غزلٌ بين دمشق وواشنطن

غزلٌ بين دمشق وواشنطن

غزلٌ بين دمشق وواشنطن

 صوت الإمارات -

غزلٌ بين دمشق وواشنطن

بقلم : عريب الرنتاوي

ردّ الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد التحية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأحسن منها ... الأخير، مرشحاً ورئيساً، شدد في غير مناسبة على أن إسقاط الأسد ليس مهمة مدرجة على جدول أعماله في سوريا، وأن همه الأول – وربما الأخير – هو “مسح داعش عن وجه الأرض”... الرد السوري، جاء على أرفع مستوى: أهلاً بالقوات الأمريكية في سوريا إن استجابت لشرطين، الأول؛ التنسيق مع دمشق، والثاني؛ احترام سيادة سوريا ووحدتها.

نحن إذن، أمام موجة “غزل”، عذري حتى اللحظة، ورسائل متطايرة عبر وسائط الإعلام، وربما عبر قنوات خلفية ينشط الوسطاء في تحريكها وتسليكها، تفتح صفحة جديدة في الأزمة السورية ... وإذا ما سار الحال على هذا المنوال، فقد نصبح عامل تغيير جديد “Game Changer” في اتجاهات ومآلات الأزمة وسيناريوهات حلها.

مثل هذه التطور في الموقفين السوري والأمريكي، يرضي إلى حد كبير أحد حلفاء سوريا ويقلق حليفاً آخر ... موسكو التوّاقة لفتح صفحة تعاون مع إدارة ترامب، لا شك أنها تتابع بارتياح مثل هذه التطورات وتشجع عليها، وربما تتوسط من أجل تذليل العقبات التي تعترض طريقها ... أما إيران، الحليف القوي الثاني لدمشق، المشتبك بقوة مع إدارة ترامب، فلا شك أنها تتابع الأمر بحذر وقلق، وتحصي عن كثب كل شاردة وواردة على هذا الصعيد.

القوات الأمريكية موجودة على الأرض السورية، هناك وحدات خاصة وخبراء وأربع قواعد صغيرة على أقل تقدير وسلاح جو لا يفارق الأجواء السورية ... الأسد يعرف ذلك، ولا قدرة له على منعه أو تغييره، وإن كان يأمل في فتح صفحة تعاون مع البنتاغون، تمكنه من استعادة شرعية “دولية” كاد يفقدها، وتعيد إدماجه في المجتمع الدولي ... أما حكاية وحدة سوريا وسيادتها، فالأرجح أن للأمر صلة بملف العلاقات الكردية الأمريكية المقلق للأسد وغريمه اللدود رجب طيب أردوغان ... وفي باب السيادة نستذكر أن “الحاكم العربي” اختزل “سيادة الدولة” بـ “سيادة الرئيس”، فما الذي يقصده الأسد على وجه الخصوص؟!، وأي من السيادتين يعني على وجه التحديد؟!

على أية حال، يدرك الأسد أن لاستئناف العلاقة مع واشنطن في عهد دونالد ترامب، متطلبات وشروطا، الأرجح أنه تبلغ بها، أو على الأقل، لديه تقديرات بشأنها، منها وفي صدارتها، تحجيم الدور الإيراني في سوريا وإنهاء مهمة حزب الله فيها، إن لم يكن فوراً ودفعة واحدة، فبالتقسيط وعلى مراحل غير متباعدة كثيراً ... مثل هذا المطلب/ الشرط، يجد صدى إيجابياً له في موسكو، أو على أقل تقدير، لا يجد ممانعة روسية، فموسكو ليست مرتاحة تماماً لكل هذا النفوذ الإيراني في سوريا، وهذا أمرٌ لم يعد موضع اجتهاد بعد أن تأكد لنا من مصادر عديدة واسعة الاطلاع.

كما أن مطلباً/ شرطاً كهذا، سيثير الارتياح في عواصم أخرى عديدة، إن لم نقل جميع العواصم، باستثناء قسم من العراقيين وقسم من اللبنانيين ... أنقرة ستجده فرصة للتخلص من منافس قوي وعنيد وخشن ... الأردن سينظر إلى أثر ذلك الإيجابي على “الجبهة الجنوبية” حيث ترابط قوات لحزب الله والحرس الثوري ليس بعيداً جداً عن حدوده الشمالية ... دول الخليج ستقيم “الأفراح والليالي الملاح”، أوروبا سترى في ذلك تطوراً إيجابياً وفي الاتجاه الصحيح ... خبرٌ كهذا سيسقط برداً وسلاماً على أطراف عديدة.

ليست مهمة سهلة على الإطلاق بالنسبة للأسد ... الغزل بين العاصمتين لن يبقى “عذرياً” إن أريد له طي صفحة الماضي بالكامل وفتح صفحة جديدة بينهما ... إيران بنت قاعدة نفوذ مادي وسياسي يصعب تفكيكها دفعة واحدة أو حتى على مراحل متقاربة ... ثم أن الأسد سيحتاج إلى سنوات – ربما – لبناء الثقة بكل العواصم التي ذكرنا، وهو الذي يختزن في ذاكرته بأشرطة صور لاجتماعات “نادي أصدقاء سوريا” ومطالباتهم المتكررة له بالتنحي تحت طائلة التنحية ... ومن دون إيران ووجودها ودعمها الكبيرين، سيصعب عليه التصدي لأية انتكاسة في التفاهمات أو خذلان من قبل واشنطن وحلفائها أو تحول في اتجاهات الرأي العام السوري حياله.

لا شك أن الأسد، الذي قال صحفي لبناني في وصفه بأنه “أسير المحبسين”، الإيراني والروسي، يفضل التعامل مع موسكو على طهران، وقد وجد في التدخل الروسي الواسع في سوريا في أيلول 2015 – كما ذكرنا في حينه –متنفساً مكّنه من هامش مناورة أوسع بين حليفين ... لكن الأسد في دواخله، يعرف أن إيران مستمسكة به شخصياً وبحكم سلالته، بخلاف موسكو التي قد تحمله على أكتافها لمرحلة انتقالية، بيد أنها لن تستطيع حمله “إلى الأبد”، كما قلنا ذات مقال أيضاً.

مستقبل الغزل الأمريكي – السوري، رهن بالنتيجة النهائية للعمليات الحسابية التي يجريها بلا شك الرئيس السوري وطاقمه المصغر ... والرجل وفريقه الذي لا يتغير ولا يتبدل إلا بفعل العناية الإلهية، سبق وأن أجرى تمريناً حسابياً في ظروف أحسن مما هي عليه اليوم، عندما زاره كولن باول في العام 2004، وقدم له نفس العرض تقريباً: يتخلى عن حلفه مع إيران ويوقف دعمه لحزب الله ويغلق مكاتب حماس في دمشق ويبعد خالد مشعل وصحبه عنها، نظير علاقات طبيعية مع واشنطن وأصدقائها ... يومها رفض الأسد، وطار كولن باول، ووصل المشروع الأمريكي في العراق طريقاً مسدوداً، وتمددت إيران في المنطقة لتملأ فراغ واشنطن، وبقية القصة معروفة.
 
في ظني أن الأسد لن يتخلى تماماً عن إيران، وليس بمقدوره أن يفعل ذلك بعد كل ما استثمرته في سوريا من مال ورجال وسلاح ... لكن الباب سيظل مفتوحاً لتقليص الدور الإيراني والحد من دور حزب الله في سوريا حتى لا نقول إنهاؤه في مرحلة قادمة، إن لم يكن لرغبة من النظام، فتحت ضغط الحليف الثاني: موسكو ومتطلبات الحل السياسي لسوريا ... قد لا يكون ذلك “ثمناً” كافياً لإقامة علاقات طبيعية بين الأسد وترامب، أو تسليك الطريق بين دمشق وواشنطن في الاتجاهين، بيد أنه ربما يكون كافيا لـ “تفادي شرورها”، وهذا أضعف الإيمان.

المصدر : صحيفة الدستور

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزلٌ بين دمشق وواشنطن غزلٌ بين دمشق وواشنطن



GMT 20:24 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 19:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 19:28 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

GMT 20:21 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيلي حيال الأردن

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates