عودة داعش

عودة "داعش"

عودة "داعش"

 صوت الإمارات -

عودة داعش

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

لا يكاد يمر أسبوع واحد، من دون أن ينفذ تنظيم الدولة الإسلامية عملية عسكرية واحدة على الأقل، إن لم يكن في سوريا ففي العراق...الأمر الذي يعيد طرح السؤال حول جدية الادعاء بالقضاء على التنظيم الإرهابي الأكثر شهرة..."ادعاء" تتبارى أطراف عديدة، في نسبته إليها، من موسكو إلى واشنطن، ومن طهران إلى أنقرة، مروراً بدمشق وبغداد.

لا شك أن "داعش" أصيب في مقتل، بعد "الحرب الكونية المركبة" التي شنتها عليها مختلف الأطراف التي أتينا على ذكرها، وإن بأقدار متفاوتة، وفي ساحات مختلفة...بيد أن الحقيقة التي لا تخطئوها العين، أن تدمير مؤسسات "دولة الخلافة" واستعادة السيطرة على معظم "جغرافيتها"، لم يجهزا على التنظيم نهائياً، فهو ما زال يجد مساحات واسعة للتحرك في البادية السورية – العراقية وجنوبي الفرات، ويحتفظ بمواقع وقواعد في عدد من البلدات والتجمعات السكانية النائية، فيما محاولات "ترميمه" لا تتوقف، ويبدو أنها تحقق بعض التقدم، بدلالة نجاحه في التعرض بقسوة للحشد الشعبي، وتمزيقه قلب بغداد، وتمكنه من توجيه ضربات موجعة للجيش السوري والفصائل الحليفة.

ومما لا شك فيه، أن التنظيم يستفيد من "مظلمات" فئات عراقية واسعة، لم تتمكن حكومات بغداد المتعاقبة، من تلبية احتياجاتها، وإعادة إعمار مدنها وقراها، وتتعرض لقسوة مفرطة وفوضى السلاح المدجج بالمذهبية، الذي تجلبه معها وحدات "الحشد الشعبي" في مدن وبلدات ومحافظات المكوّن السنّي...ولا شك أن فوضى الأمن وتفشي الفساد، واصطراع الأجهزة، وتغوّل الحشد على مؤسسات الدولة و"القائد العام"، هي "شقوق" تتيح للتنظيم النفاذ من خلالها، لتوجيه ضربات مؤلمة، تذكّر بما كان عليه حاله قبل سنوات من سقوط "خلافته".

وفي سوريا، لا يبدو أن النظام قادر على إحكام سيطرته على مناطقه "المحررة"، سيما في البوادي الشرقية الواسعة، ولا شك أن الضائقة الاقتصادية والفشل في التعاطي مع "ملفات ما بعد الحرب"، والعقوبات الأمريكية – الدولية الجائرة، وحالة الانهاك التي يعيشها الجيش السوري والقوات الحليفة، تمكن التنظيم من التقاط أنفاسه، وإعادة تنظيم صفوفه، والاطلالة برأسه البشع من جديد.

لكن مشكلة "داعش" الأساسية اليوم، أنه لم يعد يجد حواضن إقليمية ودولية، تمكنه استعادة حضوره القوي في المناطق التي يعمل بها ويتحرك فوقها..."داعش" ما كان ليسطّر كل تلك النجاحات، لولا شرايين الدعم المالي والتعبوي والعقائدي الإقليمي، المفتوحة على اتساعها...لولا التسهيلات التركية وحرية تنقل المسلحين والأموال والسلاح، والتجارة التي لم تتوقف على النفط والآثار، بل وكافة أنواع المحظورات...لولا الانقسامات في جبهة القوى العالمية المتصارعة في سوريا والعراق وعليهما، والتي مكنت التنظيم من توظيف هذه الانقسام في بناء عناصر قوته واقتداره.

اليوم تبدو الصورة مختلفة، فالتنظيم مشتبك مع مختلف الأطراف المشار إليها، وداعموه السابقون، توقفوا عن إمداده بالمال والسلاح، حتى أن عمليات "غض الطرف" باتت غير متاحة في كثير من الأحيان...الحلقة تضيق من حول عنق التنظيم، ولذلك نراه يعتمد استراتيجية "الاعتماد على الذات" بعد أن تقلصت مساحة "العون الخارجي".
إن لم يجر التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يفتح الطريق لإعادة الإعمار وإعادة اللاجئين وحل المعضلة الاقتصادية...إن لم ينجح مشروع الكاظمي في استعادة الدولة العراقية، وتفكيك منظومة الفساد، وتحجيم الكيانات و"الدول الموازية"، والشروع في استعادة التوازن والاتزان للعملية السياسية، وإطفاء مظلوميات قطاعات مهمة من الشعب العراقي، فلن يكون مستبعداً أبداً، أن نرى التنظيم وقد استعاد كثيراً من حضوره الدامي، وتحول من جديد، إلى لاعب رئيس على مسرح البلدين الجارين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة داعش عودة داعش



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 16:55 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 صوت الإمارات - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:46 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 صوت الإمارات - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 11:47 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 18:20 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 07:14 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

كيري يعود إلى الشرق الأوسط لدفع محادثات السلام

GMT 21:18 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عائلة تركية تتجول بين 26 دولة حول العالم بالدراجة الهوائية

GMT 03:08 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وكيل وزارة الدفاع يستقبل مساعد وزير الدفاع الباكستاني

GMT 05:57 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

عبدالله مال الله يكشف أصعب لحظاته في الملاعب

GMT 18:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

"سانغ يونغ" تبدأ باختبار سيارات "Korando"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates