تابوت مستغانمي
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

تابوت مستغانمي

تابوت مستغانمي

 صوت الإمارات -

تابوت مستغانمي

بقلم : عبدالله زبير

صباح من شهر يونيو/حزيران. سماء يلفها غمام خفيف يحجب شمسها المتكتمة. قد تمطر في المساء. يمر الوقت، تتقدّم عقارب الساعة، يتلاشى الغيم وتسطو الحرارة على الجسد. ترهقه. تتعبه. مشهد مألوف في صيف هيوستن. تستحيل الحياة من دون المكيّفات. هيوستن تحيا في ظل الأجواء المكيّفة. حتى بداية العشرينات من القرن الماضي، هيوستن مدينة صغيرة جدا. الحرارة والرطوبة تقتل. تدفع الناس بعيدا. يخترع "ويليس كاريير" المكيّف، ينتشر استخدامه على نطاق واسع فتلتقط  هيوستن فرصتها الثمينة في الحياة. يتغير الوضع رأسا على عقب. يبدأ موسم هجرة لا متناهي نحوها من الشرق والغرب والشمال. اليوم، هي مدينة الفرص وملجأ الباحثين عن ميلاد جديد. أولد اليوم تحت شمسها الحارقة.

 لم يكن قد مر على مقامي في هيوستن أكثر من أسبوعين. مرا بهدوء تام. أقضي وقتي صباحا أمام التلفاز وأقضي الأماسي في بركة الماء بالجوار. كنت سعيدا باكتشاف هذه الثقافة الغريبة والكشف عنها أمام عيني ومخيلتي. قرأت كثيرا عن أميركا أيام الجامعة. قرأت عن المستوطنين البيض والهنود الحمر، عن عرش بريطانيا وفكرة الاستقلال وكيف تبلورت في ظل غطرسة البريطانيين. قرأت عن بوسطن وفيلادلفيا، عن الشاي والتبغ وعن حق الأميركيين في التمثيل البرلماني. مواقف شتى ومشاهد صنعت هذا العالم الجديد. بعضها حقيقي؛ عاشه الإنسان، وبعضها من نسج الخيال أسّس للأساطير وأحيانا لعظمة زائفة. لا يهم كيف حل الإنجليز بأرض الأحلام.

لا يهم كيف وقع القائد "جون سميث" في أسر الهنود أو كيف أعتقته الأميرة الصغيرة "بوكاهونتاس" من قبضتهم ودلته على سبل الخلاص والبقاء. مات الجميع. بقي الأثر يمحصه دارسو التاريخ. عاشت أميركا. يحتفل الأميركيون اليوم بعيد الشكر وفاء لماض غابر دونا عن ضرورات النبش أو الحاجة إلى اليقين من تفصيلاته.
 
أجلس بالخارج. أحتسي كأس الشاي وأدندن. بعض الصبية يلعبون في الجوار كرة السلة. يمرحون. تمر سيدة بجانبي. يسبقها كلبها المرح. صاحبته وسيدته. تحييني بابتسامة عابرة. أفرح. اللطف يعين على الاندماج؛ على الغوص في الثقافة والقبول بفكرة العيش المشترك.
 
أنتشي بحالة التعايش هنا؛ بالحفاوة والروح القابلة للمختلفين. لا داع للغرابة! أميركا أرض المهاجرين. أبدا! القاعدة تعرف الاستثناء. تكسب حقيقتها من ملازمته ومصاحبته، جيراني صينيون. لا يرحبون ولا يسلمون. تخالهم أمواتا. الصينيون لا يحبون الإختلاط. يعيشون في عالمهم. غالبيتهم تختار العيش ب"التشاينا تاون" هنا. أي، المدينة الصينية. تنتشر هذه الحواضر في كل مكان؛ في كاليفورنيا، فلوريدا، نيويورك... وفي تكساس طبعا. مدن آسيوية كاملة الأوصاف؛ الطراز، المطاعم، اللغة، العادات وروح الشرق الأدنى. قد يقضي الصيني العمر كله بين أسوارها دون الحاجة إلى لحظة خروج. بعضهم لا يتكلم الإنجليزية على الإطلاق. أتفهم موقف الجيران. لا أبالي...أنا لست في شنغهاي!
 
ما السيدة وجيراني الصينيون إلا صورة من صور الحياة هنا. أنا إنسان مغترب. أعيش في متاهات لا حصر لها. حياة بين المد والجزر. فرح وحزن، يأس وطموح، حيرة ويقين. موقف يفرح؛ ينتصر لخيار الغربة وموقف صعب؛ تلعن معه الماضي والحاضر والمستقبل. لطف السيدة يزرع في تربتي إحساسا جميلا بفكرة قبول الإنسان لأخيه الإنسان وباب مسدود بجواري يبعث على القلق من فكرة الرفض. أحاول  في ساعتي هذه الانفلات من قبضة الضيق والخيبة إلى رحابة الأمل. الأمل جوهر الحياة. به يحيا المرء. دونه يموت. سأعيش مع الآخرين، سأسافر وأرحل بين الثقافات. بالبارحة، لا أعرف غير لغة المغاربة، ثقافتهم ودينهم وذهنيتهم. اليوم، أنا أطل على العالم كله ومن قريب. اليوم، أنا أعيش بين البيض والسود والهنود، بين الأوروبيين والآسيويين والأفارقة، بين الكاثوليك والبروتستانت والهندوس واليهود... بالبارحة، لا أرى غير المساجد. اليوم أنا أجاور الكنائس والمعابد...
 
تراودني بقايا كلمات أحلام مستغانمي من رواية عابر سرير عن الغربة، عن حياة التشرد التي يعيشها المغترب. تكتب هي أن "الغربة فاجعة يتم إدراكها على مراحل، ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التّابوت على أسئلتك التي بقيت مفتوحة عمرا بأكمله، ولن تكون هنا يومها لتعرف كم كنت غريبا قبل ذلك؟ ولا كم ستصبح منفيا بعد الآن؟" تنطق عن هوى وروح شاعرة؛ عن حكمة الأديبة العارفة. تزيد ريبتي. أطرد شيطان كلماتها بعيدا عني. لست مستعدا بعد للغوص في هذا القاع. لم أر بعد ما يخيف أو يدفعني للسؤال. لا موت ولا توابيت ولا نفي. لم أحمل حقيبتي للسفر في الحزن. سأحتسي الشاي وأغني. سترقص روحي المرحة على وقع موسيقى الحياة. فكرة الحياة أعظم من أن تنجذب لنغمات الحزن. 
 
يمضي الوقت. ليل هيوستن يبعث على الارتياح. هادئ. نجوم محتشمة من أثر كثرة الأضواء. في أميركا، النجوم لا تتسيّد ولا تتبدى إلا في الخلاء. أتذكر ليالي شاطئ "بوكمور" شمالي مدينة القنيطرة. أتذكر النجوم الساطعة. ينعكس الضوء على الموج المنكسر فيزيد المشهد رونقا لا يقاوم. نجلس أحيانا للفجر. نغني ونحكي. حطب ونار وكؤوس شاي ونجوم. أشتاق. ينكسر خاطري. أسكن في خلوة الذكرى. أغفو. تمر العربات تباعا. وقع كالصمت. لا أبواق. لا شيء يزعج خلوتي الساعة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تابوت مستغانمي تابوت مستغانمي



GMT 21:41 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أزمة الصمت

GMT 21:39 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

لا ترجعي...! :

GMT 23:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 20:35 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 02:34 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 00:53 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

”أعطنى مسرحًا أُعطِكَ شعبًا مثقفًا”

GMT 20:38 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

صندوق أسرار الزمن المعتّق

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates