المثقف والسلطة أو مثقف السلطة

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

 صوت الإمارات -

المثقف والسلطة أو مثقف السلطة

دلال قنديل
بقلم : دلال قنديل *

معادلتان تتأرجحان منذ زمن بين رموز ثقافية إختارت الوقوف على باب السلطان، بمقابل أخرى إستدرجت بإستقلاليتها وسّعة معرفتها تحبب السلاطين، دون منحهم الولاء .

وبينهما صنف ثالث من المثقفين، سُجن أو أُبعد أو حتى أُبيدَ كي لا يبدل حرفاً من نتاجه.
وفيما تشهد بلادنا إنهيار منظومات حاكمة ، وتحَلُل سلطات، وإندثار عقد إجتماعي بكل مؤسسساته ومقوماته نسأل عن دور المثقف ،عن 
صوته المكتوم؟.
شَرَهُ السلطات على تنوعها للإستحواذ بكل ما يلمع لتزيين حضورها يُعرضها لخضات لو قرأت مسّبقاً إرتداداتها لتجنبتها.
جملةٌ واحدة نطق بها وزير الثقافة الايطالي هذا الاسبوع
في إحتفال بمدينة ميلانو إشتعلت كالنار في الهشيم ولم يخمد جمرها بعد.
قال الوزير:" إن الفيلسوف والشاعر دانتي اليغييري، كاتب "الكوميديا الالهية "  ينتمي الى التيار اليميني الايطالي لا بل هو مؤسسه".
قبل أن تسدل الستار على الإحتفال، إشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالردود .
قال البعض" إن عظام شاعر إيطاليا الاول قد إهتزت لتلك العبارة ".
كم بدا مستهجناً تقزيم 
دانتي أليغييري فيلسوف القرون الوسطى، الذي كان له أكبر الأثر على تكوين اللغة الايطالية وبنيانها الادبي  
و مسار المناهج الفلسفية، بإدخاله حلبة الصراع المحتدم في البلاد على خلفية ازمة اقتصادية خانقة بين يمين ويسار .
خرجت صحف إيطالية عدة بعناوين ساخرة على شكل أسئلة :
" هل كان دانتي يسارياً أم يمينياً؟".
إرتفعت اصوات تقول:" إن دانتي قبل اليمين واليسار،هو أب الحداثة،كاتب اولى القصائد لحبيبته بلغته الأم دون اللاتينية التي كانت معتمدة في زمانه."
جملة الوزير اليميني أحيت تاريخ دانتي الحاضر اصلاً في  إيطاليا ،المشرعة على الجمال وأنشطة ثقافية لا تخبو . إبتعاده عن الكنيسة لم يكن مرتكزاً لمسألة إيمانية،فهو كان مسيحياً مؤمناً ،لكنه كان يجنح لفصل سلطة الامبراطور عن سلطة الكنيسة.
جملة كهذه، كانت كفيلة بنبش تاريخ فكري لفيلسوف نفي من وطنه ولم يرضخ لسلطة الكنيسة ونفوذها.
وكانت مجموعة سياسية من مجموعة "الغويلف" التي تعادي دانتي بعد السيطرة على فلورنسا عام 1301نفته 
وحكمت عليه بالموت.
أنعشت الردود الذاكرة المنسية لتَخَفي دانتي بعيداً عن بلاده وفي رحلة النفي شكوك عن قضائه عامين من عمره في باريس .
دافع دانتي كمثقف بالنفي عن فكرته وتوفي في رافينا ودفن بها.
وبعد وفاته أدركت حكومة فلورنسا أنها أخطأت في حقه خطأ فادحاً، وحاولت تدارك هذا الخطأ بطبع أعماله، ودعوة ابنه وبعض الأساتذة المتخصصين في الأدب إلى إلقاء المحاضرات عنه، ومنهم جيوفاني بوكاتشو 1303- 1375 الذي يعد أكبر الدارسين للشعر اللاتيني، وقد جمعت نصوص محاضراته في كتاب "حياة دانتي".
وظلت الحكومات المتتالية تحاول جاهدة نقل رفات دانتي من مدينة رافينا إلى فلورنسا، ولما فشلت مساعيها أقامت له  قبرا تذكاريا في كنيسة الصليب المقدس، يعلوه تمثال لدانتي، توج رأسه بأكليل الغار، مثلما حدث للعَالِم الإيطالي جاليليو (1564- 1642) الذي تعرض في حياته على نحو ماتعرض دانتي.
في" المطهر" أي الجزء الثالث والأخير من الكوميديا الإلهية يقول دانتي في القصيدة السادسة عشرة "إذا كان العالم الحالي منحرفاً وضالاً فابحثوا عن السبب في أنفسكم".
مقولته أعادتني الى جملة رد بها الرئيس سليم الحص على سؤالي مرةً: " متى تصطلح مؤسساتنا؟."قال: " عندما نصطلح نحن".   أليس حرياً بنا نحن أبناء الاوطان المتلاشية خلف إنهياراتها أن نهتدي بمقولة دانتي ونبحث عن السبب في انفسنا؟.

قد يهمك أيضا

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

 

عباس بيضون يتنفس القصيدة في"كلمة أكبر من بيت"و إيغال في الجمال والألم و الأمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المثقف والسلطة أو مثقف السلطة المثقف والسلطة أو مثقف السلطة



GMT 20:30 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

الفراعنة يغزون إيطاليا!

GMT 20:29 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

انقلاب بلا قبّعات

GMT 20:28 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

قناة إخبارية كويتية... الآن؟!

GMT 20:27 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

أم عبد الله والوزير

GMT 20:26 2024 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

الحوثي في تل أبيب

ديانا حداد بإطلالات راقية وأنيقة بالفساتين الطويلة

بيروت - صوت الإمارات
تميزت ديانا حداد بإطلالات مميزة تناسبت تماما مع قوامها المثالي ورشاقتها، وتحرص ديانا دائما على ارتداء ملابس بتصميمات عصرية تخطف الأنظار ، بالإضافة إلى تنسيقات مميزة للمكياج والشعر. ارتدت ديانا حداد فستان أنيق ومميز مصنوع من القماش المخملي الناعم، وجاء الفستان بتصميم ضيق ومجسم كشف عن رشاقتها وقوامها المثالي، الفستان كان طويل وبأكمام طويلة، وكان مزود بفتحة حول منطقة الظهر، وتزين الفستان على الأكمام وحول الصدر بتطريزات مميزة، وحمل هذا الفستان توقيع مصممة الأزياء الامارتية شيخة الغيثي. خطفت ديانا حداد الأنظار في واحدة من الحفلات بفستان أنيق مصنوع من الستان الناعم باللون اللبني الفاتح، وتميز تصميم الفستان بأنه مجسم ومحدد تحديدا عن منطقة الخصر. أضافت ديانا على هذه الإطلالة كاب طويل مطرز بطريقة ناعمة وبسيطة مصنوع من الشيفون ...المزيد

GMT 03:25 2024 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

أدوية مرض السكري تقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان

GMT 12:10 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء غير حماسية خلال هذا الشهر

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 11:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 15:30 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

معرض للصور يعرّف بتاريخ عدن ويكشف الجرائم فيها

GMT 16:16 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب المصري بنواكشوط يبدأ فعالياته "الأربعاء"

GMT 07:07 2013 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

معرض حول أسطورة وذكريات السفينة الشهيرة "تيتانيك"

GMT 21:16 2013 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس في مملكة البحرين:معتدل بوجه عام

GMT 12:21 2013 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

جامعة العلوم الصحية تستهدف طواقم التمريض بدورة تدريبية

GMT 12:31 2013 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

وزير الثقافة يشهد المعرض الأول لجماعة "الفن المصري"

GMT 20:18 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستهلكون ينتجون 11 ميغاوات كهرباء عبر "شمس دبي"

GMT 14:05 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة جيني أسبر تقترب من الانضمام إلى مسلسل مصري
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates