سوريا هي المحك لدونالد ترامب

سوريا هي المحك لدونالد ترامب

سوريا هي المحك لدونالد ترامب

 صوت الإمارات -

سوريا هي المحك لدونالد ترامب

خيرالله خيرالله

ما تقوم به الإدارة الأميركية الحالية هو نسخة طبق الأصل عما قامت به إدارة باراك أوباما بحجة حماية الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني.

إدارة ترامب تعتمد دور المتفرّج بعد تموضع عسكري في "سوريا المفيدة"
ليس طبيعيا أن تتصرّف الولايات المتحدة بالطريقة التي تتصرّف بها في سوريا، خصوصا بعدما وعد دونالد ترامب، قبل انتخابه رئيسا وبعد ذلك، بأن يكون مختلفا عن باراك أوباما. ما تقوم به الإدارة الحالية هو نسخة طبق الأصل عمّا قامت به إدارة باراك أوباما بحجة حماية الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني.الفارق مع إدارة أوباما، أن إدارة ترامب تعتمد دور المتفرّج بعد تموضع عسكري في “سوريا المفيدة”، وهي الضفّة الشرقية للفرات.

في شمال شرق سوريا، حيث الأميركيون وقواعدهم العسكرية، معظم ثروات البلد من نفط وغاز وزراعة ومياه. يبررون وجودهم هناك بضرورة المحافظة على تلك المنطقة وحمايتها كي لا يعود “داعش” إليها.

تحدثت إدارة ترامب بدورها عن “خطوط حمر” لا يمكن أن تقبل بها. خرق النظام وحليفاه الإيراني والسوري كل الخطوط الحمر، بما في ذلك نص القرار الأخير الرقم 2401 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحـدة وروحه. لا تـزال القنابل تتساقط على الغوطة الشرقية بهدف تهجير أهلها. هناك استخدام للسلاح الكيميائي من دون أي رد فعل أميركي. ما يفعله النظام، بدعم إيراني وروسي واضحين، يصبّ في اتجاه واحد. هذا الاتجاه هو تهجير أهل الغوطة الشرقية من منطلق مذهبي تمهيدا لإحلال آخرين مكانهم. الهدف النهائي دمشق وتدجينها وتغيير طبيعة المدينة وتركيبتها السكّانية.

إلى متى تستطيع الولايات المتحدة البقاء في موقع المتفرّج؟ ذلك هو السؤال الذي يطرح نفسه، خصوصا بعدما تبيّن أن التناقضات القائمة بين إيران وروسيا في سوريا لا تعني، بأي شكل، أن في استطاعة الروسي الضغط على الإيراني. هناك واقع لم يعد الروسي قادرا على الهرب منه. يتمثّل هذا الواقع في أن لا قدرة لديه على إرسال قوات إلى سوريا.

إلى متى ستبقى أميركا في موقع المتفرج العاجز عن وضع حد للعدوانية الإيرانية؟ سيطرح هذا السؤال نفسه بإلحاح أكثر في الأيام المقبلة، لأن كل الأحداث تشير إلى أن الروسي لا يمتلك حلا في سوريا

ليس أمام الروسي سوى الاتكال على إيران التي يظهر أن في استطاعتها إرسال عدد كبير من الخبراء المنتمين إلى “الحرس الثوري” إلى سوريا، إضافة إلى عشرات الآلاف من المنتمين إلى ميليشيات مذهبية مثل ميليشيا “حزب الله” اللبنانية أو تلك التي يتألف منها “الحشد الشعبي” في العراق.

في المقابل، لا يمكن للجانب الروسي الذهاب إلى أبعد من استخدام سلاح الجوّ. وهذا يجعله تحت رحمة إيران. حاول الروس تشكيل قوات خاصة بهم تضمّ مرتزقة وذلك تحت ستار أن شركات نفطية روسية تقف وراء تجميع هؤلاء تحت عنوان إقامة شركات أمنية خاصة. كانت النتيجة إبادة هذه القوات الروسية وغير الروسية بواسطة طائرات هليكوبتر أميركية عندما تقدّم المرتزقة من أحد حقول النفط في منطقة دير الزور قبل بضعة أسابيع.

وجدت روسيا نفسها في نهاية المطاف أمام مستحيلين في سوريا. المستحيل الأول هو العجز عن ممارسة أي ضغط على إيران. المستحيل الآخر العجز عن إعادة الحياة إلى النظام السوري وما بقي لديه من جيش ومؤسسات أمنية اخترقتها إيران من كلّ الاتجاهات.

أخطر ما في الأمر أن إيران تبني قواعد دائمة لها في سوريا. تستعد لاستخدام الورقة السورية إلى أبعد حدود، بما في ذلك افتعال حرب إقليمية، لتأكيد أنها دولة متوسطية من جهة، وأنها حريصة على الجسر السوري الذي يربطها بدويلة “حزب الله” في لبنان من جهة أخرى. لم يستطع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنفيذ التفاهمات القائمة مع إسرائيل التي باتت تعـرف أّن ليس في استطاعتها إشعال المنطقة بحجة أنها لا يمكن أن تقبل وجود مصانع صواريخ في الأراضي السورية أو اللبنانية، حسب تسريبات في الإعلام الإسرائيلي.

إذا كانت روسيا وجدت نفسها أمام مستحيليْن سوريين، فإن إسرائيل التي تتبجح بأنها تمتلك قوة نارية كبيرة، وجدت نفسها أيضا أمام مستحيل من نوع آخر.

إنه غياب القدرة الإسرائيلية على التأثير في القرار الروسي عندما يتعلّق الأمر بالوجود الإيراني في سوريا. ليس لدى إسرائيل سوى الاعتماد على الولايات المتحدة لا أكثر ولا أقلّ في المواجهة مع إيران. لا تستطيع، إلى إشعار آخر، أن تفعل شيئا من دون الغطاء الأميركي… وحتّى المشـاركة الأميركية في أي عملية عسكرية ذات نطاق واسع تؤدي إلى إضعاف إيران فعلا.

المؤسف في ظل هذه الأوضاع المحبطة أن الشعب السوري هو من يدفع الثمن. ليس ما يجري في الغوطة سوى نموذج لمنتهى السادية في التعاطي مع مصير مئات آلاف السوريين

منذ دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تحدّث الرئيس الأميركي وكبار معاونيه عن أن هدفهم هو كبح المشروع التوسّعي الإيراني. في كلّ يوم يمر يربط الأميركيون بين إيران و“الإرهاب”. في كلّ يوم يمرّ يتأكد أن هذا ليس ممكنا ما دامت الميليشيات الإيرانية تسرح وتمرح في سوريا.

يبقى الكلام الأميركي عن إيران مجرد كلام على الرغم من بداية إدراك للدور الروسي السلبي في سوريا. وهذا ما عبّر عنه قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جورج فوتيل خلال جلسة للجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب الأميركي. قال فوتيل “من الناحيتين العسكرية والدبلوماسية، تلعب موسكو دور مشعل الحريق ورجل الإطفاء في آن” مضيفا “إنها تثير التوتر بين كل الأطراف في سوريا، ثم تلعب دور الحكم في حل النزاعات في محاولة لتقويض المواقف التفاوضية لكل طرف وإضعافها”.

إنها لعبة كلاسيكية، سبق أن لعبها النظام السوري في لبنان إبان الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي، وبعد وضع يده على كل البلد في خريف العام 1990 عندما دخل قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة. وقتذاك، استطاع النظام السوري بفضل لعبة مشعل النار والإطفائي في الوقت ذاته ممارسة وصاية كاملة على لبنان حتّى العام 2005…

إلى متى ستبقى أميركا في موقع المتفرّج العاجز عن وضع حدّ للعدوانية الإيرانية؟ سيطرح هذا السؤال نفسه بإلحاح أكثر في الأيّام والأسابيع المقبلة، لا لشيء سوى لأن كلّ الأحداث تشير إلى أن الروسي لا يمتلك حلا في سوريا. ليس لديه أي حل من أي نوع لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى الدور الإيراني المكمل للدور الروسي والدور الروسي المكمل للدور الإيراني. أما إسرائيل التي تدّعي أنها صارت مهددة، فإنها لا تستطيع تغيير الوضع القائم من دون الولايات المتحدة.

المؤسف في ظل هذه الأوضاع المحبطة أن الشعب السوري هو من يدفع الثمن. ليس ما يجري في الغوطة سوى نموذج لمنتهى السادية في التعاطي مع مصير مئات آلاف السوريين الذين تحولوا إلى ضحايا لعبة في أساسها العجز الروسي عن لملمة الوضع السوري والحسابات الإيرانية القائمة على أن روسيا تحت رحمة الميليشيات المذهبية التي تسيّر من طهران.

وحده الأميركي قادر على كسر هذه الحلقة المقفلة. ليس مطلوبا أن يفعل ذلك في خدمة إسرائيل التي استطاعت تحقيق قسم لا بأس به من طموحاتها بفضل الإصرار الإيراني على تفتيت سوريا من منطلق مذهبي. ما يبدو مطلوبا أكثر من أي وقت إقناع أميركا لروسيا بأن اتكال إيران عليها، واتكالها في المقابل على إيران هو الطريق الأقصر لحروب لا أمل بأي نهاية لها في المدى المنظور. مرّة أخرى، هل يستطيع ترامب أن يكون مختلفا عن أوباما؟ المحكّ سيكون في سوريا وليس في أيّ مكان آخر في حال كان ما يقوله عن الدور الإيراني في المنطقة والعالم صحيحا أم لا.

المصدر : جريدة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا هي المحك لدونالد ترامب سوريا هي المحك لدونالد ترامب



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 08:24 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

لست ورقة بيضاء

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 05:49 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

6.6 مليارات درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع

GMT 03:04 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

أصابع الجمبرى بالأرز والبقدونس

GMT 03:23 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

زلزال بقوة 5.5 درجة يهز جنوب غربي إندونيسيا

GMT 07:17 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الخاتم قطعة مجوهرات لا غنى عنها

GMT 22:43 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

البشير يُشكّل لجنة لتقصي حقائق ما تمر به السودان من أزمات

GMT 15:30 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الكشف عن تفاصيل حادث حريق أبوظبي

GMT 07:08 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

ضعف المبيعات يدفع "سامسونغ" إلى تعجيل إطلاق Note9

GMT 17:04 2018 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

أصالة تعلن أن حبها لطارق العريان لا تكفيه السطور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates