جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية
أخر الأخبار

جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية

جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية

 صوت الإمارات -

جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية

بقلم -فؤاد مطر

في حال استقر أمر السودان، وتم بالتراضي المأمول اقتسام السُّلطة، فإن الفريق عبد الفتاح البرهان سيشارك للمرة الأُولى في مؤتمر عربي على مستوى القمة، وتكون هذه المشاركة مناسبة لكي يتعرف على قادة لم يسبق أن يتعرفوا به، ذلك أنه على مدى سنتين تولى فيهما، وما زال، رئاسة مجلس السيادة، زار مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، ولقي من المساندة والنصح ما جعل صيغة الحكم الانتقالي في السودان تتماسك، ولا تعصف بها جولات وصولات الحراك الشعبي الذي رأى محركوه أنهم بالمظاهرات وببعض الهتافات المستفزة يمكنهم استبدال بصيغة المشاركة العسكرية - المدنية صيغة يكون الطيف العسكري مجرد مؤسسة من مؤسسات الحكم، وليست الحكم الذي يحتوي المؤسسات.
في القمة العربية الدورية العادية المأمول انعقادها في الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر (تشرين الثاني) الآتي، سيجد الفريق البرهان أنه العسكري الوحيد بين الجمع الملكي والأميري والسلطاني والرئاسي، وهذا سيجعله يتأمل بعمق في نعمة استقرار الحكم الذي ثبَّت هؤلاء القادة أساساته، وفي أهمية الأخذ بالصيغة التي تجعل الاستقرار هذا يشق طريقه، وبخطوات مدروسة. وهذا على سبيل المثال والحصر، كون التجربة فريدة، ما اعتمده الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر الذي ابتكر صيغة شراكة الحكم على قاعدة التنمية، وبجميع مستوياتها تؤدي بموجبها المؤسسة العسكرية، إلى جانب الدور الأساسي لجهة صيانة الوطن وكيانه، وكذلك الأمن المجتمعي، مهمات في مشاريع متعددة الغرض ومتنوعة الإنتاج؛ من الغذاء إلى الدواء إلى التصنيع الخفيف، وبهذه الصيغة بات المواطن المصري مطمئناً إلى أن الحكم بالمعادلة التي بلور معالمها رئيس البلاد يحقق المطالب بقدر المستطاع، وانتهاج سياسة متوازنة، وبات في ضوء ذلك أيضاً لا يرى أنه يحتاج إلى الحزب السياسي الذي يتبنى المطالب ويمارس الضغط على مؤسسات الحكم لتأمين الاحتياجات، بل حتى إن صيغة «الحزب الوطني» الذي رأى فيه الرئيس الراحل أنور السادات سياجاً يحمي النظام من كثرة الأحزاب، لم تعد واردة في حقبة الحكم الحالي الذي يرى في الحوار الوطني الرحب خير بديل عن الحزب والمتحزبين.
وبالنسبة إلى السودان الذي يعيش منذ إسقاط نظام ذهب بعيداً في اقتباس حالة الحكم في مصر في ظل تجربة «الإخوان المسلمين»، حالة عدم الاستقرار على ما يحقق طمأنينة شعبية كتلك التي أمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيق خطوات على طريق تثبيتها، فإن الصيغة المشار إليها هي الخيار الذي يبقى أفضل من أي صيغة قد تكون واردة في بال الثنائي البرهاني - الحميدتي القابض على الحكم منذ سنتين حفلت أيامهما الساخنة عموماً بالاجتهادات التي كانت تحتاج إلى الكثير من ترتيب الأولويات.
وإذا جاز الافتراض، فإن العالم العربي على موعد مع تغيير جذري في السودان بعد القمة العربية، ومشاركة البرهان فيها بالزي المدني (كما بدا في إطلالته من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة) غير تلك (البدلة) الجنرالية التي رأيناه مع أبناء الشعب السوداني المتلهف إلى رئيس مدني، يتعمد ارتداءها لدى تسلُّمه يوم الخميس أول سبتمبر (أيلول) 2022 أوراق اعتماد جون غودفري الذي هو أول سفير للولايات المتحدة لدى السودان بعد قطيعة دامت ربع قرن. وكان لافتاً أن غودفري، ومن قبل أن يقدم أوراق اعتماده إلى البرهان، حدد باللغة العربية التي اكتسبها من سنوات عمل دبلوماسي - أمني في سوريا وليبيا والعراق والسعودية، خريطة طريق مهمته سفيراً للولايات المتحدة لدى السودان غير المستقر على حال، وبدا بذلك قاطعاً الطريق أو مستبقاً خطوة نوعية يعمل الثنائي البرهاني - الحميدتي على إنضاجها، بحيث يتم حسم أمرها بعد أن يكون رموز العمل الحزبي والحراك الشعبي استقروا على حال، مقتنعين أن مرحلة الشراكة العسكرية - المدنية هي الصيغة التي يمكن الأخذ بها وقد اكتملت مقوماتها، حكومةً على قاعدة التراضي والإرضاء، أو برلماناً يكون نتاج انتخابات لا ضغوط عليها، أو برنامج عمل في ضوء خطة تنقذ السودان، فلا يصيبه ما أصاب ليبيا على سبيل المثال لا الحصر؛ حيث انتهى أمرها، وحتى أعجوبة تغيير تحدُث أو تُستحدث، أفغانستان بطبعة فريدة من نوعها.
وأما خريطة الطريق التي بكَّر السفير الأميركي في طرح ملامحها على الملأ السوداني، وكان بذلك سفير إحراج أكثر منه سفير لَأْم جراح معنوية أتعبت الطيف العسكري المستحوذ على السُّلطة، ورموز الحراك الشعبي الذين أنهكهم الصد العسكري لمطالبهم؛ فإنها تتمثل في الإيحاء بأنه جاء سفيراً ليحقق مطالب المطالبين بالحكم المدني، وإن هو اعتمد الصياغة الملطَّفة المتمثلة في قوله لرموز في الحراك الشعبي ضد الثنائي العسكري البرهان وحميدتي، كمثل عبارته: «إن السودان يجب أن يستأنف التحول الديمقراطي تحت قيادة مدنية»...
هنالك من دواعي الخشية ما يجعل الإدارة الأميركية تختار مَن يمثلها في السودان بلغتهم، ويتضمن كلامه ما يراه الطيف العسكري الممسك بمقاليد السلطة، إلى حين يجتمع رموز الطيف المدني على كلمة تحقق توافقاً ثابتاً على صيغة حكم بديلة، ليست تلك التي تعكسها بياناتهم، وبداية تصريحات السفير الأميركي، على نحو ما أشرنا إلى نموذج منها في سطور سابقة، وبالذات كلمة «يجب». وأما الدواعي فإنها الخشية من أن الطيف العسكري، وتحديداً الجناح الذي يمثله جنرال التدخل السريع حميدتي، قد يرى تحت وطأة الالتفاف على ما هو قائم - ومن أجل ذلك يأتي السفير جون غودفري - إبرام معاهدة فاعلة المضمون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصاً أنه سبق لجنرال التدخل السريع أن باغت الإدارة الأميركية وزار موسكو، وأبرم اتفاقاً مع الرئيس الروسي ما زال طي الكتمان، وإن قيل في حينه إن ذهب السودان كان من ضمن التباحث بين الاثنين، وكذلك حسم مسألة القاعدة البحرية الروسية... إنما بعد استتباب الأمور وإمساك الثنائي العسكري بكامل خيوط المعادلة.
من شمائل أهل السودان عموماً أنهم صوفيون حتى إذا لم يكونوا في مجملهم تابعين لهذه الطريقة أو تلك. وهذه الصوفية تجعلهم أكثر قدرة على التحمل، ولكن يبدو أنهم في ضوء الدور الأميركي الذي رسم السفير بعض ملامحه على موعد ربما تكون التطورات فيه درامية، لكن في استطاعة البرهان في ضوء المشهد الوفاقي في القمة العربية الدورية المستضافة في الجزائر التي عانى شعبها على مدى ثلاث سنوات بمثل معاناة الشعب السوداني، أن يستخلص المتيسر من العِبر التي تقطع الطريق على العَبَرات في حال حدثت المفاجأة الدرامية الواردة الحدوث في أي لحظة.
ويبقى أنه لو أُجيز لمتابع - مثل حالي - قضايا السودان ماضياً وحاضراً ودائماً، تسجيل نقطة نظام، لكنت أوجزتها بالاستغراب لمطالبة البرهان يوم الثلاثاء 6 سبتمبر 2022 بريطانيا بالاعتذار عن جرائم مرحلة استعمار السودان، فيما المملكة المتحدة ومعها العالم من أقصاه إلى أقصاه في حالة من التآسي لرحيل الملكة إليزابيث الثانية التي كانت ذات ثلاثة أيام من الخمسينات زائرة مرحباً بها كل الترحيب من السودان، بدءاً بعاصمته المثلثة، وانتقالاً إلى مناطق أُخرى. وبعد انقضاء الأيام الحزينة، فلتكن مطالبة الملك تشارلز بالاعتذار عن مرحلة استعمار السودان.
أعان الله السودان وفرَّج كرب أهله الطيبين في ضوء القمة العربية في الجزائر، وخصوصاً إذا شارك فيها البرهان بصفته رئيس سلطة عسكرية، وعاد منها إلى السودان جنرالاً للمرة الأخيرة، وبدءاً لرئيس سلطة مدنية - عسكرية تعطي لكل طيف حقه ودوره. وعندها تستعيد ميادين العاصمة المثلثة هدوءها وصفاءها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية جنرال للمرة الأخيرة بعد القمة العربية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ صوت الإمارات
المخرجة اللبنانية نادين لبكي باتت حديث الجمهور خلال الساعات الماضية بعد أن تم اختيارها لتكون عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لنسخة مهرجان كام السينمائي الـ77، والتي ستقام ما بين 14 و25 مايو القادم، وذلك بعد أن سبق لنادين لبكي وقد شاركت كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقة "نظرة ما" عام 2015، وبمجرد أن تم الإعلان عن الخبر حرص جمهور نادين لبكي على تسليط الضوء على أجمل إطلالاتها التي ظهرت بها في بعض المهرجانات الفنية والتي تميزت بالبساطة والرقي في كل مرة. نادين لبكي سبق وقد ظهرت في إحدى الفعاليات الفنية بأحد المهرجانات مؤخرًا وهي مرتدية فستان باللون الأسود الذي يبدو وأنها تعشق الظهور به باستمرار، وجاء الفستان طويلًا ومجسمًا وبصيحة الكب، مع فتحات عند منطقة الخصر، وانسدل الفستان مريحًا بداية من تلك المنطقة�...المزيد

GMT 23:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 صوت الإمارات - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 صوت الإمارات - جامعة الإمارات تتصدر تصنيفات «كيو إس» العالمية

GMT 02:26 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

معرض لمقتنيات رواد المسرح والموسيقي

GMT 10:42 2013 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بدء معرض الخرج الأول للعملات السعودية والعالمية الاحد

GMT 22:30 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح الدورة السادسة من مهرجان سماع الدولي 16 نوفمبر

GMT 18:28 2016 الإثنين ,15 شباط / فبراير

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها

GMT 02:10 2013 الخميس ,25 إبريل / نيسان

معرض لنوادر ومقتنيات الدكتور جمال حمدان

GMT 13:18 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

"إبداعات مصرية" معرض تشكيلي في الأوبرا

GMT 18:13 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مطعم ياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 10:01 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"الكفاح الأميركي" أحسن فيلم في رأي نقاد نيويورك

GMT 11:44 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إقامة معرض للکتب الایرانیة في أفغانستان

GMT 16:18 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

هايدي كلوم بثوب أسود عاري الصدر والظهر

GMT 12:03 2013 السبت ,20 تموز / يوليو

ريهانا مثيرة في بدلة ليكرا عليها جلد النمر

GMT 13:55 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

زيادة حرارة الأرض تغيّر تفاصيل موسم الربيع

GMT 01:11 2013 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

l’oréal paris"" يخلصك من علامات تقدم السن

GMT 06:36 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

حرارة المحيطات ترتفع بدرجة أسرع من المتوقع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates