واشنطن و «الاخوان»

واشنطن و «الاخوان»

واشنطن و «الاخوان»

 صوت الإمارات -

واشنطن و «الاخوان»

بقلم _ عريب الرنتاوي

تتجه واشنطن، كما يصدر عن دوائرها، إلى إعلان «جماعة الاخوان المسلمين» منظمة إرهابية، وإدراجها على قوائمها السوداء، مع كل ما يستدعيه ذلك من تداعيات ومترتبات... القرار لم يصدر بعد، وهو يثير خلافات داخل الإدارة، لكن أغلب الترجيحات تؤكد أنه سيصدر، وربما بأقرب مما نعتقد ويعتقد كثيرون، جرياً على دأب هذه الإدارة منذ توليها مقاليد السلطة في الدولة الأعظم.
لماذا القرار؟ ولماذا الآن؟ من الذي أوحى به؟ وما هي تداعياته الأوسع؟ وهل من انعكاسات على الأردن؟
لا شك أن جماعات الإخوان المسلمين، وضِعت تحت مجهر الدوائر والأجهزة الأمنية الغربية منذ زمن طويل، وبالأخص بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعلى نحو أخص بعد الانهيارات التي أعقبت سقوط حكمهم في مصر في العام 2013... لكن هذه الدوائر، بدت مترددة في إدراج الجماعة على قوائمها السوداء، ونجحت في إدارة الظهر لمطالبات من داخل عالمنا العربي بفعل ذلك، ولذلك جملة أسباب منها:
أولاً: أنه لا دليل صلباً على تورط الجماعة في الإرهاب، ربما تكون بعض أجنحتها في بعض الدول قد تورطت بهذا القدر أو ذاك، ربما تكون بعض فروعها قد أقدمت على تشكيل ما يسمى «التنظيم الخاص/ السري» كمنظمة أمنية مسلحة... وربما تكون بعض الحركات الجهادية قد انبثقت عنها أو خرجت من رحمها أو خرجت عليها ...لكن الجماعة بكليتها، وهي التنظيم الأعرض والأقدم والأكثر شعبية من بين جماعات الإسلام السياسي في العالمين العربي والاسلامي، لم تتورط بالإرهاب ... هكذا خلصت تحقيقات لندن وباريس وألمانيا، وبهذا يحاجج معارضو التوجه الجديد للرئيس دونالد ترامب من داخل إدارته.
ثانياً: إن إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب، سيخلق مشاكل عديدة للسياسات الدولية حيال هذه المنطقة، وفي بعض دول العالم من خارجها، فالتنظيم يحتفظ بعلاقات تحالفية أنظمة الحكم في العديد من دول العالم (الباكستان، تركيا وقطر على سبيل المثال لا الحصر)، والتنظيم بطبعاته المختلفة، يتولى السلطة أو يشارك فيها في كل من المغرب وتونس و»قطاع غزة» ... وهو يقاتل إلى جانب واشنطن في اليمن، ويندرج في عداد المعارضات السورية التي رعتها واشنطن ودعمه حلفاؤها، وهو من ضمن «الحكومة الشرعية» في طرابلس، ويتواجد في برلمانات عدد من الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة (الأردن، البحرين وغيرهما)، وفوق هذا وذاك وتلك، فالتنظيم ما زال حاضراً وبقوة في الشوارع العربية والإسلامية ... إدراجه على لوائح الإرهاب، «يحرم» الدبلوماسية الأمريكية» من فرص سياسة عديدة، وقد يعرقل أدوارها في عديد من الساحات ودول الأزمات.
ثالثاً: إن إدراج التنظيم على لوائح الإرهاب، سيعني من ضمن ما يعني، فقدان دول غربية لقنوات اتصال وتعاون أمني وسياسي مع الجماعة الكبيرة التي تحتفظ بمئات المؤسسات التابعة لها، من دعوية واجتماعية وتربوية ومالية واقتصادية في الغرب، وهي – الجماعة - في سبيل الحفاظ على وجودها هناك، تتعاون مع دوائر وأجهزة استخبارية غربية، في توفير معلومات عن «شبكات إرهابية» ... والغرب ظل ينظر للجماعة منذ نشأتها قبل ما يقرب من قرن، بوصفها أحد خياراته إن لمواجهة المد القومي واليساري والشيوعي في أزمنة سابقة، أو لمواجهة التهديد «الإيراني/الشيعي» في أزمنة لاحقة، أو كبدائل محتملة لأنظمة متهالكة وفاقدة للشرعية،  كما في سياقات الربيع العربي ... تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، سيحرم الغرب من هاتين الإمكانيتين.
سؤال لماذا الآن، هو ذاته سؤال من الذي أوحى لواشنطن بذلك؟، فالمعلوم أن عدداً من أقرب الدول الحليفة لواشنطن، استبقت واشنطن لإعلان الجماعة منظمة إرهابية، وهي تنظر لها بوصفها تهديداً جدياً لمستقبلها، وتضعها في صدارة استهدافها، ويبدو أن ترامب بات مقتنعاً بضرورة إرضاء هؤلاء الحلفاء، ولا ندري إن كان لذلك ثمن في المقابل، وما إن كان هذا الثمن مرتبط بـ»صفقة القرن» أم بــ «صفقات مالية فلكية»؟
بالنسبة لنا في الأردن، يأتي القرار الأمريكي في توقيت غير ملائم أبداً ... الأردن نجح في تحمل ضغوط  لإدراج الجماعة في عداد المنظمات الإرهابية والانقضاض عليها، وهو ما ترك أثراً إيجابيا لدى الحركة الإسلامية الأردنية، ودفعها لتقديم مبادرات وخطابات تصالحية أكثر اعتدالاً ... غداً سيأتينا الضغط من «الحليف الاستراتيجي» لكأنه لا تكفينا «التهديدات والتحديات» التي تستبطنها مبادرته المعروفة بـ»صفقة القرن»، حتى يضيف إلى أعبائنا عبئاً جديداً ... مثل هذا التطور الخطير إن وقع، يستدعي الشروع في أعمق الحوارات السياسية للوصول إلى «الفهم والتفهّم والتفاهم « حول مترتبات هذا القرار وتداعياته، مستثمرين في «الريح الجديدة» التي هبّت على خطاب الحركة الإسلامية ومراجعاتها، والتطورات التي شهدتها العلاقة بين نظامنا السياسي والحركة الإسلامية، حتى ننجح في حفظ «خصوصيتنا» الأردنية، النابعة من رشد ورشاد مختلف أطراف العملية السياسية في بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن و «الاخوان» واشنطن و «الاخوان»



GMT 20:25 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

خيارات غزة: ما العمل؟

GMT 20:23 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

حين تثأر الإمبراطوريات المجروحة

GMT 20:17 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

«نجوى فؤاد».. ليست نمرة

GMT 19:49 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

عودة الجماهير للملاعب!

GMT 19:43 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

الفلوس.. والقضية

GMT 12:23 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 11:27 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 00:44 2024 الأحد ,18 شباط / فبراير

النفط يرتفع بسبب التوترات في الشرق الوسط

GMT 04:15 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

تضحية غريبة من شاب هندي لإعادة محبوبته

GMT 02:26 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

غادة عبد الرازق تكشف عن حقيقة زواجها مرة أخرى

GMT 13:23 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

وضع أول دليل لإعداد وصياغة التشريعات في دبي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شركة "تسلا" تُعلن نيتها إطلاق أول "بيك آب" كهربائية

GMT 21:25 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

راندا المهدي تحقق أنجازًا تاريخيًا في سباق "إيرون مان"

GMT 13:13 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم زبانا لسعيد ولد خليفة للمرة الاولى في فرنسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates