خرائط وحرائق
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

خرائط... وحرائق

خرائط... وحرائق

 صوت الإمارات -

خرائط وحرائق

غسان شربل
بقلم: غسان شربل

في الغابة كانت السيدة تشرحُ لابنها الذي راودته رغبة في التسلل. علينا احترام الإرشادات. هذه الشجرة جزءٌ من ثروتنا الوطنية. إنَّها ملكُ الأجيال المقبلة أيضاً. لا يحقُّ لأحد أن يتسبب في إتلافها. قتل الأشجار جريمة يعاقب عليها القانون. تنفق الدولة أموالاً ضخمة لحماية الغابات والحدائق وحفظ التوازن البيئي. قالت له إنَّ تطويق شجرة الأَرز الضخمة بالحبال يهدف إلى تذكير الزوار بعدم الوصول إليها. قرأت له العبارة المكتوبة على كرتونة بيضاء لافتة: «أنا مسنة ومتعبة جداً. الرجاء عدم تسلق أغصاني أو الجلوس تحتها». إنَّها رسالة دُبّجت باسم الشجرة نفسها لإقناع صغار الزوار بعدم تعريضها للإيذاء وعدم تعريضهم أيضاً. دققت في هيكل الشجرة المتكئة على سنوات كثيرة فوجدت غصناً ضخماً مكسوراً بطريقة قاسية. واضح أنَّ العاصفة هاجمت الشجرة واغتالت أحدَ غصونِها. وحرصاً على الشجرة والزائرين حاكت الجهة المسؤولة هذه الرسالة الراقية.
استوقفني الموضوع وسلوك المسؤولين عن هذه الحديقة العامة المترامية الأطراف. ففي زمن يلتهم فيه «كورونا» مواطنين وميزانيات، لا تتردّد الجهة المحلية المسؤولة في بذل قصارى جهدها لإنقاذ شجرة قديمة وزوارها. ولأنَّني وافد من الشرق الأوسط الرهيب كان طبيعياً أن أسقط في المقارنات. والحقيقة هي أنَّني لم أطالب لشجرة في لبنان أو سوريا أو العراق أو غيرها بمعاملة مشابهة لتلك التي تحظى بها الشجرة البريطانية. ولو فعلت ذلك لاستهجن القوم وسخروا، وقالوا إن الإقامة في لندن أفسدتني وقطعت صلتي بجذوري. وللإنصاف أنا أطالب أو أحلم بأن يعامل المواطن في بلداننا الشائكة بقدر من المرونة يشبه التعامل مع الشجرة البريطانية أو يقترب منه. ومعلوماتي أنَّ المواطن لا يعامل على هذا النحو، لا في السجون الموزَّعة داخل الخرائط، ولا في الخرائط التي تحولت إلى سجون هائلة.
ذكَّرتني الحادثة بالصدمة التي يتعرَّض لها وافدٌ مثلي من الشرق الأوسط حين يكتشف أنَّه ليس طليق اليد في تنفيذ حكم الإعدام بأشجار حديقته لمجرد أنَّها لا تعجبه. اقتلاع شجرة راسخة يستلزم الحصول على إذن من السلطة المحلية، وأن تكون لديك الأعذار المقنعة للتخلص منها كأن يشكل استمرارها نوعاً من الخطر أو الضرر أو أنَّ لديك أسباباً وجيهة لشطبها.
أكتب لأنَّ قارئاً صديقاً استهجن قبل أيام أن تكون الصورة الرئيسية في الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط» صورة حرائق تلتهم الأحراج في سوريا. وكان قصد القارئ أنَّ الحرائق التي تلتهم الناس أعنف بكثير من الحرائق الموسمية التي تقتل الأشجار. كان قصده أنَّ حرائق الأحراج تندلع بفعل ارتفاع حرارة الطقس أو انتقال شرارة خطأ أو تعمد إلحاق الضرر، لكن الحرائق التي تشوي المواطنين تعمل على مدار الأيام والأعوام.
قال القارئ إنَّه لا يقلل أبداً من أهمية المحافظة على الغابات، لكنه يعتقد أنَّ الخريطة بكاملها تشتعل بفعل حرائق مزمنة أشد خطورة. واعتبر أنَّ مشهد لبنانيين ينتظرون حلول الظلام للاقتراب من أكوام النفايات والبحث فيها عمَّا يمكن أن يرد الجوع صار مشهداً عادياً. أنا لا أقول إنَّ إنقاذ الأشجار ليس مهماً لكنَّني أقصد أنَّ الحرائق أخطر بكثير مما يعتقد. يدخل في باب الحرائق الإعلان أنَّ أكثر من 55 في المائة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، وأنَّ لبنانيين آخرين سينضمُّون إليهم في المرحلة المقبلة. وقال إن من بين الحرائق تعرض آخر ما يمتلكه المصرف المركزي لعملية استنزاف بفعل تهريب السلع المدعومة إلى ما وراء الحدود، وكل ذلك لا يمكن أنْ يتم من دون رعاية فاعليات فعلية. العملة الوطنية احترقت عملياً. المؤسسات احترقت معها. الكرامة الوطنية تفحمت بفعل مناورات السياسيين. المقيمون داخل الخريطة رهائن تحيط بهم أشجار محترقة ونفوس متخشبة ودولة متآكلة وقراصنة أصحاب تاريخ في إحراق السفن بعد نهبها. يدخل في باب الحرائق أيضاً إبقاء البلد الجائع معلقاً بلا حكومة، بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية والتعليمات الإيرانية والعقاقير الدولية.
واعتبر القارئ العاتب أنَّ حرائق تندلع في كثير من بلدان العالم. حتى أميركا وكندا وأستراليا تجد أحياناً صعوبة في احتواء أمواج الحرائق. نحن تذكرنا الحرائق بالحريق الأهم وهو فشلنا في بناء دولة ومؤسسات. نتباخل على أجهزة الإطفاء والدفاع المدني ونبدّد الأموال على المواكب والفاسدين، ومن دون أن نقيم أي اعتبار لحياة البشر أو حياة الأشجار. بلا دولة تستحق التسمية يستحيل إنقاذ البشر والأشجار والأحجار. الخوف هو أنَّنا نسافر في الاتجاه المعاكس. نرشُّ على الموت كلاماً قديماً. نغطي الجروح بالعسل الفاسد فتزداد التهاباً. نهرب من استحقاقات الدولة والعصر إلى كلام قديم يعطّل الحوار والعقل والنقاش، ويجعل المستقبل مجرد امتداد للماضي من دون الاعتراف بأنَّ مراكبَ الماضي احترقت مع قواميسه.
اعترف السيد القارئ بأنَّ الحرائق في سوريا ضخمة ومقلقة وتثير الغضب وربما التساؤلات. لكنَّه لاحظ أنَّ الحريق الفعلي هو أنَّ سوريا التي قاومت التغيير ثم قاومت الإرهابيين لم تبدأ بعد رحلة العودة إلى دولة طبيعية تجيد الإفادة من التجارب المدمرة والدروس الصارخة. مئات آلاف القتلى وجيش من السجناء والمفقودين. تدهور مريع للعملة الوطنية وجروح عميقة في جسد الوحدة الوطنية. ملايين المواطنين يقيمون تحت خط الفقر وملايين غيرهم ينتشرون في الدول المتاخمة. هذا حريق ما بعده حريق. فقر وانسداد ووصايات ومظلات وآلة قديمة في منطقة صاخبة تتغير. واعتبر أنَّ تغطية الجروح بالعبارات الحزبية القديمة أفضل وصفة لترشيح البلد للحرائق لاحقاً.
مؤلم تماماً ما يقوله اللبناني. والسوري. والعراقي. واليمني. والليبي. حريق الأشجار مؤلم، لكن بلداننا خرائط تحترق بسكانها وأشجارها وتحرق مستقبل أطفالها. متى نستيقظ على حكومات تحترم المواطن وتحترم الشجرة وتحترم العقول وتحترم الأرقام؟ متى نخرج من زمن العرَّافين والمنجمين وتجار الكلام وباعة الأوهام؟ متى نحترم التقدم والجامعات والأبحاث والشفافية والنزاهة وأعمار أطفالنا وأطفالهم؟ تعبنا من حريق الأشجار وحريق الأعمار. تعبنا من الذين يحمّلون الخرائط ما لا تستطيع احتماله. ومن الذين يستخدمون القوة لفرض الزي الموحد على مجتمعات متعددة. تعبنا من تزوير الأولويات وتبرير الجوع والتدهور الاقتصادي والاستعانة بالتوابيت لقهر أحلام التغيير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خرائط وحرائق خرائط وحرائق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates