قسوة العيش بلا دولة
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

قسوة العيش بلا دولة

قسوة العيش بلا دولة

 صوت الإمارات -

قسوة العيش بلا دولة

غسان شربل
بقلم: غسان شربل

قسوة المَشاهد لا تحتاج إلى تفسير. شبان من الناصرية، في جنوب العراق، لم يجدوا غير الجرافات وسيلة لاقتلاع مراكز الأحزاب التي يعتقدون أنَّها تستكمل جرف بقايا الدولة العراقية لترسيخ حكم الغابة. وهو غضب مفهوم على جهات يتَّهمها المحتجون بقتل الناشطين أو خطفهم ومحو آثارهم. والحقيقة أنَّ عملية القتل الممنهجة التي مُورست في ساحات الاحتجاج في بغداد والمدن الأخرى تفوق القدرة على الاحتمال. إنَّها درجة عالية من الاستبداد والوحشية وانتهاك أبسط الحقوق مع قناعة راسخة لدى المرتكبين بالقدرة على الإفلات من العقاب.
يزيد من صعوبة الوضع العراقي أنَّ بعض القوى التي لا تؤمن بالدولة العراقية ومؤسساتها وقوانينها، نجحت في التسلل إلى داخل الدولة وتنعم برواتبها وتسهيلاتها. ولأنَّ الأحزاب التي استُهدفت مقراتها هي أحزاب حليفة لإيران، ترتدي معركة استعادة حضور الدولة العراقية طابعاً داخلياً وخارجياً في آن. يريد المحتجون استعادة قرار الدولة العراقية من الفصائل العراقية المسلحة، وكذلك من الدور الإيراني الذي وفَّر لهذه الفصائل مظلة حماية دائمة.
إذا كانت المَشاهد الوافدة من العراق تعبّر عن قسوة العيش بلا دولة فإنَّ مثل هذه القسوة يطل أيضاً من المشاهد اللبنانية رغم الاختلافات. سمعت عبر الشاشات شهادات شبان لبنانيين كثيرين. استوقفني عناد كثيرين منهم، وتمسكهم بحلم التغيير وإطاحة الطبقة السياسية الفاسدة، رغم ما أظهرته من براعة في الالتفاف والمخادعة والغدر لضمان استمرار سيطرتها ومصالحها. حملت الشاشات شهادات من لون آخر. شبان تسرَّب اليأس إلى قلوبهم بفعل الانتكاسات المتلاحقة لأحلامهم. كسرت الجريمة الواسعة التي شكّلها انفجار مرفأ بيروت قدرتهم على العيش على الخريطة المستباحة من الداخل والخارج. لهذا يجاهرون برغبتهم في اغتنام أول فرصة للاستقالة من الوطن.
شهادات صارخة. شبان يعدّون الإقامة إضاعة لأعمارهم وأحلامهم. خلخلت منظومة الفساد علاقتهم بأرض أجدادهم فصاروا يرون كلَّ فرار مكسباً. يعدّون الإقامة نوعاً من الاغتيال لطموحاتهم وتطلعاتهم وإنسانيتهم. شكا هؤلاء أنهم كلَّما حاولوا التعبير عن غضبهم بالطرق السلمية، استُدرجوا إلى اشتباك تستغله القوى المتحكمة لترشقهم بالخردق والرصاص المطاطي، فضلاً عن الاعتقالات وما يرافقها أحياناً من ممارسات أقلع معظم الدول عن السماح بها.
إنَّها مأساة فعلاً أنْ تكتشف الأجيال الشابة أنَّ عليها أنْ تخوض الآن معركة بناء الدولة التي كان يُفترض أنْ تُخاض وتُربح قبل عقود. ثم إنَّها معركة تُخاض في ظروف بالغة الصعوبة بين الأنياب الداخلية والأنياب الخارجية. لا ضوابط داخل الخرائط التي تصدَّعت حدودها واختُرقت. ولا ضوابط لسلوك القوى العدوانية في الإقليم. ويبلغ سوء الحظ ببعض الدول درجة الوقوع تحت أعلام كثيرة تفاقم التمزقات الداخلية وتسعّر حروب الجُزر.
ما أصعبَ أنْ تولد في مكان صعب. وأنْ تكونَ في أول شبابك. وتتوهَّم أنَّك مطالب ببناء مستقبلك ومستقبل بلادك أيضاً. وأنْ تصدّق أنَّك قادر على التغيير. وأنَّ المغامرة تستحق الثمن حتى ولو كان باهظاً.
ما أصعبَ أن تكتشف باكراً أنَّك وُلدت في خريطة مسروقة، اخترقتها الإرادات الأجنبية وعثرت فيها على ملاذات آمنة، وأنَّ بعض أبناء الخريطة وقعوا في جاذبية هذا الزائر الغريب أو ذاك وتحولوا جنوداً في حروبه أو دمى في ألعابه. وما أقسى أنْ تكتشف أنَّ العنف لغة التخاطب الوحيدة المؤثرة، وأنَّ القدرة على إهدار التقدم تتقدَّم على كل المواهب، وأنَّ الأرض وسكانها يتكيفون مع الأشد وطأة وبغضّ النظر عن سياساته وتبعياته. تُسرق الخرائط من الخارج على يد القوى الدولية الطامعة، أو القوى الإقليمية الشرهة. تُسرق من الداخل على يد دعاة الغلبة والاستبداد والانفراد بالقرار والاستئثار بالمكاسب والثروات.
مؤلم أن تُسرق الخرائط من الخارج، وأن تسقط إرادتها تحت الاحتلال. لكنّ هذا الظلم مرشّح للتواري إذا تبلورت داخل الخريطة إرادة جامعة تتمسك بالحرية والسيادة والاستقلال. وتقول التجارب إنَّ قتل الأوطان من الخارج مستحيل. لا يملك الغريب هذه الفرصة على الإطلاق. القتل الحقيقي يأتي من الداخل. من تفكك المعادلة الوطنية والجبهة الداخلية. من بلوغ الكراهيات حد الانضواء في برامج مسلحة للشطب والإلغاء. من الرغبة الكامنة في اللون الواحد وإبادة أي اختلاف.
تزداد المحنة قسوة حين تتجذر داخل الخرائط قوى ترى الحليف الخارجي أقربَ إليها من المواطن المختلف المقيم في الحي المجاور. ومن عادة هذه القوى التي تهرب من مستلزمات المرونة والتنازل لإبرام تسويات مقبولة في الداخل أن تقدم تنازلات أكبر للحصول على حمايات الخارج. وفي البداية تحتفل هذه القوى الداخلية بالعثور على حليف خارجي كأنها عثرت على المنقذ. لكنَّها لن تتأخر في اكتشاف أن أول ما فقدته هو قرارها وتحولها إلى أداة في سياسة أكبر منها وممنوع عليها المشاركة في رسمها أو التساؤل عن صحتها وكيفية تطبيقها.
هذا ما يفكر به المرء وهو يتابع الصور الوافدة من البصرة أو الناصرية أو بيروت. غياب الدولة التي تستحق التسمية يهدر دم الناس، ويبدد ثروات البلاد، ويضاعف فرص التمزق. لهذا يبدو العراق محتاجاً إلى ما هو أكثر من إعادة انتشار للقوات الأميركية. وهذا ما يعرفه مصطفى الكاظمي الذي عاد من واشنطن إلى البصرة ليؤكد أنَّ اغتيال الناشطين لن يؤدي إلى اغتيال حلم استعادة الدولة.
لا يُبنى المستقبل العراقي باغتيال الناشطين وبحملة التضليل الإعلامية التي تهدر دمهم. ولا يُبنى بالتأكيد بإطلاق الصواريخ لإخراج نفوذ خارجي لمصلحة نفوذ آخر. ولا يُبنى المستقبل أيضاً باحتقار الدستور وإجراء الانتخابات في بحر استنفار العصبيات على أنواعها. لا طريق إلى المستقبل من دون المرور عبر الدولة والمؤسسات. يمكن قول الشيء نفسه عن لبنان. ومن المخزي حقاً أنَّ المقتلة الأخيرة التي ألحقت دماراً بنصف العاصمة، وتهدد بموجة هجرة غير مسبوقة لم تُقنع بعض المسؤولين والسياسيين بالخروج من قاموس اللادولة. اللبناني يُفقَر ويُدفع باتجاه الجوع. اللبناني يُحتقر ويُدفع باتجاه الهجرة. ورغم ذلك فإنَّ ثمة من لا يزال يفكر بحصته في الحكومة وقدرته على مواصلة الأحقاد المزمنة، بدل الاتعاظ من المأساة والإبحار في اتجاه منطق دولة القانون.
إنَّها قسوة العيش بلا دولة فعلية في العراق ولبنان وكل الأماكن المستباحة المعلقة على حبال الترابط القاتل بين شراهات الداخل والخارج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قسوة العيش بلا دولة قسوة العيش بلا دولة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates