العراق يقترب من لحظة الحقيقة

العراق يقترب من لحظة الحقيقة

العراق يقترب من لحظة الحقيقة

 صوت الإمارات -

العراق يقترب من لحظة الحقيقة

بقلم - خيرالله خيرالله

كلّما مرّ الوقت، يظهر أكثر أنّ العراق يعاني من مشاكل كثيرة، لكنّ أكثر ما يعاني منه يتمثّل في أزمة نظام انتهى ويرفض أهله الاعتراف بذلك. لا يمكن إصلاح النظام العراقي بأيّ شكل في غياب مرجعيّة للبلد تمتلك حدّاً أدنى من الشرعيّة، مرجعية تستطيع تطبيق القانون لا أكثر.

منذ قلب نظام صدّام حسين في العام 2003، قام الأميركيون بكلّ ما هو مطلوب من أجل جعل المرجعيّة السياسية للعراق في «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران.

فشلت إيران في إدارة العراق. رفض العراقيون بأكثريتهم الساحقة، بمن في ذلك الشيعة، أن يكون العراق تابعاً لإيران وجرماً يدور في فلكها. عبّروا عن ذلك بوضوح في الانتخابات النيابيّة الأخيرة التي أجرتها حكومة مصطفى الكاظمي في أكتوبر الماضي.

مضت عشرة أشهر على تلك الانتخابات ولا حكومة عراقيّة جديدة ولا رئيس جديداً للجمهورية خلفاً لبرهم صالح الذي انتهت ولايته قبل بضعة أشهر.

صار صعباً على برهم صالح، على الرغم من أنّه من بين أفضل السياسيين العراقيين و أكثرهم فهماً واطلاعاً على ما يدور في المنطقة والعالم، العودة إلى موقع رئيس الجمهوريّة بعدما ارتبط اسمه بإيران.

قد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون، لكنّ برهم صالح تحوّل بسبب الشخصية الكرديّة التي تدعمه إلى مرشح تحدّ في بلد زادت فيه كلّ الحساسيات حيال «الجمهوريّة الإسلاميّة» وما تمثّله على أرض الواقع.

ما تمثله «الجمهوريّة الإسلاميّة» في العراق هو الفوضى السياسيّة ونشر البؤس والفساد في بلد كان يستطيع، بما يمتلكه من ثروات، أن يكون من بين أكثر البلدان ازدهاراً في المنطقة.

يبقى أن المشكلة الرئيسيّة في العراق ذات وجهين. أولهما النظام السياسي المعمول به والقائم على المحاصصة وثانيهما وجود الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني التي تتحكّم بالبلد.

ليس سرّاً وجود هذه الميليشيات المذهبيّة تحت عنوان «الحشد الشعبي»، يستهدف ذلك إيجاد نسخة عراقيّة عن النظام الإيراني الذي بات في عهدة «الحرس الثوري».

يبدو مطلوباً آن يكون في العراق «حرس ثوري» تابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني. هذا ما عبّر عنه نوري المالكي صراحة في التسريبات التي نشرت أخيرا بصوته والتي كشفت مدى حقده على بلد اسمه العراق ومدى الولاء لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة».

لا يمكن البناء على نظام سياسي يقوم على المحاصصة المذهبيّة بين الشيعة والسنّة وأخرى ذات طابع مرتبط بالقوميات، الأكراد تحديداً.

لا يمكن البناء على نظام يسمح بقيام ميليشيات مذهبيّة تحلّ مكان الجيش الوطني وقوات الأمن وتقوم بدورهما. إمّا دولة أو لا دولة.

حصل في العراق منذ العام 2003، تاريخ الحرب الأميركيّة، أنّ البلد صار في وضع اللادولة. لذلك باءت كلّ جهود مصطفى الكاظمي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالفشل، أقلّه إلى الآن.

في الواقع، ارتكب الجانب الأميركي كلّ الأخطاء، التي كان عليه تفاديها أصلاً، من أجل الوصول بالوضع العراقي إلى ما وصل إليه. بدأ كلّ شيء بالاستسلام لمشيئة إيران التي نظمت، بالمشاركة مع إدارة جورج بوش الابن، مؤتمر لندن في ديسمبر 2002.

كان لإيران ما أرادت عندما صدر عن مؤتمر لندن للمعارضة بيان تحدّث للمرّة الأولى منذ تأسيس البلد في العام 1921 وتنصيب فيصل الأوّل ملكا، عن «الأكثريّة الشيعية» في العراق.

أكثر من ذلك، حصلت خطوتان في غاية الخطورة. أولاهما حل الجيش العراقي وثانيهما قيام المجلس الانتقالي الذي همّش إلى حدّ كبير سنّة العراق.

هل كان الانتقام من صدّام حسين ونظامه، بكلّ ما يمثله من تخلّف، بحل الجيش العراقي وقيام المجلس الانتقالي؟

لم يكن ذلك انتقاماً من صدّام بمقدار ما كان انتقاماً إيرانيّاً من العراق نفسه الذي حارب «الجمهوريّة الإسلاميّة» طوال ثماني سنوات وحال دون تمكين آية الله الخميني من تصدير «الثورة» إلى المنطقة كلّها، بدءاً بالعراق.

يقترب العراق يومياً من لحظة الحقيقة مع ما تعنيه من انعدام لأي قدرة على إصلاح النظام القائم الذي وضع أصلا من أجل أن يكون في خدمة إيران و«الحرس الثوري» وليس العراق والعراقيين.

ليس الانسداد السياسي التام القائم حالياً سوى دليل على مدى عمق أزمة النظام العراقي الذي لا يمكن إصلاحه بأيّ شكل.

لا يشبه هذا النظام سوى النظام اللبناني الذي لم ينتج منذ اغتيال رفيق الحريري سوى أزمات متلاحقة توجت بانتخاب ميشال عون، مرشّح «حزب لله»، رئيساً للجمهوريّة.

باختصار شديد، لا وجود لدولة في العراق ولا وجود لمؤسسات رسميّة قادرة على تنفيذ سياسة محدّدة تقرّها الحكومة.

أكثر من ذلك، لا وجود لفصل حقيقي بين السلطات. عندما يعترض مقتدى الصدر على وضع القضاء، عليه قبل ذلك أن يبحث عن السبب الذي يجعل القضاء عاجزاً.

السبب واضح كلّ الوضوح. هناك ميليشيات مذهبيّة تهدّد أي قاضٍ نزيه وتمنعه من إصدار الحكم الذي يتنافى مع مصالحها.

يستحيل الرهان على مستقبل أفضل للعراق في ظلّ النظام القائم الذي لا يستطيع سوى نقل البلد من أزمة إلى أخرى أسوأ منها.

أمّا الرهان على شخص من نوع مقتدى الصدر، فهو رهان على المجهول.

صحيح أنّ الزعيم الشيعي يجسّد حالياً حالاً وطنيّة عراقيّة ورفضاً للاستعمار الإيراني بأشكاله المختلفة التي يعبّر عن بعضها علي قاآني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، لكنّ الصحيح أيضاً أن ثمة حاجة إلى طرح أسئلة من نوع آخر.

من بين هذه الأسئلة، ما البرنامج السياسي والاقتصادي والتعليمي للصدر، وما مدى قدرته على استيعاب ما يدور في العالم، خصوصاً في ما يخص أزمة الطاقة التي يعاني منها؟

مثلما سقط لبنان، سقط العراق أيضاً. السؤال المطروح في لبنان مطروح أيضاً في العراق. السؤال يتعلّق بما اذا كان في الإمكان إعادة تركيب العراق وما الظروف التي يمكن حصول ذلك في إطارها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق يقترب من لحظة الحقيقة العراق يقترب من لحظة الحقيقة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 08:24 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

لست ورقة بيضاء

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 05:49 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

6.6 مليارات درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع

GMT 03:04 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

أصابع الجمبرى بالأرز والبقدونس

GMT 03:23 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

زلزال بقوة 5.5 درجة يهز جنوب غربي إندونيسيا

GMT 07:17 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الخاتم قطعة مجوهرات لا غنى عنها

GMT 22:43 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

البشير يُشكّل لجنة لتقصي حقائق ما تمر به السودان من أزمات

GMT 15:30 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الكشف عن تفاصيل حادث حريق أبوظبي

GMT 07:08 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

ضعف المبيعات يدفع "سامسونغ" إلى تعجيل إطلاق Note9

GMT 17:04 2018 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

أصالة تعلن أن حبها لطارق العريان لا تكفيه السطور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates