شكراً فولتير

شكراً فولتير

شكراً فولتير

 صوت الإمارات -

شكراً فولتير

بقلم - علي ابو الريش

يقول فولتير: (الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، هم قادرون على جعلك ترتكب الفظائع)، هذه مقولة فيلسوف اعتبره المحللون رائد حركة التنوير في فرنسا وأوروبا.
اليوم عندما نتابع ما يحدث في إيران، نجد عبقرية هذا الفيلسوف تتجلى وهجاً وتعبيراً عن واقع حال. ما يحدث في إيران أن زمرة من البشر، تقود عشرات الملايين من الشعب الإيراني إلى جحيم الفقر والعدمية، بما تقوم به من هدر وتبذير المليارات من قوت الشعب الإيراني، في حروب عبثية، طائفية، لا طائل منها غير الإسراف في الإسراف، والتطرف في إدخال العالم في دوائر مغلقة وحامية الوطيس، والهدف منها هو إرضاء شهوة مجموعة من الإرهابيين في إثارة نزعات العنصرية، والشوفينية، والعدوانية، وتكبيل المنطقة بسلاسل من حقد وكراهية، وإشغال الناس بأفكار غابت عن ذهن رجل الغاب، وبقيت راسخة معشعشة في عقول من يملكون القدرة على تحمل الصدأ والغبار ونفايات التاريخ، وزئير الضواري في الأماكن الموحشة. شكراً فولتير، لقد سحرتنا بعبقريتك، حين جدلت شعر الحقيقة، بأنامل قريحة، تستطيع أن تصيغ الواقع بما هو استثنائي في
لغتك وحبكتك الإبداعية. شكراً لك، وكأنك استطلعت قمر التاريخ، وأيقنت أن المجانين والمدعين ودعاة الشر، مقيمون في الواقع الإنساني، مهما تبدّلت التضاريس وتغيّرت الأزمنة، فهم يتناسلون مثل الجرذان، ويتكاثرون مثل الأوبئة، في حال غياب العقل، وتأجيل الحكمة فعلها لإشعار آخر. وكم هو العالم بحاجة إلى أكثر من فولتير، كي يدق مطارق وعينا، ويعيد وعي الآخرين إلى رشده. فعندما يصبح قاسم سليماني بطلاً قومياً، تستقبله بعض العواصم العربية بالحل والترحاب، يصبح لزاماً علينا أن نقتنع أن العالم يعاني أزمة فكر، وأنه يعيش مأزق تهتك المخيلة، وأنه يواجه محنة انحلال القيم، واضمحلال المبادئ، وأفول قمر الفطنة، وتلاشي العقلانية، ودخول الإنسانية مرحلة ما بعد الفراغ، وولوجها غابة الانفلات الأخلاقي، وضياع البصيرة في خضم ضيق الأفق، وانحسار الوعي إلى مناطق أشبه بالعدم. شكراً فولتير، لأنك لم تزل تصرخ في الوجدان الإنساني على الرغم من مرور أكثر من خمسمائة عام على رحيلك، ولكنك ما زلت تفرض وجوداً حياً على ضمائرنا، لأنك لم تكن يوماً تعترف بالأموات، وكم رددت قائلاً: (الطريق الأكثر أماناً هو عدم القيام بشيء ضد الضمير، فهذا يجعل الإنسان يعيش بسعادة وبلا خوف من الموت).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكراً فولتير شكراً فولتير



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 09:08 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 09:22 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

طُرق إخفاء رقم المُتصل عند إجراء المكالمات

GMT 15:39 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

القومي للترجمة يناقش رواية "أطفال وقطط"

GMT 23:55 2020 الأربعاء ,12 آب / أغسطس

ديكورات حمام الضيوف في المنزل السعودي

GMT 04:28 2020 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

وفاة بطل الجولف الأميركي السابق ساندرز عن 86 عاما

GMT 20:33 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى التغييرات الجذرية في هاتف سامسونغ "غالاكسي إس 11"

GMT 17:00 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

ناسا تتلقى إشارة من "أبعد نقطة يستكشفها البشر في الفضاء"

GMT 23:29 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

فضائح شركة "فيسبوك" تتزايد خلال عام 2018

GMT 02:12 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 11:26 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز اهتمامات الصحف التونسية الصادرة السبت

GMT 02:47 2014 الثلاثاء ,30 أيلول / سبتمبر

مؤتمر صحفي لإطلاق مهرجان عيد الأضحى في كتارا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates