انهاء حالة اللاحرب واللاسلم بين إثيوبيا وإريتريا

في يوليو من العام 2018 طوت إثيوبيا وإريتريا سنوات من القطيعة الكاملة، وأنهت الجارتان حالة اللاحرب واللاسلم التي ظلت تخيم على أجواء العلاقات بينهما، ويأتي ما تحقق من سلام بين البلدين بحسب مراقبين تتويجاً لجهود كبيرة قادتها الإمارات التي استغلت علاقاتها المتميزة مع القيادة في كل من أديس أبابا وأسمرة كجسر لعبور البلدين إلى مرفأ التوافق والسلام الذي انعكس إيجاباً على عموم منطقة القرن الأفريقي المحاطة بالأطماع الإقليمية والدولية. ويرى مراقبون أن السلام بين إثيوبيا وإريتريا، الذي رعته الإمارات أسهم بشكل مباشر في عملية الاستقرار بالمنطقة ككل، وذلك للموقع الجغرافي والاستراتيجي للدولتين اللتين تمثلان البوابة للقارة الأفريقية، بجانب أن إنهاء التوتر بينهما له إسهامه الكبير في حفظ الأمن بمنطقة البحر الأحمر كممر مائي مهم في المنطقة، كما أنه يصب في المسعى ذاته والتوجه الإماراتي لتحقيق الاستقرار في المنطقة بما يحقق المصالح الاقتصادية المتبادلة.
ويؤكد المحلل والباحث في العلاقات الدولية محمد علي فزاري لـ«البيان» أن الإمارات لعبت دوراً بارزاً ومحورياً من خلال جمع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي في طاولة واحدة لتنهي 20 عاماً من القطيعة، وهو ما يشير إلى حرص القيادة السياسية في الإمارات على إنهاء التوتر وكسر الجمود الذي انتاب علاقات الدولتين الجارتين، وذلك من خلال مبادرات الصلح التي قادتها لوضع حد نهائي لتلك الأزمة، لا سيما وأن علاقات البلدين مقطوعة منذ أن خاض البلدان نزاعاً حدودياً وأسفر عن سقوط نحو 80 ألف قتيل.

صناعة إماراتية

ويلفت فزاري إلى أن الصلح الذي تم بين إثيوبيا وإريتريا كان صناعة إماراتية كاملة الدسم، ويؤكد أن السلام بين البلدين عزز كثيراً من الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، كما ساهم في محاربة الاتجار بالبشر، وتجارة المخدرات التي كانت تعبر من شرق أفريقيا إلى السودان ومنها إلى شمال أفريقيا، ويضيف «ولعل الإمارات كانت حريصة على ألا ينعزل هذا الجزء المهم من القارة الأفريقية وربطه ببقية دول القارة التي تسعى لقيام خط سكة حديد يربط دول شرق أفريقيا بغربها مما يعزز عملية التكامل بين بلدان القارة ومحاولة إنعاش سوق الكوميسا، الأمر الذي يساعد في مكافحة الإرهاب والتطرف من وإلى الجزيرة العربية». ويؤكد فزاري أن المكسب الأكبر من هذا الصلح الذي عرف بـ«إعلان المصالحة والصداقة» يعود لبدان شرق أفريقيا، كما أنه بدد أحلام الطامعين، لا سيما التركية التي تسعى للتمدد في المنطقة.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم لـ«البيان» إن الجهود الإماراتية أسهمت بصورة كبيرة في عملية السلام الإثيوبية الإريترية، وعملت على إعادة العلاقة بين الدولتين والشعبين لما كانت عليه في السابق، إذ انقطعت بعد الحرب الإثيوبية الإريترية 1998-2000، ويضيف إبراهيم «لم يكن أحد يتوقع أن تعود المياه لمجاريها بين الشعبين التي تربط بينهما أواصر التصاهر والتزاوج».

ويصف إبراهيم عملية السلام بين إثيوبيا وإريتريا بأنها من أنجح عمليات السلام التي تمت بالمنطقة خلال العصر الحالي، وذلك لما لها من تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية وحياتية، متوقعاً أن يتم دفع الملف بصورة أكبر بعد انجلاء جائحة «كورونا»، ومعالجة كل النقاط العالقة ومواصلة الاتفاق حول بعض النقاط المتعددة لا سيما معبري بادمي وزلامبسا الحدوديين والطريق الرابط بين الدولتين، وفتح الحركة التجارية.

عملية تكامل

ويؤكد أنور إبراهيم أن الإمارات يمكنها أن تلعب أدواراً أكبر في المنطقة لا سيما بعد معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل، من خلال العلاقات الجيدة بين إسرائيل ودولتي إثيوبيا وإريتريا، والتي من شأنها أن تحدث عملية تكامل لتعزيز السلام بين البلدين، وأضاف «معاهدة السلام الأخيرة تعكس الدور الإماراتي الكبير في عمليات السلام في المنطقة». ويتضمن اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا خمس نقاط أساسية، تمثلت في عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وفتح الاتصالات بين البلدين، وفتح الأجواء الإريترية الإثيوبية، واستخدام إثيوبيا الموانئ الإريترية، بالإضافة إلى وقف كل أشكال التحركات العدائية بين البلدين.

قد يهمك أيضا:

محمد بن زايد وماكرون يؤكدان أهمية معاهدة السلام في استقرار المنطقة

عيادة الهلال الأحمر الإماراتي الطبية المتنقلة تواصل خدماتها المجانية في حضرموت