التستر بالحيل يعريك

التستر بالحيل يعريك

التستر بالحيل يعريك

 صوت الإمارات -

التستر بالحيل يعريك

بقلم - علي ابو الريش

الحيلة مثل السراب، تجعلك أكثر ظمأ، فتكشف عدم صدقك. المحتال إنسان ضعيف، شحت قدراته، فلجأ إلى الحيلة، كي يخفف من وطء إحساسه بالنقص.

المحتال كائن يسكن في العراء، ويظن أن السماء الواسعة، تكفي لإخفاء عيوبه. المحتال يذهب إلى الحياة، بأجنحة مزيفة، سرعان ما تتهاوى أمام ريح الحقيقة.

عندما ينكشف المحتال، يبدو مثل أرنب مذعور، وتختفي كل الملاءات التي أخفى تحتها أدوات نقصه، ولا يملك غير الإدانة، ليتخفف من عقدة الذنب التي تلازمه.

المحتال لا يكن، ولا يصمت وجيب قلبه، ولا يهدأ له بال، بل يظل يمعن في اختراع الحيل، لأنه لا يستطيع أن يعيش بدونها، فهي سلاحه الذي يشهره في وجه العالم، ليؤكد أنه شخص مهم.

الإحساس بعدم الأهمية، يدفع المحتال إلى المزيد من الاختراعات، والادعاءات، والتظاهر أمام الناس أنه يملك قدرات لا يملكها سواه، وعندما يفشل في تحقيق ما يريده، ينكص قليلاً، إلى مراحل طفولية، فيبدأ بالشكوى، والنجوى، وقد يلجأ إلى التظاهر بالضعف، لفترة وجيزة، حتى يتمكن من تمرير ما يريد تمريره من الحيل، بعدها ينتصب مثل الديك، ويصيح فخوراً بما أنجزه، ويحدق في وجوه الناس، ساخراً من سذاجتهم، ساخطاً عليهم، لأنهم صدقوا الكذبة، وأصبحت حقيقة.

المحتال يتصبب عرقاً وينز جسده بملح الدفاعات النفسية، عندما يشعر بتضييق الخناق حوله، ولكنه لا يبدي أي قنوط، لأنه يملك قدرات فائقة على تحمل الصدمات، أو أن حاجته إلى الاستمرار في تطويق الآخر يجعله مثل الصخرة الصلبة، تصد، وترد ضربات الموجة العارمة، حتى آخر نفس.

المحتال إنسان جاء من منافي تاريخ الكذب، وحط على الأرض، وهو خاوي الوفاض إلا من ذكاء مزيف، ابتاعه، من بيئة، ما انفكت في سكب كل ما لديها من حيل، لتصبح الحيلة، كالهواء والماء، في محيط ضيق يطلق عليه الأسرة.

إذن فالمحتال لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج بيئة، حانقة، خانقة، ضيقة الأفق لا يملك أفرادها، غير الحيلة للتخلص من السؤال الكبير من أنت؟ من أنت تبدأ من الصغر، وتلازم الإنسان حتى القبر، ومن لا يعرف الإجابة عنها، يضطر الدخول في أقفاص الحيلة، حتى يحمي نفسه من الشعور بالضعف، والهوان، وعدمية القدرة على مواجهة الأحداث الحياتية، بصيغة الضمير الحاضر، فيكون الضمير قد غط في السبات، ويكون صاحبه، يلتقط المحارات الفارغة، ليقول إنها تخبئ في داخلها الجواهر النفيسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التستر بالحيل يعريك التستر بالحيل يعريك



GMT 16:55 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 16:53 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 16:51 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 16:48 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 16:43 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

معركة الاتحاد غير العادلة

GMT 11:47 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 18:20 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 07:14 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

كيري يعود إلى الشرق الأوسط لدفع محادثات السلام

GMT 21:18 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عائلة تركية تتجول بين 26 دولة حول العالم بالدراجة الهوائية

GMT 03:08 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وكيل وزارة الدفاع يستقبل مساعد وزير الدفاع الباكستاني

GMT 05:57 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

عبدالله مال الله يكشف أصعب لحظاته في الملاعب

GMT 18:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

"سانغ يونغ" تبدأ باختبار سيارات "Korando"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates