سبب إجابة الفرنسيين عن أي سؤال أو طلب بكلمة لا
آخر تحديث 15:40:53 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

يُنظِّمون مسيرات بين الحين والآخر لأسباب مختلفة

سبب إجابة الفرنسيين عن أي سؤال أو طلب بكلمة "لا"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - سبب إجابة الفرنسيين عن أي سؤال أو طلب بكلمة "لا"

الفرنسيين
باريس - صوت الامارات

خاض أحد المسافرين جدالا طويلا مع موظفة الحجز في شركة الطيران استمر لنحو 20 دقيقة، إذ كان يحاول إقناعها بتغيير موعد رحلته، القابل للتغيير، لكن الموظفة أصرت على الرفض، وقالت مرارا: "لا، هذا مستحيل"، وعندما سأل أصدقاءه وأقاربه الفرنسيين عن أسباب إكثارهم من قول كلمة "لا" دون تفكير، أجاب المدير التنفيذي البالغ من العمر 60 عاما: "لا، هذا ليس صحيحا، نحن لا نجيب دائما بالنفي"، بينما قال الآخر الذي يعمل في سلك المحاماة: "لا، قد تكوني على حق، قد نجيب بالنفي، حتى في حالة الموافقة".

ويفسر أوليفييه جيرو، الممثل الكوميدي الفرنسي، ومقدم برنامج "كيف تصبح باريسيا في ساعة" الذي يسلط الضوء على الجوانب الثقافية الفرنسية، اعتياد الفرنسيين على الإجابة بالنفي تلقائيا بالقول إن البدء بالرفض قد يفتح بابا للموافقة لاحقا، لكن إذا بادرت بالموافقة لن تستطيع الرفض فيما بعد. ويشير إلى أن الشعب الفرنسي شعب ثوري، دأب على الاحتجاج في مختلف العصور.
ذيرجع تاريخ الاحتجاجات في فرنسا إلى عام 1789، حين اقتحم فرنسيون سجن الباستيل، وأشعلت هذه الاحتجاجات شرارة الثورة الفرنسية التي طوت صفحة الحكم الملكي في فرنسا الذي دام لأكثر من 900 عام.

ولا يزال الفرنسيون ينظمون مسيرات بين الحين والآخر لأسباب جديدة ومختلفة في أيام السبت، كان من أبرزها احتجاحات حركة السترات الصفرات في عام 2018 ضد ارتفاع أسعار الوقود.

وتقول جولي بارلو وجين بينوا نادو، مؤلفا كتاب "أثر تحية الصباح في فرنسا: الكشف عن المعاني الخفية للأحاديث الفرنسية"، إن الثورة كانت تجسيدا لحق جميع المواطنين في الرفض، وكانت كلمة 'لا' تعبر عن سخط الطبقة الكادحة.

وابتكر الفرنسيون أساليب متنوعة للرفض، أكثرها مرونة، "هذا الأمر سيكون صعبا" الذي يعني أنه ليس من المرجح الموافقة على الطلب، بينما أكثرها حزما "لا جدال في الأمر"، الذي يقطع الطريق أمام النقاش.

ويقول كل نادو وبارلو: "الفرنسيون يصغون للآخرين، خلافا لما يظن الكثيرون، لكن بعد أن يبادروا بالرفض مرتين أو أكثر. فقد ينطوي الرفض غالبا على الموافقة، لكنك ستحتاج للكثير من الإصرار والإلحاح حتى تظفر بها في النهاية".

وعندما سألتني موظفة الحجز، "كم مرة ستكرر نفس السؤال عن إمكانية تغيير رحلتك؟" قلت في نفسي إنني لن أتوقف عن الإلحاح حتى أجد حلا. إذ تعلمت على مدار السنين أن الرفض دائما يخفي بين طياته الموافقة، التي يستدل عليها من نغمة الصوت أو لغة الجسد والمواقف والسياق، أي كل شيء عدا الكلمات.

وتناولت إيرين ميير، أستاذة بالمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال، في كتابها "خريطة الثقافات" دور الاختلافات الثقافية في التواصل بين الناس. وذكرت أن الأمريكيين والأستراليين يقولون ما يعنون ويعنون ما يقولون، بينما تنزع أساليب التواصل بين الفرنسيين والروسيين واليابانيين إلى التعقيد والغموض. فقد تستنبط الرسائل بين ثنايا السطور والكلمات.

وتعزو ميير ذلك إلى عدد الكلمات في كل لغة من اللغات، إذ إن عدد كلمات اللغة الفرنسية يصل إلى 70 ألف كلمة، في حين أن عدد كلمات اللغة الإنجليزية 500 ألف كلمة. ولهذا قد يحتاج متحدثو الفرنسية لربط عدة كلمات ببعضها لإيصال الرسالة، في حين أن متحدثي الإنجليزية لديهم الكثير من الكلمات التي تساعدهم في نقل المعنى بدقة.

وربما يكون نظام التعليم الفرنسي أسهم أيضا في ترسيخ عادة الإجابة بالنفي تلقائيا لدى الفرنسيين، إذ يتعلم الأطفال في المدارس الدفاع عن آرائهم، وتفنيدها ثم إعداد ملخص للرأي ونقيضه. وتقول ميير إن رجال الأعمال يديرون الاجتماعات بنفس الطريقة، إذ ينظرون للتعارض والخلافات على أنها وسيلة لتحفيز التفكير الخلّاق.

ويبادر الفرنسيون بالرفض لتشجيع الآخرين على النقاش والدخول معهم في جدال حتى يفهم كل منهم وجهة نظر الآخر.
ولاحظت بارلو ونادو أن السبب وراء 75 في المئة من الإجابات بالنفي كان إخفاء الجهل، خشية التعرض للسخرية في حالة الوقوع في الخطأ. وهذا الخوف قد تطور لدى الطلاب في فرنسا بدءا من المدارس الابتدائية، حيث تُعرض نتائجهم على الملأ في الصف، تمهيدا للإهانة والاستضعاف.

ويتضاعف الخوف في نهاية المرحلة الثانوية، إذ يضع المعلمون الفرنسيون معايير صارمة عند تقييم أداء الطالب في شهادة البكالوريا. ولهذا يمنح الطالب الحاصل على 12 من 20 مرتبة الشرف. ولم يسبق لأحد أن حصل على الدرجة النهائية.

وتنشر الدرجات عبر الإنترنت، لتتوالى التعليقات على الطلاب، إما تأنيبا لهم أو استهزاءً بهم. وبعد 13 سنة من سنوات الدراسة، يؤثر الطلاب قول 'لا' القابلة للنقاش، بدلا من أن يخطّئهم الأخرون إذا قالوا 'نعم'.
ويعد الرفض المصحوب بالغمز والابتسامة بمثابة دعوة للحوار، ويستخدمه أي شخص في فرنسا، بدءا من الجزار الذي يغري زبائنه لطلب الجزء الأفضل من اللحم إلى الطفل الصغير الذي يرغب في الحصول على قطعة حلوى. وأحيانا قد يستخدمه النادل كطريقة للتودد إلى الزبائن حتى يشجعهم على ارتياد المقهى يوميا، إلا أن الرفض أحيانا قد يكون من باب التعنت، فقد يستخدمه الموظفون الحكوميون كوسيلة لتعقيد الإجراءات الروتينية.

فعندما تقدمت بطلب، على سبيل المثال، للمحكمة الابتدائية للحصول على الجنسية الفرنسية، سلمني كاتب المحكمة ورقة وقلما وأملاني قائمة بالمستندات المطلوبة، فغياب قائمة رسمية بالمستندات المطلوبة يعطي كاتب المحكمة الحق في عرقلة الإجراءات في أي مرحلة لذا يحرص المواطنون على إعداد ثلاث نسخ من جميع المستندات التي تثبت الهوية والعنوان وشهادة الميلاد تحسبا لتعنت الموظفين الإداريين.

إلا أن أسلوب الرفض الأكثر شيوعا في فرنسا بين الأصدقاء وشركاء الحياة، هو الرفض التلقائي، بلا مبرر. وعندما التقيت بولي بلات، استشارية ثقافية ومؤلفة كتاب "صديق فرنسي أم عدو" الذي تناولت فيه تحديات الإقامة في فرنسا، أفصحت لي عن الطريقة التي تتبعها للتحايل على زوجها ليوافق على طلبها.

وتقول إنها عند التخطيط للإجازة الصيفية، على سبيل المثال، تقترح على زوجها في البداية مكانا لا ترغب في زيارته وتدرك تماما أنه لن يوافق عليه، مثل منطقة حارة أو بالقرب من أقاربها.

وعندما تعرض الخيار الثاني تضع في حسبانها أن يكون مليئا بالمشاكل، مثل الازدحام وارتفاع الأسعار، التي ستثير غضب زوجها على الفور. وتترك خيارها الأفضل للنهاية حتى لا يجد مفرا من الموافقة عليه. إذ تدرك بلات أنها لو بدأت بالخيار المفضل سيرفض دون تردد.

وعندما حاولت تقييم مدى جدية موظفة الحجز في الرفض، شرحت لها أني أحتاج لتغيير موعد التذكرة لليوم التالي. وقالت لي إن شركة الطيران تشترط تغيير موعد التذاكر قبل يوم على الأقل من موعد المغادرة. وعندها سألتها عن موعد الرحلة الأولى في اليوم التالي، قالت إنها بعد منتصف الليل بخمس دقائق. ونجحت في النهاية في انتزاع موافقتها.

قد يهمك ايضاً :

اجتماع لمسؤولو "الآثار" لوضع كراسة شروط خاصة بإدارة "المتحف الكبير"

افتتاح معرض في إيطاليا لمُحاكاة تطور الحضارة المصرية منذ نشأتها

   
emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبب إجابة الفرنسيين عن أي سؤال أو طلب بكلمة لا سبب إجابة الفرنسيين عن أي سؤال أو طلب بكلمة لا



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

أبوظبي ـ صوت الإمارات
تأثير الملكة رانيا على عالم الموضة لا يقتصر على إطلالاتها الحالية فقط، بل يمتد أيضاً إلى قدرتها على إعادة إحياء الأزياء التي ارتدتها في وقت سابق، فتصرفها الأخير في إعادة ارتداء ثوب بعد تسع سنوات يبرز تميزها وأناقتها ويعكس روحاً من الثقة والتطور في أسلوبها. في عالم الموضة، يُعَد إعادة ارتداء الأزياء من قبل الشخصيات البارزة موضوعاً مثيراً للاهتمام، تجسّدت هذه الظاهرة بشكل ملموس في اللحظة التي ارتدت فيها الملكة رانيا، زوجة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، ثوباً تقليدياً أنيقاً بعد مرور تسع سنوات على آخر مرة ارتدته فيه، يُظهر هذا الحدث الفريد ليس فقط ذكريات الماضي وتطور الأزياء ولكن أيضاً يبرز الأناقة والرؤية الاستدامة في عالم الموضة. فستان الملكة رانيا تظهر به مرة أخرى بعد تسع سنوات  الملكة زانيا في أحدث ظهور لها تألقت �...المزيد

GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد

GMT 13:35 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

" F D A " تفرض قيودًا على بيع السجائر الإلكترونية

GMT 19:39 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة الباحة تعلن فتح التسجيل ببرامج الدبلومات المصنفة

GMT 18:29 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات بسيطة تمكّنك من تحويل الأثاث القديم إلى "مودرن"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates