الكاتبة الفرنسية دوراس تتحدث عن نفسها في العشيق
آخر تحديث 15:24:16 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الكاتبة الفرنسية دوراس تتحدث عن نفسها في "العشيق"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الكاتبة الفرنسية دوراس تتحدث عن نفسها في "العشيق"

باريس ـ وكالات

ليس العرب وحدهم من يترجمون آداب الحضارات والشعوب الأخرى بكثير من التأخر. فهذا الكتاب، الذي ترجم أخيرا من الإيطالية إلى الفرنسية، دليل على أن الفرنسيين أيضا يفعلون ذلك، ربما بشيء من الكبرياء «بضاعتنا ردت إلينا!»، أو بنوع من الكسل. الأسباب كثيرة، ولكن هذا حرم القارئ الفرنسي والفرنكفوني من معرفة كثير من الأفكار التي كانت تعبر عنها الروائية الفرنسية الكبيرة، التي استطاعت روايتها «العشيق» إغواء أكثر من مليونين من عشاق أدبها. ويمنحنا هذا الكتاب الذي ترجمه الصحافي والناقد الأدبي روني دي سيكاتي، متعة التعرف على جوانب من شخصية الكاتبة الفرنسية الكبيرة، وعلى أصدقائها (من بينهم جورج باتاي، موريس بلانشو، جيل مارتيني إدغار موران، وإليو فيتوريني وغيرهم) وعلى الكتاب العزيزين على قلبها، وأيضا على مواضيع كثيرة أخرى (طفولة الكاتبة وسنواتها الباريسية والنقد الأدبي والسينما والمسرح وغيرها). نحن أمام امرأة متناقضة ومتحولة ولا تجد حرجا في ذلك. لقد آمنت الكاتبة: «بأليندي، نعم، وبثورة 1917 وبربيع براغ، وبالفترات الأولى من كوبا، وبتشي غيفارا». وانتسبت للحزب الشيوعي الفرنسي، ولكنها على الرغم من عضويتها في الحزب، تقول: «حين كنت أكتب كنت أنسى كل آيديولوجيا، وكل ذاكرة ثقافية. (...) أعتقد أننا لا نكتب من أجل توجيه رسائل إلى القراء، بل نفعل ذلك بالنظر إلى أنفسنا، من خلال إحداث قطيعة مع الأساليب التي سبقتنا، ومن خلال إعادة ابتكارها، كل مرة.». وتقول منتقدة غياب الحرية لدى الكتاب الحزبيين وعلى رأسهم الشاعر الفرنسي الكبير لويس أراغون: «هل تعرفين كاتبا حزبيا فعل ما فعلته؟ لا تحدثيني عن سريالية أراغون. كان يكتب جيدا. نقطة نهاية. لكنه لم يغير شيئا. لقد ظل ممثلا وفيا للحزب (الشيوعي)، يعرف كيف يفتن بالكلمات». وقد ارتبطت الكاتبة بصداقة عميقة مع الرئيس الفرنسي الراحل ميتران. وتعود صداقتهما إلى ما قبل وصول متيران إلى الإليزيه، وتعترف بأنه من الأشخاص النادرين الذين كانت تحرص على إرسال كتبها الجديدة إليه. وتقارن بينه وبين الرئيس شيراك: «أحدهما (ميتران) متفتح وجاهز لاستقبال التغيرات والحوار، أما الآخر (شيراك) فهو غارق في لغة متجاوزة، ويدافع عن أمة أنانية وعن مجتمع منغلق، بشكل حصري، على نفسه وعلى الخوف من كل ما يأتي من الخارج. سواء تعلق الأمر بمثقفين أم بيهود أو عرب أو صينيين أو أرجنتينيين أو فلسطينيين». تتطرق المؤلفة إلى الكتابة فتقول: «إن الكتابة ليست سرد قصة، ولكنها تناول ما يحيط بها، وخلق لحظة بعد أخرى من حول القصة. التطرق إلى كل ما يوجد ولكن أيضا التطرق إلى الذي يمكنه أن لا يكون أيضا، أو يمكن أن يكون قابلا للاستبدال، مثل أحداث الحياة. القصة ولا حقيقتها، أو غيابها». وتضيف واصفة شعورها: «حين أكون على وشك الكتابة، أحس باجتياح الكتابة أكثر مما أحس بها حين أكون في ذروتها. ما بين الرغبة والمتعة يوجد الفرق نفسه الذي يوجد بين الفوضى البدائية للمكتوب (الكلي والعصي على القراءة)، والنتيجة النهائية التي تسترخي وتستنير على الصفحة. الفوضى توجد في الرغبة. وأما المتعة فليست سوى هذا الجزء الصغير جدا مما استطعنا الوصول إليه. أما الباقي، أي ضخامة ما نرغب فيه، فهو يبقى هنا، ضائعا إلى الأبد». والأكيد أن الكاتبة لو كانت حاضرة في أيامنا، هذه، التي شهدت فيها فرنسا اعترافا رسميا وبرلمانيا بزواج المثليين، لقاومت هذا النزوع (وكانت تنفر من كتاباتهم). وترى أن هذا النزوع يفقد «هذا البعد الأسطوري والكوني الذي لا ينتمي إلا لجنسين متقابلين (المرأة والرجل)». وتضيف: «لهذا السبب لا يمكني اعتبار رولان بارث كاتبا كبيرا، إذ كان يوجد شيء ما يعيقه بشكل دائم، كما لو أنه كانت تنقصه التجربة الأقدم في الحياة. معرفة المرأة»، وسبق لها أن لذعته في مكان سابق من المحاورة: «انظري إلى ما كتبه رولان بارث عن الحب. مقاطع فاتنة وبالغة الدقة وذكية وأدبية ولكنها باردة». وقد نال فيليب سوليرز حظه من النقد: «أما سوليرز فهو محدود جدا. إن شخصا يبذل قصارى جهوده من أجل جلب الجمهور العريض إليه ومن أجل التحدث عن نفسه، من خلال فضح البورجوازية عبر مواضيع لم تعد تصدم، في الحقيقة، أحدا، لا يمكن أن تكون لديه ثقة كبيرة في نفسه». ولا تترك دوراس الروائي آلان روب غريييه، صديقها وزميلها في الرواية الجديدة، من دون أن تسلط عليه بعضا من رشقاتها: «إنه لامع جدا ومتحمس.. أتذكر إنه مرة اتهمني، من دون رغبة في الأذى، بأنني أكرر نفسي، كما لو أن الإلحاح على تناول بعض المواضيع، من كتاب لآخر، يعني، بالضرورة، الافتقار إلى التخييل. إن كل نص جديد أكتبه يحل محل القديم، يوسعه ويغيره». والحقيقة أنه لا يمكن الإشارة إلى كل الفوائد والدرر التي يتضمنها الكتاب، ولعل منها إشارات بيوغرافية صريحة (من نوع علاقتها مع والدتها، ومع أخويها ومع عشاقها الكثيرين) تمكن من معرفة أفضل بنصوص المؤلفة، التي استطاعت أن تقدم خدمة كبيرة للرواية والأدب الفرنسيين. وروايتها «العشيق» (وقد فازت بجائزة الغونكور سنة 1984، بعد أن كادت تخطف الجائزة ذاتها سنة 1950، عن روايتها «سد في مواجهة المحيط الهادئ»، وهي السنة ذاتها التي طردت فيها من الحزب الشيوعي الفرنسي)، ترجمت إلى أكثر من 20 لغة أجنبية، واقتبس منها فيلم سينمائي عرف نجاحا كبيرا. وليس لنا بدّ من التنويه، ونحن بصدد هذا الكتاب الذي يحيط بكثير من جوانب حياة دوراس، بنضالها الصريح من أجل استقلال الجزائر، وبكونها من موقعي «بيان 121» الداعم للثورة الجزائرية. أسلوب دوراس سهل ممتنع (وهو ما جعل كتبها وخصوصا «العشيق» تتحول إلى رواية شعبية، فعلا) ويبتعد عن الحذلقة والتصنع، وتطلق عليه الكاتبة مصطلح «الكتابة المألوفة»، وتعرفها بأنها: «كتابة شبه شاردة ليست في عجلة من أمرها من أجل التقاط الأشياء، بل من أجل أن تقولها. أتحدث عن قمة الكلمات، عن كتابة تعدو على القمة، من أجل أن تسرع وكي لا تضيع». يحتاج هذا الكتاب، بالتأكيد، لمن ينقله إلى لغة الضاد!

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتبة الفرنسية دوراس تتحدث عن نفسها في العشيق الكاتبة الفرنسية دوراس تتحدث عن نفسها في العشيق



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates