مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

 صوت الإمارات -

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

بقلم - حازم صاغية

 

عند ذكر السودان يتنافس تعبيران كثيراً ما تردّدهما المنظّمات الدوليّة اليوم: «إنّه أكبر مأساة إنسانيّة في العالم» و«إنّه من أكبر المآسي الإنسانيّة في العالم». فقبل ثلاثة أشهر ونيّف، ولم تكن الأرقام الرهيبة قد بلغت ما تبلغه الآن، حذّرت الأمم المتّحدة من أنّ «السودان هو إحدى الكوارث الإنسانيّة الأسوأ في الذاكرة حديثة العهد». وقد تكفي الإشارة، من بين الأرقام الكثيرة المشابهة، إلى أنّ مُهجّري الحرب السودانيّة باتوا يقاربون التسعة ملايين نسمة من أصل 47 مليوناً، أي قرابة خُمس مجموع السكّان. وهؤلاء كلّهم، وعلى نحو مُلحّ، يحتاجون إلى الغذاء والدواء، فضلاً عن الأمان والمسكن.

لكنْ باستثناء ما يكتبه السودانيّون أنفسهم عن أنفسهم، فإنّنا بالكاد نعثر في الكتابات العربيّة على ما يُشعر بالاكتراث أو ما يوحي به. وقد لا نبالغ إذا قلنا إنّ الاستشهاد بـ«لاءات الخرطوم» في قمّة 1967 العربيّة، حين قُرّر أنْ «لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف» بإسرائيل، لا يزال يفوق أيّ ذكر آخر للخرطوم في مأساتها الراهنة.

لكنْ ما سبب التجاهل هذا؟

ما من شكّ في أنّ بيننا عنصريّين تصدّهم عن الاهتمام بالسودان أفريقيّتُه واللون الأسمر لبشرة سكّانه. لكنْ في بيئات ثقافيّة قد لا يصحّ فيها هذا الوصف، يبدو التجاهل أعقد وأشدّ مواربة. ذاك أنّ أحوال السودان تشكّل فضيحة لوعي تلك البيئات التي غالباً ما اعتبرت أنّ النزاعات والصراعات لا تستحقّ صفتها هذه، ناهيك عن الاهتمام بها، ما لم تكن نتاج اصطدام بطرف غربيّ وأجنبيّ، وأنّ الضحايا بالتالي لا يكونون ضحايا ما لم يقتلهم هذا الطرف بعينه. أمّا المَثَل الذي يصفع المتأمّلين فيه فأنّ الذين أبيدوا في سورية يمكن لمرور الزمن أن يطويهم، علماً بأنّ القضاء عليهم حديث العهد، بل متواصل حتّى يومنا، فيما قتلى الجزائر، وهم قضوا في القرن الماضي، فيعيشون معنا على شكل ملحمة دائمة عنوانها «المليون شهيد» لمجرّد أنّ القاتل فرنسيّ.

والسودان (57 مجموعة إثنيّة) بلد فاضح إذ يدلّل على خصوبة النزاعات الأهليّة وعلى أكلافها، ولكنْ أيضاً على صعوبات اشتغال صيغة الدولة الأمّة حتّى أنّه، في 2011، قُسّم ذاك البلد الواحد إلى سودانين مستقلّين، شماليّ وجنوبيّ. هكذا، وأمام تحدّيات كهذه، بدا مُلحّاً أن نمارس الإنكار حيال الحقائق التي تستفزّ ثقافتنا السياسيّة السائدة وتبرهن بطلانها. ذاك أنّ المشكلات الكبرى، كما تكشّفَ مراراً، قد لا تنجم دائماً عن دور استعماريّ، فيما عدم التكيّف مع الصيغ السياسيّة والدستوريّة الغربيّة ليس بالضرورة تهمة باطلة يصِمُنا بها مستشرقون أشرار. والأهمّ أنّ الثقافة التي ترعرعت على اقتراح «الوحدة» حلاًّ للمشكلات وطلباً للقوّة، يصدمها السودان باعتماده الانفصال.

ونذكر كيف أنّ ثقافتنا السائدة تلك كانت كلّما واجهت مشكلة تتّصل بالأقلّيّات الكرديّة والمسيحيّة والأمازيغيّة وسواها، نفتْها عبر ردّها إلى «أصابع» غربيّة أو إسرائيليّة، واكتشفت أثراً ما لهذه «الأصابع» عليها، كما هرع مثقّفوها لتأكيد أنّ مشكلات كهذه إنّما أوجدتها الحداثة وغذّتها، أو أنّها تعبّر عن شيء آخر أعمق كالصراع الطبقيّ، أو عن طبائع خيانيّة لا سبيل إلى مداواتها عند قيادات تلك الجماعات الأقلّيّة. وعلى هذا النحو نكون نشبه أولئك الذين يقولون «ذاك المرض»، متوهّمين أنّهم بهذا يتغلّبون على السرطان.

كذلك نذكر كيف أنّ تعبير «الانفصال»، الذي وُصفت به سوريّا في 1961، حين أنجزت استقلالها الثاني، تحوّل إلى شتيمة سياسيّة تعهّر صاحبها، وهذا علماً بأنّ الانفصال الوحيد الذي لم تستهدفه الأهاجي النضاليّة، ولسبب ليس من الصعب اكتشافه، هو ذاك الذي نفّذته حركة «حماس» بفصلها غزّة، في 2007، عن الضفّة الغربيّة.

لكنْ فوق هذا، بدت التجربة السودانيّة فضائحيّة لثقافتنا من زاوية أخرى تتجاوز التجهيل وردّ المسؤوليّة إلى الأجنبيّ والغريب. ذاك أنّ نرجسيّتنا الطاغية، وبموجبها لا يصدر عن ذاتنا إلاّ الخير المحض، تصفعها ارتكابات الجنجويد في دافور، خصوصاً أنّ الجنجويد هؤلاء عرب ارتكبوا مجازرهم بحقّ الدارفوريّين غير العرب، ولا زالوا يرتكبونها حتّى اليوم.

وعوارض كهذه تتزايد، ويتزايد فتكها بنا، في ظلّ الاستنفار النفسيّ الشامل الذي أحدثته الحرب الإسرائيليّة على غزّة، بحيث أنّه حتّى بلدان كلبنان واليمن وسواهما لم يبق منها ما يثير الاهتمام سوى كونها وظائف وأدوات في الصراع الكبير، فلا تستوقفنا بالتالي حياة تلك البلدان أو اقتصادها أو تعليمها أو أيّ شيء آخر فيها، وأهميّتها كلّها تنخفض تباعاً إلاّ ما اندرج منها في الصراع الكبير مع ما يُفترض أنّه الشرّ الأوحد.

ولأنّ السودان يصعب ربطه بالصراع الكبير إيّاه فليمُت من أهله من يموت، ولتُدفن معهم الفضيحة التي تتسبّب لنا هذه التجربة بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates