خارطة الطريق فى ملف خاشقجى

"خارطة الطريق" فى ملف خاشقجى

"خارطة الطريق" فى ملف خاشقجى

 صوت الإمارات -

خارطة الطريق فى ملف خاشقجى

بقلم : عماد الدين أديب

كنت أعرف الزميل الأستاذ جمال خاشقجى رحمه الله، ولكن كان كل منا ينتمى بإخلاص لمدرسة مخالفة من التفكير، خاصة فى مرحلة ثورة 30 يونيو 2013، ورحيل حكم جماعة الإخوان.

وخلال عدة حوارات فى جدة، تم آخرها على دعوة عشاء فى لندن، كان واضحاً أن الخلاف بيننا «حاد وجذرى ويصعب أن يحدث فيه تلاق»، ولكن أشهد بالله أنه كان حواراً محترماً وحضارياً، لذلك حينما بدأت أزمة اختفاء الأستاذ جمال منذ يوم 2 أكتوبر الحالى، كنت -رغم الخلاف الشديد فى الرأى معه- أتمنى له السلامة، وأتمنى أن يعود ويظهر من أجل أسرته وأصدقائه وقرائه.

سبب آخر كان يجعلنى أتابع حالة الاختفاء هذه «بقلق واهتمام شديدين»، هى إدراكى الكامل لتبعات وتداعيات أن يختفى داخل القنصلية (وهى أرض سعودية قانوناً حسب العرف الدبلوماسى)، وأن يكون ذلك على أرض تركيا ذات العلاقة «المتوترة والملتبسة» مع الرياض بسبب: ملفات الإخوان، والعلاقة مع الإمارات، والعلاقة الداعمة لقطر، والتنسيق الدائم مع إيران.

وتابعت بذات القلق الاستغلال من قوى أعداء الرياض للحدث، الذى مورس ضدها «بعدائية ولا أخلاقية وتصعيد إعلامى وسياسى غير مسبوق».

ومن ناحية أخرى توقعت أن تتحول مسألة اختفاء صحفى من مسألة جنائية تندرج تحت ملف السياسة الخارجية، إلى مسألة ملف مسيّس بامتياز، له علاقة كاملة بصراع قوى داخلى فى واشنطن وأنقرة وباريس ولندن وبرلين وبيروت وصنعاء وأوتاوا.

باختصار، كل من ترتبط معهم القيادة فى الرياض بعلاقات طيبة فى هذه العواصم يتعرضون لضغط وابتزاز داخلى حسب موقعهم من الأزمة، وهو أمر يُخرج المسألة عن موضوعيتها.

مثلاً، تعرّض ويتعرّض ترامب من خصومه داخل حزبه وكل أعضاء الحزب الديمقراطى المعارض للهجوم لأنه صديق له مصالح مع الرياض منذ صفقة الـ460 مليار دولار الأخيرة.

هذا يتم فى ظل توقيت دقيق وحساس للغاية، وهو زمن انتخابات التجديد الكلى لمجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ، يوم 7 نوفمبر المقبل، أى بعد أيام معدودات.

فى ذلك الوقت لا تصبح هناك فى أمريكا أية ملفات خارجية، ولكن يصبح كل قرار وكل تصريح وكل موقف هو سياسة داخلية محضة، لا تخاطب العالم الخارجى، ولكن تخاطب الناخب المحلى.

فى باريس، الرئيس الفرنسى ماكرون يعانى من أزمة فى فريقه الحكومى وفريق مساعديه فى قصر «الإليزيه»، ويعانى أكثر من مؤشرات البطالة وضعف الاقتصاد وكابوس خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وتداعياته على فرنسا.

وفى برلين، تعيش السيدة أنجيلا ميركل أسوأ أيامها السياسية بسبب ضعف أداء حزبها الحاكم، مما عكسته الخسارة الكبرى التى مُنى بها الحزب منذ أيام فى «بافاريا».

وتشعر السيدة ميركل بهول المسئولية المالية والسياسية فى حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.

أما السيدة تريزا ماى فهى تعيش الآن 48 ساعة فاصلة يمكن أن تحدد مستقبلها السياسى فى إمكانية إيجاد مخرج نهائى بالنسبة لما يُعرف بملف «البريكست»، فى ظل معارضة شديدة لها من داخل حزبها يقودها وزير خارجيتها السابق بوريس جونسون، وزعيم حزب العمال المتشدد جيرمى كوربن، الذى يتهمها بأنها «تمالئ» أصدقاءها السعوديين الذين وقّعوا معها عدة صفقات تجارية فى الآونة الأخيرة.

أما الإيرانى، فهو يصطاد فى الماء العكر، ويرسل رسائل يقول بها: «الآن ليس أمامكم فى الرياض إلا التخلى عن الأمريكان والحوار معنا» (!).

وفى قطر، يقام سرادق فرح ومهرجان سياسى فى قناة الجزيرة وكافة الوسائل التابعة للدوحة منذ يوم 2 أكتوبر، لإثبات أن الدوحة المأزومة لم تعد مأزومة، بل إن الأزمة الآن أصبحت من نصيب خصومها.

هذا كله لإضعاف الموقف السعودى، ولشرخ جدار التحالف «المصرى السعودى الإماراتى» ضدها.

بالتأكيد إن اختفاء إنسان، أى إنسان، هو مسألة شديدة الأهمية، وتزداد أهميتها حينما يكون إنساناً مثل الأستاذ جمال، وحينما يتم فى ظروف مثل ظروفنا الحالية، وعلى مسرح أحداث دولة مثل تركيا، تأخذ المسألة أبعاداً أكبر من بعدها المنطقى.

بالطبع فإن أردوغان أدار الأزمة -كما يقولون فى مصر- «بمعلمة» و«ذكاء سياسى» من منظور «استثمار الأزمة».

فى البداية التزم الرجل الحرص فى التصريحات، وترك التسريبات تخرج من خلال وسائل إعلام تركية، أهمها محطة تليفزيون «سى إن إن» التركية، (لاحظ قناة تركية لها خطوط اتصال وارتباطات أمريكية)، تذيع ما يقال عن دلائل ووقائع، واستفاد من ذلك فى أزمته الأخيرة مع واشنطن.

بعد ذلك قبل أردوغان التعاون مع الفريق الأمنى السعودى، ثم استقبل الأمير خالد الفيصل مبعوث الملك سلمان، ثم تحادث هاتفياً مع ملك السعودية فى محاولة «ودية»، ثم بدأ التحقيق والمعاينة والتفتيش بالاشتراك مع الفريق الأمنى السعودى.

إدارة أردوغان للموضوع تحاول الموازنة بين 3 أمور: كسب واستعادة السعودية المتحالفة بقوة مع الإمارات ومصر، وفى ذات الوقت عدم خسارة قطر التى موّلته منذ 3 أسابيع بـ15 مليار دولار، والحفاظ على صورة «دولة القانون» التى يسعى لتسويقها للعالم بعدما قام بعزل 15 ألف قاض عقب محاولة الانقلاب الأخيرة.

ويجب عدم تجاهل أن فور مغادرة المبعوث السعودى وإنهاء مقابلته مع أردوغان وصل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى ليقابل أردوغان.

من الواضح الآن أن خطوط الاتصال التى أديرت فى الساعات الأخيرة بين الملك سلمان وأردوغان وترامب أدت إلى التوصل إلى «مخرج مبدئى» عنوانه «أن ما حدث هو عملية خرجت عن السيطرة وانتهت إلى وفاته، وأن هناك تحقيقاً سعودياً لمعرفة ماذا حدث بالضبط وتحديد المسئولية الكاملة عما حدث»، وذلك على عهدة المصادر الأمريكية المصاحبة لرحلة وزير الخارجية الأمريكى بالرياض.

هنا ينبغى أن نقول إن حجم ما يمكن أن يلحق من ضرر أو مسئولية على الرياض يرتبط بالآتى:

1- التقرير الخاص بنتائج التحقيق التركى.

وفى هذا المجال لا بد أن ننتبه إلى أن هناك تحقيقين يجريان الآن، الأول من لجنة تركية سعودية مشتركة، وهناك تحقيق تركى مستقل وعد الرئيس التركى أن يكون «صريحاً وشفافاً يقدم الحقائق للعالم».

2- التحقيق السعودى الذى أمر به خادم الحرمين الشريفين، والذى سوف تذاع نتائجه على الرأى العام فى السعودية والعالم.

3- ما سوف تعتمده إدارة ترامب للتقدير النهائى للموقف بناء على نتائج رحلة «بومبيو» للرياض وأنقرة وملف ما خلص إليه، مع ملاحظة أن هذا الإعلان سيتم فى زمن انتخابات مجلسى التشريع.

4- التقرير الذى وعد الأمير خالد بن سلمان، سفير المملكة فى واشنطن، بتقديمه إلى وزارة الخارجية الأمريكية عقب عودته من الرياض التى عاد إليها منذ أيام.

كل هذه التحقيقات ستشكل الموقف الرسمى لقيادات المملكة، والولايات المتحدة، وتركيا، ولكن تبقى مسألة المواءمات السياسية، وظروف الأوضاع الداخلية فى بلدانهم، وضغوط الرأى العام الدولى، وتساؤلات الإعلام، والأهم من ذلك كله «تسخين وتصعيد قوى الأعداء والمعارضين».

لقد أصبح ملف «خاشقجى» أكبر من مجرد جريمة جنائية، وأكبر من علاقة دولتين، واتسع ليشمل مؤامرات، واتفاقات، ومصالح ومزايدات، ووسائل إعلام مأجورة، وصراعات حكومات ومعارضة، وجماعات ضغط.

ذلك كله يؤكد أننا بدأنا الآن فصلاً جديداً فى فيلم طويل ما زال فى بداياته الأولى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خارطة الطريق فى ملف خاشقجى خارطة الطريق فى ملف خاشقجى



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 21:04 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة
 صوت الإمارات - الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي

GMT 05:39 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

مهرجان صيف الخرج الـ 39 ينطلق بمدينة السيح

GMT 21:52 2014 الخميس ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفرو موضة التسعينات التي عادت بقوة هذا الموسم

GMT 20:55 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"مركز إبداع" الإسكندرية يقيم معرض "جرافيك"

GMT 10:06 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

لون أزرق مضيء لإطلالة راقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates