جيوش عقائديةجيوش عقارية

جيوش "عقائدية"...جيوش "عقارية"

جيوش "عقائدية"...جيوش "عقارية"

 صوت الإمارات -

جيوش عقائديةجيوش عقارية

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

أنزلتني الباخرة اليونانية في ميناء طرطوس، وبحماية فرقاطتين، فرنسية وأمريكية، كنّا مئات من رجالات منظمة التحرير بفصائلها المختلفة على متن تلك الرحلة القادمة من بيروت، كان ذلك في السابع والعشرين من آب/أغسطس عام 1982...وبعد قضاء أسبوعين تقريباً في معسكر "عدرا"، خرجت إلى دمشق، وبدأت رحلة البحث عن بيت أقيم فيه واستعيد تحت سقفه، "لم شمل" عائلتي المشتتة بين عمان وبعلبك، لقد ضافت بيوت الأصدقاء والرفاق بنا، نحن معشر "اللاجئين الجدد".

لم أترك مكتباً عقارياً في مناطق المهاجرين، الجسر الأبيض، أبو رمانة، المزة، التجارة والسبع بحرات، وجوارها، إلا ودخلته باحثاُ عن شقة بالمكان المناسب والسعر المناسب، حتى أن صور اليافطات التي تتصدر المكاتب العقارية انطبعت في مخيلتي، ولم تعد تفارق "مناماتي" لفترة من الوقت.

ذات مساء، وفيما أنا أبحث في شارع المهاجرين عن مكاتب عقارية جديدة، قرأت يافطة قماش معلقة من طرف الشارع إلى طرفه المقابل، تتحدث عن "جيشنا العقاري" الذي يجدد بيعته للسيد الرئيس...للوهلة الأولى بدا الأمر مستغرباً، بل ومستهجناً، ما حكايتهم؟...فإذا بي، وأنا المهجوس بالمكاتب العقارية، استبدل العقاري بالعقائدي، من دون أن أقصد بالطبع.

ستمضي سنوات عديدة بعد تلك الواقعة، وستدخل المنطقة العربية في حالة اضطراب وعدم استقرار، غير مسبوقة، وستتكشف الهويات "العقائدية" و"العقارية" لكثير من الجيوش في شوارع المدن العربية وميادينها.

ودعوني أشاطركم رأيي بحكاية "الجيش العقائدي"، فأنا لم استسغ يوماً هذا الشعار، ولا كنت من أنصار تلك النظرية...صحيح أن لكل جيش "عقيدته القتالية"، التي تشتمل على تعريف "العدو" ومهددات الأمن القومي، وظائف القوات المسلحة وتفوضيها الدستوري في حفظ الحدود وحماية الأوطان، أنماط تسليحه وقتاله وتدريبه وتعبئته وغير ما هنالك...لكن الصحيح كذلك، أن نظرية "الجيش العقائدي" لا تتوقف عند هذه الحدود، بل تملي على الجيش اعتناق "عقيدة/إيديولوجيا" الحزب الحاكم، والجيش حين يتماهى تنظيمياً وعقائدياً مع الحزب الحاكم، يصبح "ميليشيا" وليس جيشاً وطنياً، حتى وإن تَنَظّم وتَسلح وقاتل بنظريات الجيوش النظامية، وليس بأساليب "الحرب الشعبية".

والجيوش من وجهة نظري، إما أن تُفتح أبواب معسكراتها لجميع الأحزاب، كما هو حال بعض الدول الغربية، وأو لا تُفتح لأحد، وثمة دول عديدة، ومن بينها الأردن، تحظر ممارسة العمل الحزبي في أوساط الجيش والقوات المسلحة...لقد رأينا تفاوتاً في أداء الجيوش العربية حين اندلعت ثورات الربيع العربي، بعضها انخرط في حرب أهلية وتصرف كميليشيا (ليبيا، سوريا على سبيل المثال)، وبعضها الآخر أحجم عن الانحياز لفريق ضد آخر، بمن في ذلك فريق رئيس الجمهورية (مصر وتونس)...هذه لم تكن جيوشاً "عقائدية" بل وطنية- مهنية بصفة عامة.

لكن من أسف، لا الجيوش العقائدية ولا الجيوش الوطنية – الاحترافية، نجت من طوفان الفساد والإفساد، بعضها وضع يده على اقتصاديات البلاد وتضخمت مكاسب جنرالاته وامتيازاتهم، حتى أن بعض التقديرات باتت تعطي بعض الجيوش العربية، أزيد من ثلث اقتصاديات بلدانها...هنا، نستذكر "يافطة شارع المهاجرين" إياها، فنتحدث عن "جيوش عقارية" تمتلك الشركات والاستثمارات وتزاحم القطاع الخاص، وتستملك أراضي الدولة.

ولولا بضعة استثناءات لقلنا إن أغلب جيوشنا العربية، باتت إما "عقائدية" أو "عقارية"...ومن أسفٍ فإن اجتماع الإمارة والتجارة، لم يكن يوماً إلا طريقاً مختصراً للفساد والخراب، والإمارة هنا تتخطى "السياسي" إلى "العسكري"، أمراء الجيوش كذلك...يبدو أنني لك أكن مخطئاً في قراءة "اليافطة" إياها، يبدو أنني قرأتها بـ"الحدس" أو "اللاوعي"، والله أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيوش عقائديةجيوش عقارية جيوش عقائديةجيوش عقارية



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ صوت الإمارات
النجمة التونسية درة يبدو أن هناك قصة عشق بينها وبين مدينة العلا بالمملكة العربية السعودية، حيث دائمًا ما تحرص على التواجد هناك من أجل المتعة والاسترخاء وأيضًا من أجل حضور بعض الفعاليات، وفي كل مرة تظهر بإطلالة جذابة وأنيقة تبهر جمهورها وتخطف انتباههم، وفيما يلي جولة على أجمل إطلالات في أحضان مدينة العلا. النجمة درة تألقت في أحدث جلسة تصوير شاركتها مع الجمهور مؤخرًا عبر حسابها على انستجرام، حيث ظهرت من خلالها في أحضان الطبيعة بمدينة العلا، واختارت درة إطلالة جذابة للغاية جاءت عبارة عن فستان بصيحة الكب باللون الكريمي الفاتح. وانسدل الفستان بتصميم ميدي ومجسم، وتزين بأزرار جانبية خشبية بتصميم ضخم، واستعانت درة بحقيبة باللون البني، وانتعلت صندل شفاف بكعب عال وتزينت باكسسوارات بسيطة وجذابة ووضعت نظارة شمسية على عينيها. درة ت�...المزيد

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 00:30 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

شرطة دبي تنفي احتراق شخص في دبي مول

GMT 14:46 2013 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بدء تشغيل مشروع توليد الكهرباء من طاقة الرياح العام المقبل

GMT 18:22 2013 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

فيلم وثائقي عن روايات جاي دي سالينغر قريبًا

GMT 01:34 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

مالديني يقود ميلان أمام بارما في غياب إبراهيموفيتش

GMT 06:15 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتظاهرون يريدون عراقا عادلا ووطنا قويا ناهضا

GMT 21:50 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

رجيم الشوفان لإنقاص الوزن بسرعةٍ قياسيّة

GMT 02:34 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت تصلح خطأ فى "ويندوز 10" يتسبب بحذف الملفات

GMT 12:43 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زيزي عادل ترفض الكشف عن أي تفاصيل تخص العمل الجديد

GMT 10:37 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

ممدوح يكشف أن شخصية "سرفيس" في "تراب الماس" صعبة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates