي خرافى

GMT 19:07 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

فولكس فاجن تعلن عن إطلاقها لسيارتين جديدتين

GMT 04:14 2015 الخميس ,08 كانون الثاني / يناير

مشروع روسي واعد لإنتاج سفن طائرة فوق الماء والأرض

GMT 08:57 2015 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

سرور يؤكد تفهمه قلق الجمهور ويشدد على تفاؤله

GMT 13:52 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أسطورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates