الأمهات العازبات في تونس حقوق مغيبة ومعاناة مستمرة
آخر تحديث 02:00:54 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الأمهات العازبات في تونس حقوق مغيبة ومعاناة مستمرة

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الأمهات العازبات في تونس حقوق مغيبة ومعاناة مستمرة

تونس ـ وكالات

ما تزال الأمهات العازبات في تونس مغيبات اجتماعياً، ومأساة أطفالهن في ظل التقاليد أصبحت واقعاً مريراً يضطر هؤلاء لمواجهته، لاسيما مع تجاهل السلطات لتحديد مركز لهم في المجتمع بعيداً عن كونهم أطفالاً دون نسب.هي التجارب ذاتها تتكرر مع اختلاف بسيط في بعض التفاصيل، مقابل نهاية غالباً ما تكون مأساوية: نزوات فأخطاء فأطفال يدفعون الثمن، أو عملية اغتصاب تترك آثاراً نفسية عصية على النسيان أو جنيناً في الأحشاء غالباً ما يكون مجيئه إلى الحياة مصحوباً بالازدراء.ورغم تجاوزهن ألفاً وستمئة حالة سنوياً في تونس، إلا أن الأمهات العازبات ما يزلن مغيبات اجتماعياً، ومأساة أطفالهن في ظل الأعراف والتقاليد أصبحت واقعاً مريراً يضطر هؤلاء الأطفال لمواجهته، لاسيما وأن السلطات تتجاهل تحديد مركز لهم في المجتمع بعيداً عن كونهم أطفالا دون نسب.تقاذفت الحياة محمد هـ.، رغم أنه لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، من أحشاء أمّ اضطرت لتحدي التقاليد كي تمنحه الحياة، إلى مجتمع لا يتوانى على تذكيره في كل لحظة بأنه طفل مجهول النسب. ويقول محمد لـDW عربية: "أصدقائي يحبونني. لكنني رؤيتهم ينعمون برعاية آبائهم يمزقني ويعيدني دائماً إلى واقعي المرير الذي أريد محوه".قد يكون ألم فقدان الأب ثقيلاً على كاهل طفل لم تجمعه بوالده صورة واحدة، فمحمد هـ. يؤكد أنه كلما أراد تخيل وجه والده يعجز على ذلك، وهذا ما يبكيه لساعات. يتساءل هذا الطفل عن تلك الأسباب، "فكل الأطفال لا بد وأن جمعتهم صورة مع أبائهم"، حسب ما يقول. بين أم تتمزق بصمت لألم ابنها، وواقع يجبرها على إخفاء حقيقة وجود محمد عن والده، تشرح ليلى، والدة محمد، لـDW عربية: "أتمنى أن يتعرف ابني على والده. لكنني أجهل مكان الأب الآن ولن أتحمل ردة فعل ولدي إذا ما كشفت له الحقيقة". وتضيف ليلى بكل أسف أن هذا الخطأ كلفها حياتها، وأنها كلما رأت الحالات التي تعرضها بعض البرامج الاجتماعية، يزداد وضعها النفسي سوءاً، فهي "تفضل الموت" على أن تفضح ابنها، على حد تعبيرها. وبالإضافة إلى حرقة العيش بدون أب، تعتري محمد هـ. حيرة عن رؤية الصورة الحقيقية بأكملها. فبين يقينه بأن أباه لن يعود وبين عدم إيجاد أي تفصيل ولو صغير يخلد ذكراه، يعجز عقله اليافع عن إدراك أنه قُدّر له أن يطلق عليه اسم يتيم بدلاً من طفل مجهول النسب.وفي معرض الحديث عن هذا الموضوع الحساس، يعتبر الباحث في علم الاجتماع، طارق بلحاج محمد، أن أوضاع الأبناء تختلف حسب ظروف كل حالة، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو المعاناة طويلة الأمد، إذ يعيش الأبناء الذين يتربون في كنف أمهاتهم فقط ضغوطاً نفسية واجتماعية أينما حلّوا: في العائلة الممتدة أو في الشارع أو المدرسة. ويختلف ذلك، بحسب بلحاج محمد، عن الأبناء المكفولين من قبل الدولة في مراكز إيواء، والذي يكون وضعهم أسوأ، ويجدون صعوبة كبرى في الاندماج الاجتماعي. وفي بعض الأحيان تصبح مأساتهم أبدية حتى لو كفلتهم بعض العائلات في إطار التبني. ويضيف الباحث التونسي في علم الاجتماع أن بعض أبناء الأمهات العازبات يُتركون من قبل أمهاتهم خوفاً من الفضيحة، مما يعرضهم للسقوط في شبكات الاتجار بالبشر المحلية والعالمية، ويصبحون سلعة تُباع لمن يريد، بغض النظر عن نواياه. ويقول طارق بلحاج محمد إن هناك فرقاً شاسعاً بين الرؤية القانونية لهؤلاء الأطفال ومكانتهم في المجتمع، إذ تعتبر تونس من الدول العربية والإسلامية والإفريقية الرائدة قانونياً في حماية الأمهات العازبات. فكل أم عزباء لها الحق في التمتع بخدمات الولادة في المستشفيات التونسية، بالإضافة إلى الحق في الاحتفاظ بابنها وكفالته وإسبال اسم عائلتها عليه. وإن تعذر عليها ذلك، فالدولة ملزمة بكفالة الطفل، فيما بات يُعرف باسم "أطفال بورقيبة"، نسبة إلى الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة. لكن في المقابل، تتحمل هذه الفئة نظرة عنصرية وإدانة من المجتمع، وهو أمر يفسره بلحاج محمد لـDW عربية بالقول: "هذا موروث ثقافي واجتماعي ورصيد قديم من الثقافة الرجولية الأبوية المحافظة. وهو مجتمع ينظر بازدراء وريبة إلى النساء الأرامل والمطلقات، ناهيك عن الأمهات العازبات"، وبالتالي تعاني الأم العزباء في تونس صنوفاً من القهر والإدانة والتحقير مهما علت مكانتها الاجتماعية، مما يخلف لديها آثاراً نفسية مدمرة. وبعد الثورة التونسية، اتخذت قضية الأمهات العازبات طابعاً سياسياً، إذ سبق وأن أثارت تصريحات سعاد عبد الرحيم، النائبة في المجلس التأسيسي عن حزب حركة النهضة الإسلامي، سخط المدافعين عن هذه الشريحة الاجتماعية، عندما استنكرت الدعوة إلى اعتماد تشريع يمنح المرأة حق الإنجاب خارج إطار الزواج ويوفر لها مساعدة اجتماعية أيضاً.ويشاطر هذا الرأي العديد من الإسلاميين في تونس، والذين يعتبرون الاعتراف بالأمهات العازبات وتأطيرهن قانونياً واجتماعياً يشكل "تشجيعاً لهن على الفاحشة والجنس"، في حين يرى الحقوقيون، على غرار الباحث طارق بلحاج محمد، أن الأمر لا يتعلق بالأخلاق والدين فقط، بل يجب أن يُناقش من منطلق حقوق الإنسان لا غير. فالأمهات العازبات "أخطأن وأنجبن أطفالاً اختارهم القدر ليولدوا خارج إطار الزواج، بالإضافة إلى أن الأمر أصبح واقعاً مفروضاً ولا بد من تقليص تداعياته على الأقل بتأطير هذه الشريحة قانونياً حتى يتمكن أطفالهن من إثبات نسبهم". وفي هذا الصدد، تعتبر جمعية "أمل" أهم الجمعيات المساندة للأمهات العازبات، وهي جمعية مستقلة تستقبل كل سنة خمسين أماً عزباء بصحبة أطفالها. وتهدف هذه الجمعية بالأساس إلى مقاومة ظاهرة نبذ الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، وتتبع طريق إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لمن يحتفظن بأطفالهن. كما تُعتبر جمعية "أمل" الوحيدة التي تتكفل بالأم والطفل معاً في نفس الوقت، وتتجه الأم بعد فترة الإقامة التي لا تتجاوز السنة إلى تحقيق شخصيتها الاجتماعية والاقتصادية والعيش بصحبة طفلها أو وسط عائلتها. وبجانب جمعية "أمل"، تسعى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إلى المطالبة بحقوق الأمهات العازبات كاملة.هذا ويتفق العديد من الأفراد في المجتمع  على أن الحل هو التثقيف الجنسي داخل المعاهد واعتماد السياسات التوعوية من الجمعيات الرائدة في دراسة هذه الظاهرة، وتقديم دورات توعية للشباب لتمكينهم من استيعاب تداعيات هذا الخطأ. وتبقى أوضاع الأمهات العازبات بعد الثورة على ما هي عليه، في ظل عدم وجود نية لدراسة قانون يحمي هذه الشريحة، باستثناء القانون الصادر سنة 1998 والذي يقضي بإضافة اسم عائلة (لقب) للأطفال مجهولي النسب، وتوسيعه بقانون سنة 2003 الذي يقضي بإسناد اسم عائلة (لقب) مستعار يكون متداولاً في تونس.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمهات العازبات في تونس حقوق مغيبة ومعاناة مستمرة الأمهات العازبات في تونس حقوق مغيبة ومعاناة مستمرة



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

أبوظبي ـ صوت الإمارات
تحتفل اليوم الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد التي تحظى بشهرة واسعة تخطت حدود الوطن العربي وصولا لعالم هوليوود، ورافقت ريا الأناقة الناعمة في أشهر فعاليات الموضة والفن حول العالم على مدار سنوات من التوهج والنجاح المهني، واليوم تزامنا مع عيد ميلادها الـ47، سنأخذكم في جولة سريعة نتذكر خلالها بعض من إطلالات الإعلامية العالمية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار المجوهرات العريقة Bulgari، وأول امرأة عربية تصبح سفيرة للنوايا الحسنة لمفوضية اللاجئين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. أحدث ظهور لريا أبي راشد بصيحة الجمبسوت منذ أيام سحرت الإعلامية ريا أبي راشد متابعيها بإطلالة ناعمة قامت بنشر صورها عبر حسابها الخاص على انستجرام، عبارة عن جمبسوت ناعم باللون الأبيض الموحد من توقيع Alex Perry، تميز بالأرجل الواسعة مع ياقة القلب ذات الأكتاف المكشوف...المزيد

GMT 06:37 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

بندر الأحبابي يعرب عن سعادته بأول أهدافه

GMT 14:30 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فهمي يؤكّد أن الشباب سيدفع فاتورة التغيرات المناخية

GMT 18:38 2020 الأحد ,23 شباط / فبراير

«إل جي» توفر تقنية 8K في شاشات الترفيه

GMT 17:02 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"Hennessey" تُقدِّم نسخًا مُعدِّلة وقوية مِن سيارات "فورد"

GMT 08:18 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة GoPro تعتزم الدخول في سوق الطائرات بدون طيار

GMT 11:00 2013 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أبل على وشك إطلاق "الراديو الموسيقي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates