فرنسا تجدد نفسها

فرنسا تجدد نفسها

فرنسا تجدد نفسها

 صوت الإمارات -

فرنسا تجدد نفسها

بقلم : عمرو الشوبكي

أعلنت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتقدم كل من مرشح الوسط إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ليدخلا معا فى جولة إعادة نعلن من الآن أنها محسومة لصالح مرشح الاعتدال وقيم العدالة والمساواة والديمقراطية ماكرون.

وقد حصل الفائز الأول، الذى يحلو للكثيرين أن يصنفوه بأنه يمين وسط ويرى البعض الآخر أنه يسار وسط، على 23.9% من أصوات المقترعين فى حين حصلت مرشحة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان التى حلت ثانية على 21.7% وفق النتائج الأولية التى صدرت أمس، وجاء مرشح اليمين الديجولى فرانسوا فيون فى المركز الثالث وحصل على 20% وخرج من السباق، بعد أن كان المرشح الأوفر حظا نتيجة اتهامات فساد طالته حين كان رئيسا للوزراء، وجاء رابعا مرشح اليسار المتطرف أو الثورى جان لوك ميلانشون وحصل على 19.2% من أصوات الناخبين، وجاء مرشح الحزب الاشتراكى بعيدا فى المرتبة الخامسة ليحصل على أقل قليلا من 7% من أصوات الناخبين.

وقد تجاوزت نسبة الاقتراع 75% وهى أعلى من نسبة الاقتراع فى الانتخابات السابقة (2012) وهى تؤكد أن الديمقراطية فى فرنسا مازالت صامدة، وأن الغالبية العظمى من دول الاتحاد الأوروبى بالإضافة لبريطانيا تتجاوز نسبة التصويت فيها 70% حتى تصل إلى أكثر من 80% فى البلاد الاسكندنافية.

والحقيقة أن الفوز القادم «للرئيس» ماكرون الذى يبلغ من العمر 40 عاما سيمثل عملية تجديد سياسى وجيلى هائلة للنخبة السياسية الفرنسية، فهو أول رئيس منذ تأسيس ديجول الجمهورية الخامسة عام 1958 من خارج المعسكرين التقليديين: يمين الوسط الديجولى، واليسار الاشتراكى، فكل رؤساء الجمهورية الخامسة من المعسكرين بلا استثناء (الرئيس اليمينى ديستان نجح بأصوات الديجوليين ودعمهم وإعلانه انتماءه لمدرسته حتى لو لم ينتم تنظيميا لحزبه)، فقد أسس الرجل منذ عام حركة للأمام ولم يعتمد على الماكينة التقليدية لليسار أو اليمين ونجح، كما أنه أيضا أصغر رئيس فى تاريخ فرنسا بالمعنى الجيلى.

ويمكن القول إنه كان واضحا وتجديديا فى أمور وغامضا فى أمور أخرى، فقد اعتبر ولأول مرة فى تاريخ فرنسا أن الاستعمار الفرنسى ارتكب جرائم ضد الإنسانية فى الجزائر، كما رفض الخطاب العنصرى بحق المسلمين ورفض ربط الإسلام بالإرهاب بصورة قطعية وسار عكس الموجة الرائجة فى أمريكا وأوروبا.

أصوات ماكرون الأعلى حصل عليها فى المدن الثلاث الكبرى فى فرنسا (منها العاصمة بطبيعة الحال) وتجاوز فيها الثلاثين فى المائة، على عكس مارين لوبان التى نالت أعلى نسب تصويت لها فى المناطق الريفية.

يقينا نتائج الانتخابات الفرنسية مثلت محاولة ديمقراطية لتجديد النخب السياسية السائدة، لصالح تيارات سياسية من خارج القوى التقليدية لليسار واليمين، وتمثلت أولا فى كتلة الرئيس القادم، وفى تيار اليمين المتطرف ومعهم مرشح اليسار المتطرف ميلانشون (الذى اكتسح مرشح اليسار التقليدى أى مرشح الحزب الاشتراكى هامون)، وحصلوا الثلاثة على ما يقرب من 70% من أصوات الناخبين فى تطور غير مسبوق فى تاريخ الانتخابات الفرنسية.

صحيح أن ماكينة اليمين الديجولى (نسبة لمؤسس الجمهورية الخامسة وزعيم فرنسا الكبير الجنرال ديجول) ظلت متماسكة وحصل مرشحها فيون على 20% من الأصوات ولولا فضائحه المالية لكان ضمن المرشحين فى جولة الإعادة، إلا أن هذا لا ينفى سيطرة مرشحى القوى الجديدة على المشهد السياسى الفرنسى.

يقينا «الرئيس القادم» إيمانويل ماكرون لن يفعل معجزات ولكنه سيمثل حائط صد أمام صعود خطاب اليمين المتطرف واللغة الشعبوية التى هلل لها البعض فى بلادنا، متصورا أن العالم كله يمكن أن يكون نسخا كربونية من نماذج المتاجرة بآلام الشعوب ونشر خطاب الكراهية.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تجدد نفسها فرنسا تجدد نفسها



GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 02:14 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ما بعد الرد الإيراني

GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

فتحي سرور

GMT 18:18 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

المفارقة التركية

GMT 19:10 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الانتخابات التركية

GMT 16:55 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 صوت الإمارات - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:46 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 صوت الإمارات - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:15 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"البوطينة" العملاق أسرع حاسوب في الإمارات

GMT 13:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق ميزة Fast Pair للربط بين أجهزة أندرويد المختلفة

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 17:52 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

تجهيزات فريدة لقاعات الأفراح تخطف الأنظار

GMT 10:21 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الجنوبية تفوز في أولمبياد علم الفلك الدولية

GMT 04:21 2013 الإثنين ,27 أيار / مايو

فيلم فلسطيني يفوز في "كان" عن فئة "نظرة ما"

GMT 05:19 2013 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

في الظل دراما بوليسية في الخمسينات

GMT 13:29 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

ظهور ميلانا ترامب في إطلالة ساحرة بتصاميم ديور

GMT 16:41 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"hp" تطلق رسميًا أوّل حواسبها المحمولة بنظام "Chrome"

GMT 05:32 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط وصلاله يصعدان للدوري العماني للمحترفين

GMT 14:16 2013 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كفاح "العمال" من اجل بريطانيا أكثر عدالة موضوع فيلم وثائقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates