نبكي عروبة ويا لهفي دمشق

نبكي عروبة.. ويا لهفي دمشق

نبكي عروبة.. ويا لهفي دمشق

 صوت الإمارات -

نبكي عروبة ويا لهفي دمشق

بقلم : ناصر الظاهري

«عروبة بركات» لمن لم يعرفها، كانت هنا لسنوات طوال، كانت زميلة في أكثر من مكان إعلامي وبحثي، لم تستطع أن تنفكّ من العمل الوطني، والسعي لكي تبقى سوريا مختلفة، فاختارت المعارضة من أجل التغيير، وبناء وطن لا يليق به التخلف، وهو من علّم العالم الأبجدية، بلد زاهٍ بكل هذه المعطيات التي وهبها الله له، وزاد عليها المخلصون شيئاً جميلاً آخر، وسلبها الناهبون أشياء كثيرة أخرى، وبعدما كان يصدّر للوطن العربي طاقات إبداعية في الثقافة والفكر والفن، وقامات جليلة ومجددة في الدين والسياسة والأدب، وشتى معارف الحياة، اكتفى فترة بتصدير الزيت والزيتون والصابون، وغدا الْيَوْمَ مصدراً لأخبار الدم فقط.

«عروبة» لاذت باسمها، ووجدت متسعاً في تلك البلاد التي سمى الأب ابنته عليها، وتيمناً بها، كانت كريمة، وبابها مشرع للجميع، كان المخلصون لها يعدون ذلك مثلباً، ويحذرونها منه، أما المنتفعون والذين لا يبالون، فكان عشاؤهم على طاولتها الممتدة، ومن مطعمها المفضل، والذي يعرفه الشرهون من بعيد، وكان غداؤهم من طبخ يدها البيضاء، كان لدى «عروبة» قضيتان في حياتها، وطن جميل، موعود بالفرحة، ويأخذ مكانه الطبيعي، كما كان منارة في سيرورة الحضارات، وأن تكبر ابنتها الوحيدة «حلا»، وتتعلم، ولا تشعر بغياب الأب مرة، تعلمت «حلا» هنا، وأنهت المراحل الدراسية هنا، ثم غابت مع أمها «عروبة» عن المكان نحو فضاء آخر، ومتسع من الحياة، واستقرت في تركيا من أجل عيون «حلا» ومن أجل القرب كثيراً من الوطن، أنهت الابنة الجميلة، ذات الشعر الذهبي، والحُسن الذي يشبه دمشق، ويشبه ياسمينها، كما يليق ببنت الشام، وبنت دورها المستورة دراستها من الجامعة التركية، متخصصة في السياسة، وغير بعيدة عن الإعلام، وتزوجت سريعاً، وعملت في إعلام معارض، وورثت من أمها حب المعرفة، ومحبة الأوطان، وزادها تخصصها وعملها قرباً من وجع بلدها، وتعب أمها، وحبس أبيها، وألم الطيور المهاجرة من سوريا والتي يجمدها الموت عند حدود الشواطئ القاسية، وكعوب بنادق الجنود.

غابت «عروبة وحلا» في الوقت، وعجلة الحياة، ولولا بعض التواصل الذي تسعفك به وسائل الوقت الجديد، لقلت مع القائلين: إما تلك العواصم الباردة التي هي أحنّ من الأم على السوري، وإما غابتا خلل الرماد والدخان، وذلك الرصاص الذي يطلقه العدو والصديق.

يوم الجمعة التي قبل يومين، وجدت جثتي «عروبة بركات 60 عاماً»، وابنتها التي مثل شق القمر «حلا 23 عاماً» مضرجتين بالدماء، ومسكوب عليهما سوائل تنظيف، وطعنات من سكين الغدر موزعة على جسدي امرأتين وحيدتين في شقة على الجانب الآسيوي من إسطنبول، ليس لهما ذنب غير أنهما بريئتان، وكانتا تفتحان باب بيتهما للكثير، دون تمييز، وتطعمان دون مِنّة، وترحبان بالقادمين كأصدقاء لا يعرفون الخيانة، ويتحلون بالنبل والشرف كفرسان من عرب التاريخ، لَم تعرف لا «عروبة» ولا «حلا» غير حب الوطن، وأن يبقى لأبنائه نظيفاً، معافى، متعمماً دوماً وأبداً بعمامة الكرامة التي تليق به، والتي زادها المخلصون زهواً وقيمة، وسلبها المتآمرون والانتهازيون حتى دمعة الشرف! نبكي عروبة.. ويا لهفي دمشق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نبكي عروبة ويا لهفي دمشق نبكي عروبة ويا لهفي دمشق



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:42 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

"كارولينا" تحبس كل من يخلف في وعده بالزواج

GMT 01:31 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

أحمد شوبير ينتقل إلى أون سبورت

GMT 17:34 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

55 مشاركًا وأكثر من 100 لوحة فنية تجمعها خيمة الفنون

GMT 07:54 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

إقبال لافت على مشاهدة عروض المهرجان المصري للمسرح

GMT 07:04 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

لوس انجلوس تستعد لاستقبال أوسكار 2016

GMT 12:32 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"شانيل" تطرح بإبداع تشكيلة مجوهرات "سولاسين دي ليون"

GMT 19:13 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

سيف بن زايد يعزي سعيد سلطان بن حرمل في وفاة والده

GMT 11:54 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيفانكا ترامب تتألق بإطلالة مبهرة في عيد ميلاد زوجها

GMT 17:58 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الدوائر الحكومية في دبي تُسعد موظفيها بالسرعة القصوى

GMT 06:26 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

هيئة الكتاب تصدر "القوى السياسية بعد 30 يونيو" لفريد زهران

GMT 17:24 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"كواليس الكوابيس" قصة جديدة لمحمد غنيم

GMT 15:14 2013 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

القطط من أجل راحة الزبائن في مقهى فرنسي في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates