السجّاد اليدويّ العراقيّ يصارع من أجل البقاء والنساء يواصلن التمسّك به
آخر تحديث 15:24:16 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

يحمل دلالات رمزيّة دينيّة وأشكال ذات طابع بابليّ وسومري

السجّاد اليدويّ العراقيّ يصارع من أجل البقاء والنساء يواصلن التمسّك به

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - السجّاد اليدويّ العراقيّ يصارع من أجل البقاء والنساء يواصلن التمسّك به

السجّاد اليدويّ العراقيّ
بغداد – نجلاء الطائي

تحترف هدى الجبوري، عمل صناعة السجاد اليدوي، رغم دراستها وزواجها وتعيينها في هيئة السياحة منذ سنوات، حيث يلازمها الشوق إلى العودة لممارسة هذه المهارة، على أمل أن تعليم أولادها ذات يوم لتجعل منهم فكرة ثقافية رائدة جميلة تظهر الجوانب الجميلة والأصيلة للتراث والفلكلور العراقي خاصة في صناعة السجاد، وتخشى الجبوري من غزو التطور التكنلوجي لدول العالم، لما يمثّله من خطر حقيقي على المهن والصناعات اليدوية، التي اعتمد عليها الكثيرون في المعيشة والحفاظ على هوية الشعوب

وكشفت هدى الجبوري، في مقابلة خاصّة مع "صوت الإمارات" أن "حياكة وصناعة السجاد اليدوي مهنة ومهارة متوارثة، فولادتي وسط أسرة تتقن حياكة السجاد، جعلتني اعشقها منذ صغري، وصار حلمي أن أشارك أمي وخالاتي وصديقاتي التعلم والعمل لإنجاز بعض الأعمال الأولية لمراحل إنتاج السجاد، وأصبحت صناعة السجاد اليدوي التي مزجت بين الفن والتراث والفلكلور ومصدرًا للرزق، في مهب الريح تصارع من اجل البقاء، أمام غزو الماكنة المستوردة"، مشيرة إلى أنها تحاول تعلّم تقنيات ومهارات حرفية لتلك الصناعة للانتقال بالعمل إلى مراحل الإنتاج الكمي والنوعي للسجاد اليدوي، حيث أن صناعة السجاد “الغليچة، والايزار”، لا تحتاج إلى مساحات واسعة، بخلاف المنسوجات الأخرى كبيوت الشعر.

وأوضحت الجبوري أن "صناعة السجاد مهنة جميلة ومصدر معيشة مهم لي وللعاملات فيها، وامتهنت بعض النساء كبيرات السن تلك الحرفة وليس باستطاعة من يعشقها أن يبتعد عنها رغم المرض والعجز أو كبر السن، خاصة وأنها كانت مصدر معيشة لمن فقدن معيلهن بسبب الحروب والسياسات السابقة، وتعتبر صناعة السجاد مهنة وحرفة فلكلورية جميلة، تعبر عن أصالة المجتمع وفكره الرائد"، لافتة إلى أن "صناعة السجاد تبدأ بغزل ونسيج المواد المحاكة في شكلها والمادة المستعملة في صناعتها “وتتنوع في الغرض والفائدة” منها تلك التي تعرف بالسجادة “البساط”، الذي يصنع من صوف الغنم” وبيوت الشعر التي يستعملها البدو الرحل في بناء بيوتهم المنتقلة، والتي تصنع من شعر الماعز الذي يتميز بقوته وتحمله للظروف المناخية المختلفة".

وأفادت الجبوري أن "بيوت الشعر المصنوعة من شعر الماعز قادرة على تحمل ظروف التنقل والتحميل والنصب والخزن، وتختلف عن السجاد لأنها تبقى بلون شعر الماعز، بخلاف باقي أنواع التي يدخل الصبغ في حياكتها، وتأثّرت الحرفة ومنتجاتها بشكل كبير وأدت إلى عزوف العاملين بإنتاج وصناعة السجاد اليدوي بسبب السجاد الصناعي المستورد، الذي تقل تكلفة صناعته عن الصناعات اليدوية على الرغم من رداءته وعدم مقدرته على مواجهة السجاد اليدوي".

وقلّلت الجبوري من أهمية ابتعاد الكثير من العاملين في صناعة السجاد اليدوي، عن أعمالهم، بسبب تحسّن أوضاع بعضهم الاقتصادية وعدم حاجتهم إلى العمل في مهنة متعبة جدًا، خاصة مع قيام الحرفيين بمزاولتها، خارج المدينة في الأقضية والنواحي والمناطق الريفية، التي ما تزال تعتمد بشكل أساسي على السجاد اليدوي، وسعي البعض الآخر إلى إنتاج الإعمال الفلكلورية لإبراز التراث الشعبي والروحي للمهنة"، داعية "المؤسسات التربوية إلى إعادة الحياة، وتنشيط فن صناعة السجاد اليدوي، وتعزيز المهارات لهواتها من خلال إقامة الدورات والنشاطات، التي الروح وتسهم في إحياء تلك المهارة الفنية، جنبا إلى جنب كباقي المهارات الفنية الأخرى، خاصة مع وجود مركز الأشغال اليدوية في الديوانية المعطل منذ زمن".
وتعد صناعة السجاد اليدوي في العراق، احدى مهن التراث الشعبي واشتهرت بصناعته العديد من مدن المحافظات العراقية ومنها محافظة واسط وقضاء الشطرة في ذي قار ومنطقة أهل الشط في مركز مدينة الديوانية، فيما يؤكّد العاملون في الصناعة أن المهنة انتقلت من ناحية الحي في محافظة واسط إلى منطقة أهل الشط في مركز الديوانية في عشرينيات القرن الماضي.

وصناعة السجاد اليدوي ليست مهنة عادية بل هي فن يرسخه العاملون بها من خلال رسوماتهم ونقشاتهم المحلية حيث يضع العاملون بها خبراتهم وما يدور من حولهم من طبيعة، ويسمى العامل الذي يقوم بصناعة السجاد، "الحايك"، وغالبًا ما يكون مكان الحياكة في البيوت بعد تخصيص غرف خاصة لتثبيت الأوتاد ومن ثم نصب النهايات الرابطة لعملية الحياكة أو ما تعرف بـ”المسادي”، ومن ثم يوضع في الوسط عمود لربط السجادة “النيرة” يلف عليه الخيوط الطويلة والتي تسمى بـ ”السدة”، ويقوم بحياكة السجادة الواحدة عاملان وغالبا ما تقوم النساء بهذه المهنة، تربط الخيوط الصغيرة المقطعة إلى أجزاء صغيرة والتي تسمى “الحشكة” بالخيوط الطويلة “السدة” ويتم رصفها إلى بعض بواسطة آلة تسمى “المضرب”.

وأعلنت صانعة السجّاد، شيماء الطائي، أنها ورثت المهنة عن عائلتها، وعملت فيها طوال 13 عامًا، مضيفة أن "من يمتلك هذا السجاد، في الماضي، يعتبر هو من ذوي الحال الميسور ماديًا، وعلقت البسط على الجدران كلوحات تراثية وبعضها ستائر لأنها ذات سماكة أقل من السجاد نسبيًا، للسجاد أنوع مختلفة منها، السويطة وهي من أغلى أنواع السجاد بسبب عرضها وسمكها وذات نهايات محكمة، وكذلك الدريعية واللامية والنصيراوية، ومنها الأبيض والأسود وأخرى ذات ألوان مختلف بعد صبغ الخيوط المصنوعة من صوف الأغنام بالألوان المختلفة"، ومبينة أن "هذه المهنة شارفت على الانقراض بسبب دخول الأنواع المستورة من البضاعة التركية والإيرانية والمصنوعة بالآلات والمكائن الصناعية".
وأكّد أصحاب محال بيع السجاد في سوق "الشورجة"، أن بيع السجاد بدء يتلاشى واقتصر الإقبال عليه فقط من قبل أصحاب المضايف التابعة لشيوخ العشائر ومن مختلف المحافظات العراقية وأما المواطنين فقد اتجهوا إلى السجاد الأجنبي المصنع خارج البلاد.

وأوضح صاحب محل لبيع السجاد المصنوع يدويًا، مشتاق، أنه "يمارس هذه المهنة من زمن بعيد" معتبرًا أن "هذه الحرفة من التجارات الرابحة" ولهذا هم عازمون على تعليمها أو توريثها لأولادهم، متخوفًا من انقراضها، التي قال إنها لاحت للعيان، بعد ان ارتبط العاملون فيها بأعمال أخرى ذات الربح الأكثر، وعد مشتاق، تحسّن الأوضاع المادية أو الاقتصادية للمواطن أو المستهلك في البلاد بعد سقوط النظام من بين الأسباب المهمة التي أدّت إلى تراجع الإقبال على شراء المنسوجات.

وأضاف مشتاق أن "المنسوجات في السابق وخاصة الصوفية منها تباع إلى تجار المنسوجات الموجودين في محافظات مختلفة مثل بغداد والسماوة والناصرية والنجف، إضافة إلى بعض الأشخاص من الدول عربية كانوا يأتون ويشترون منا منسوجاتنا التي نصنعها بأيدينا".

وعرض التّاجر هادي السلامي أنواعًا من السجّاد اليدويّ، مشيرًا إلى أن "أسعارها تتراوح بين 100 دولار و600 دولار، حسب نوعيّة السجّادة وحجمها ودقّة نسجها، وتشتريها المؤسّسات الحكوميّة والشركات والسفارات الأجنبيّة"، ورغم المصير المحزن لهذه الصناعة، فمن النّادر أن نجد بيتًا عراقيًّا لا يمتلك بساطًا يدويًا، حيث أن أغلب الأسر في العراق تتوارث قطع السجاد أبا عن جد ويعتبر مثل التحف غالية الثمن في البيت.

وكشفت جولة في متاجر السجّاد داخل مدن العراق، جاذبيّة السجّاد اليدويّ، الّذي تستجيب له العين منذ النظرة الأولى، واعتاد البائعون تعليق السجاد في واجهاتهم متاجرهم، حيث الألوان الزاهية والزخارف وأشكال المعالم التاريخية المرسومة على السجاد تجلب الأنظار، ويعلق أصحاب تلك المهنة قطعًا من السجّاد تحمل دلالات رمزيّة دينيّة مثل صور الأماكن المقدّسة لدى المسلمين، إلى جانب أشكال ذات طابع بابليّ وسومريّ وآيات قرآنيّة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السجّاد اليدويّ العراقيّ يصارع من أجل البقاء والنساء يواصلن التمسّك به السجّاد اليدويّ العراقيّ يصارع من أجل البقاء والنساء يواصلن التمسّك به



GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates