ليس كل الإطراءات نقية

ليس كل الإطراءات نقية

ليس كل الإطراءات نقية

 صوت الإمارات -

ليس كل الإطراءات نقية

بقلم _علي أبو الريش

عندما نبالغ في الإطراء، فذلك يعني أننا نخفي ما بين السطور، رغبة لرضا الآخر عنّا، نجلب من خلاله إطراء مقابلاً لإطرائنا.

عندما تمدح شخصاً وتكيل عليه كلمات المديح، مثلما يعمل الحفارون عندما يردمون حفرة تم الاستغناء عنها، لقناعتهم عدم وجود ما يبحثون عنه من ماء.

الإطراء، هو فشل في التقييم، وهو كذلك رغبة جامحة في كسب الود، كما أنه يخبئ في معطفه عاطفة مغشوشة لا تنم إلا عن جهل في الشخص الممتدح.

نحن نسعى في الإطراء إلى مسافات واسعة، إلى درجة الإساءة إلى الشخص المراد الإطراء عليه.

عندما نكون في أقصى درجات التفاؤل، نثني على التاريخ ونغرف من بئره، حتى تصل دلائنا إلى المياه الضحلة في البئر، ومع ذلك، نظل نقول إنها مياه عذبة وصافية.

في الإطراء على الأشياء، نحن نتمسك بالصور أو في الظلال، وفي هذه الصور شيء من النمش، لا نراه نحن لأننا متشبثون في خيال الصورة، وليس في أصلها، ونظل نثني ونطري حتى تتعجرف أيدينا من جذب الدلاء الخاوية، وحتى تنشف شفاهنا ونصاب بالتسمم، لأننا خلطنا الضحالة بالنقاء. كما أن تمسكنا بالظلال، يجعلنا نمزج بين الأصل والخيال، وبين الأسود والأبيض، تجعلنا في وضع اللعثمة، لأننا لم نعبر عن الحقيقة كما هي، بل انحرفنا باتجاه جادة مغايرة، وأصبحنا نجتر خيالنا كما تمضغ الشاة العشب اليابس.

من الضروري أن نهتم بما ينجزه الآخر، ونمنحه حقه في الثناء والشكر، لأنه ما من مخلوق لا يرنو إلى الثناء مدافع ومحفز، ولكن عندما يصبح الثناء غاية ذاتية، وهدفاً شخصياً لتحقيق مآرب خاصة، يصبح الإطراء مجرد رغوة صابون فاقد الصلاحية، ونصبح نحن نعجن الهواء ونطبخ الرمل.

عندما يصبح الإطراء مادة صمغية لزجة، تتراكم عليها ذرات الغبار وتخفي شكلها، وتصبح السجادة الحريرية مجرد قطعة قماش تالفة، لا لون لها ولا شكل، تصبح مكباً لنفايات الرغبات الشخصية، تضر ولا تنفع، تحيق ولا تشفع، تمزق شكل العلاقات الإنسانية، وتحولها إلى مراحل ما بعد الفراغ، وتحول الأشخاص إلى أشكال حلزونية، تتدحرج على منحدر الإطراء، الذي لا يضيف شيئاً سوى إيقاف ساعات الزمن عن دق أجراس الفرح الحقيقي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس كل الإطراءات نقية ليس كل الإطراءات نقية



GMT 09:44 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

ريادة أعمال دينية!

GMT 09:36 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

ما بين خطأ وخطيئة تحيا المنطقة وتعيش

GMT 09:30 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«دقوا الشماسي م الضحى لحد التماسي»

GMT 09:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

GMT 09:16 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

GMT 16:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف
 صوت الإمارات - أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زيت الزيتون لعلاج الطفح الجلدى

GMT 08:55 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

ما هي الطرق لجعل الطفل ناجحًا دراسيًا؟

GMT 06:45 2013 السبت ,13 إبريل / نيسان

أخوات برونو مارس في برنامج تلفزيون

GMT 15:15 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يغري "سافيتش" بعرض خيالي خرافى

GMT 19:07 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

فولكس فاجن تعلن عن إطلاقها لسيارتين جديدتين

GMT 04:14 2015 الخميس ,08 كانون الثاني / يناير

مشروع روسي واعد لإنتاج سفن طائرة فوق الماء والأرض

GMT 08:57 2015 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

سرور يؤكد تفهمه قلق الجمهور ويشدد على تفاؤله

GMT 13:52 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أسطورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates