أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير

أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير

أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير

 صوت الإمارات -

أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير

يوسف الديني
بقلم : يوسف الديني

أصبحت التحليلات والقراءات تتناسل على مدار الساعة حول الحدث المفصلي الذي هز كل المراقبين عن عودة طالبان ورحيل الولايات المتحدة، وحرك المياه الراكدة في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير حول العالم.
عقدان من الحرب ضد طالبان ومحاولة بناء دولة في أفغانستان من ولد في تلك المرحلة هم شباب في العشرين اليوم يبحثون عن لغة ومستقبل ومجتمع صنع على عجل، لكنهم مجبرون على التكيف مع الأمر الواقع الآن.
الأهم من كل القراءات التحليلية التي تحاول اتخاذ موقف مع أو ضد هو فهم ما جرى... السعي إلى حفريات جادة من قلب الحدث بحثاً عن شهادات وأصوات لمن عاصروا المرحلة، ولادة مجتمع أفغاني متخيل داخل كانتونات ومناطق خضراء معزولة بحماية الولايات المتحدة يتم التعامل معه كأرض موعودة، سرعان ما كان الرحيل عنها محفزاً للمنتمين للأرض محاولة التشبث بالطائرات المنسحبة من الواقع كأحلامهم.
لفهم ما جرى الشهادات كثيرة وربما كان من أكثرها صراحة ومسؤولية وشجاعة ما قامت به سارة تشابس الأميركية القندهارية الخبيرة في الشأن الأفغاني، خصوصاً في مسألة طالبان وقبائل البشتون والتي عملت مستشارة لفترة طويلة للقوات الأميركية، وكتبت العديد من الأبحاث والكتب والمقالات آخرها مرافعة قاتمة في مدونتها بعد انسحاب قوات بلادها، مبررة أنها لم تحتمل الصمت وفضلت أن تتحدث بعقلانية شديدة بلا عواطف لفهم ما حدث. مراسلة NBR التي غطت سقوط طالبان في 2001 كتبت عن مرحلتين؛ مرحلة السقوط قبل عشرين عاماً بعد أيام من شهر رمضان واندلاع الفرحة المكبوتة والاحتفالات برحيل آيديولوجية طالبان، ثم اليوم صمت مطبق، وبينهما حديث صريح مطول عن فساد الحكومة الأفغانية الذي تأسس بمقاربة هشة وغير عقلانية من الإدارة الأميركية بحسب سارة، التي قدمت سرداً بتفاصيل المستشري في هياكل الحكومات الأفغانية، التي غابت عن الشعب في محميات الجيش الأميركي وأوهام الشعارات الديمقراطية، أو بحسب التقاطتها الحزينة: «صفعتنا طالبان على هذا الخد قبل عقدين واليوم نصفع على الخد الآخر بعد عشرين عاماً من الحكومة الهاربة، والقوات التي قررت الانسحاب وتركنا مجدداً بعد عقدين من دون استيعاب الرسالة البسيطة التي حولها مقاتلو طالبان إلى ما يشبه الأيقونة البصرية، وهم يغرزون علمهم في الأرض محاكاة لما فعله الأميركان بعد الحرب العالمية الثانية... فالشعارات لا يمكن أن تصنع شعباً كما أن الديمقراطية والقيم الغربية لا يمكن استنباتها بالقوة، أو بهياكل شكلانية تعيش على الفساد، لكنها لا يمكن أن تدوم طويلاً!
ومع ذلك نشأ الجيل الجديد مؤمناً تماماً بأنهم قادرون على اجتراح الحياة... بدا ذلك واضحاً من كم هائل من اليوميات التي سجلها الشبان على منصات التواصل الاجتماعي من «التيك توك» إلى «اليوتيوب» والتي شكلت لي نصاً مضمراً مهماً للرواية غير الرسمية، لكنهم أيضاً كانوا يرون أن مستقبلهم مهدد بفعل المحسوبيات والفساد وطريقة الإدارة المالية من قبل الولايات المتحدة داخل أفغانستان، وإن محاولة صناعة دولة ديمقراطية في بلد مجزأ قبائلياً وطائفياً ومناطقياً كانت النسخة الأسوأ من محاولة الإسقاط المظلي للحل.
طالبان التي استضافت بن لادن و«القاعدة» قبل عقدين ربما ليست طالبان اليوم المدربة على لغة وخطاب العلاقات العامة والبزات الرسمية الحديثة، فسلوكها على الأرض مرهون دائماً بمعطيات القوة والعلاقات الدولية لكنها أكثر تمسكاً بالأرض، حيث استطاعت جمع صفوفها وتدريب وحداتها وانتقالها من الميليشيا المطاردة المختبئة في كهوف المناطق الحدودية إلى ما يشبه الجيش النظامي الذي يعقد ولاءاته بوعود جديدة للقبائل والمناطق والمجموعات المسلحة الصغيرة، وصولاً إلى قدرة مذهلة على الإحلال تجلت أمام مرأى العالم بتعيين حاكم جديد لقندهار ورئيس بلدية ومدير للتعليم والشرطة في غضون أيام، ما يوحي أيضاً بحسب تقارير مراقبين من داخل كابل بأن العودة الجديدة لطالبان اليوم هي مصنوعة على الأقل على مستوى العلاقات في الداخل، وهو ما حدا بشخصيات عديدة مثل سارة صاحبة المرافعة ضد ما حدث أن تطالب بلادها بالتوقف عن خداع الذات ومراجعة جادة لما حدث!
ما حدث في أفغانستان لن يبقى في أفغانستان بالطبع، فمتابعة أولوية لردود الفعل خارج كابل تظهر كثيرً من الانتهازية والتشفي إذ تسربت قراءات استباقية لاحتمالات عودة تنظيمات أخرى أو على الأقل تدفق المقاتلين الذين فروا من أفغانستان خلال عقدين إلى الصين وأوزبكستان وإيران وباكستان والدول الحدودية التي لم تحتفل رغم مناوئتها للإدارة الأميركية بعودة طالبان، فهي تدرك جيداً عبء ذلك أمنياً وسيادياً؛ لا سيما أنها تتذكر جيداً ما حدث في الفترة القصيرة التي تولت فيها طالبان زمام الأمور بدءاً من منتصف التسعينات إلى ما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، حيث تهافت «الجهاديون» لنصرتها والمشاركة في التدريبات العسكرية لضمان سيادتها على مسرح أفغانستان، وحينها نذكر تقارير الأمم المتحدة قبل شهور من إسقاطها عن حالة الانتقام التي تعد الحركة اليوم بالاستعاضة عنها بشعارات السلام والتعددية والمرأة.
كل ما جرى يبين هشاشة المقاربة الغربية والأميركية بشكل خاص للمنطقة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير أفغانستان في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير



GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

GMT 19:51 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 11:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 08:05 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أخطاؤك واضحة جدّا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:01 2019 الأحد ,11 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:29 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

بيجو 508 موديل 2018 الجديدة تظهر بتصميم جريء

GMT 21:42 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

مهرجان الدمى العملاقة فى شوارع لشبونة

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

دار كريستي للمزادات تبيع إحدى أهم اللوحات الفنية في التاريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates