«السَّعفُ» حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ
نيسان تستدعي عددًا من سياراتها الكهربائية في أميركا بسبب مخاوف من اندلاع حرائق ناجمة عن الشحن السريع للبطاريات ظهور شاطئ رملي مفاجئ في الإسكندرية يثير قلق السكان وتساؤلات حول احتمال وقوع تسونامي إصابات متعددة جراء حريق شب في أحد مستشفيات مدينة زاربروكن الألمانية وفرق الإطفاء تسيطر على الموقف إلغاء ما يقارب 100 رحلة جوية في مطار أمستردام نتيجة الرياح القوية التي تضرب البلاد السلطات الإيرانية تنفذ حكم الإعدام بحق ستة أشخاص بعد إدانتهم في قضايا إرهاب وتفجيرات هزت محافظة خوزستان مظاهرات حاشدة تجتاح المدن الإيطالية دعمًا لغزة ومطالبات متزايدة للحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين مصلحة السجون الإسرائيلية تبدأ نقل أعضاء أسطول الصمود إلى مطار رامون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد الرئيس الفلسطيني يؤكد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يتم عبر الأطر القانونية والمؤسسات الرسمية للدولة الفلسطينية سقوط طائرة استطلاع إسرائيلية في منطقة الهرمل اللبنانية ومصادر محلية تتحدث عن تحليق مكثف في الأجواء قبل الحادث مطار ميونيخ يستأنف العمل بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيرة
أخر الأخبار

«السَّعفُ»... حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ

«السَّعفُ»... حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ

 صوت الإمارات -

«السَّعفُ» حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ

بقلم : فاطمة ناعوت

 

مثلما النخلةُ لا تُثمر إلا إذا عانقتِ الشمسَ، كذلك القلبُ لا يُورق إلا إذا مسّته خُضرةُ السلام وأكسجينُ الحبّ. أكتبُ لكم هذا المقال بعدما انتهيتُ من جدل بعض الأشكال الجميلة مع ابنى «عمر» من سعف النخيل مع صديقاتى المسيحيات وأطفالهن؛ احتفالًا بـ«أحد السعف» بالأمس. عيدٌ يعيدُ إلينا طفولتَنا، ويعيدُنا إلى براءتها. يأتى ذلك «الأحدُ» بلطفٍ أخضرَ، لا يطرقُ البابَ، ولا يُحدث جلبةً، لكنه يملأ الشوارع بوهج الذهب، وضحكات أطفالٍ يحملون السعف بأكفّهم الصغيرة، كأنما يقبضون على حفنة فرح. طقسٌ يحمل رائحة الطين، وهمسات الجدّات فى باحات البيوت. فى طفولتنا، كنّا نشترى عيدان السعف من الباعة حول المدرسة، ونتسابق فى جدلها لنصنع أشكالًا جميلة، ونظلُّ نرقبُها حتى تجفَّ ويتحوّلَ أخضرُها إلى أصفر الذهبِ يُشِعُّ بريقُه فى قلوبنا الخضراء. نُهدى صنعةَ أيدينا إلى أمهاتنا ومعلّماتنا: تاجٌ، سوارٌ، خاتمٌ، كتابٌ، أوراق شجر، قلبٌ، حملٌ، سنبلة قمح... كنتُ، ومازلتُ، أراه خيطًا سريًا بينى وبين الأرض. جديلة سلام، نُشكّلها بأنامل بريئة، ثم نعلّقها على الأبواب أو نهديها لمن نحب، كأننا نجدل مشاعرنا بخيوط النخيل. ومهما كبرنا وكبرت همومنا وتشعبت مشاغلنا، إلا أننى أتوق لجدل السعف، كأنما ورثت هذا الطقس عن جدّات قديمات لا أعرف أسماءهن، لكننى أعرف أنهن جدلن السعف فى باحات البيوت، وأضفن إلى عيد الشعانين نكهة مصرية بطعم النيل ورائحة الطمى وطعم الخُضرة. هذا هو الوطن وفلسفته: نحتفل معًا، ونُحب معًا، ونُشكّل من سعفةٍ صغيرةٍ إعلانًا ناعمًا أن مصر بخير.

«المجدُ لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة». سعفُ النخيل ليس رمزًا دينيًا فقط، بل مفردةٌ فى معجم مصر. مَن يتأمل نقوش المعابد القديمة يرى النخلة مُقدّسة فى حضارتنا، رشيقةً وكريمة، تعطى ولا تأخذ. لهذا أحبها الجدُّ المصرى وتبارك بها. فى النخيل شىءٌ يُشبهنا: صبرٌ مُتعالٍ، وجذرٌ لا يتخلى عن الأرض.

«أحد السعف» هو «الأحد» السابقُ لعيد القيامة المجيد. اليوم الذى دخل فيه السيدُ المسيح مدينةَ «القدس»، فاستقبله أهلُها بالأناشيد وأغصان الزيتون، وفرشوا ثيابَهم تحت قدميه الشريفتين ليسير عليها مُكلّلاً بالمحبة والنصر، كما يليق برسول السلام الذى جاء ليعلّم البشرَ كيف يغفرون للمُسىء ويُحبّون العدوَّ، وإن آذاهم، فيتضامنون معه ضدّ عدو البشرية الأوحد: الشرّ.

فى مصر، يغدو العيدُ مناسبة وطنية تحتفى بالحياة. النخيلُ فى الوجدان المصرى رمزٌ للخلود والوفرة، فظهرت فى النقوش الفرعونية والجداريات. وبعد دخول المسيحية ثم الإسلام، ظلّت النخلةُ فى مخيالنا الشعبى رمزًا للطمأنينة والجمال. وهكذا، فحين يحمل المصرى سعفة مُضفّرة، فإنه يُحيى تقليدًا ضاربًا فى جذور التاريخ، يربط النخلة بالسلام، ويُحوّل السعف إلى رسالة حب، تختصر جوهر الأديان فى كلمة واحدة: السلام. فالمصريون بطبعهم يحبون المناسبات التى تحمل طابعًا بصريًا ملموسًا. والسعف، بخضرته، وجدائله، وجمال رمزيّته، يجعل العيد «مرئيًّا» حتى لمن لا يعرف أصل قصته وفلسفته.

أصدقاؤنا المسيحيون يصومون خمسة وخمسين يومًا حتى عشية «عيد القيامة المجيد» الأحد القادم. يرفعون أياديهم للسماء ضارعين بالدعاء لكى يحمى اللهُ مصرَ ونيلَ مصرَ وشعبَ مصرَ من كل شرّ، مثلما ندعو لها فى صلواتنا وتهجّدنا. يدعون أن يعُمَّ الخيرُ جميعَ البشر، ثم يدعون بالغفران لمن أساء إليهم، بالقول أو بالفعل، لأنهم موقنون أن غفرانهم للمسىء شرطٌ لغفران الله للبشر: «واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا»، يقولونها وهم يتذكرون السيدَ المسيح، عليه السلام، سائرًا على طريق الآلام رافعَ الرأس عزيزَ النفس، من باب الأسباط حتى كنيسة القيامة، فى مثل هذا الأسبوع منذ ألفى عام، حاملاً صليبَه الخشبى الهائل، وحاملاً آلامَه وجراحه ودماءه الطاهرة ورجاءه فى خلاص البشر من شرور العالم، واضعًا إكليلَ الشوك على جبينه الوضىء النقى من الدنس، يقطرُ منه الدمُ الشريف. وحين ظمِئ، قدّم له جندُ اليهود والرومان كأس الخلّ كى تخفَّ آلامه قليلًا، لكنه رفض أن يرتشفه لكى يتجرّعَ الألمَ إلى مُنتهاه، لقاءَ قوله الحقَّ فى وجه سلطان جائر. ثم قام المسيحُ بمواساة المريمات وصبايا أورشليم اللواتى كنّ ينتحبن من أجل آلامه، طالبًا إليهن أن يبكين على أنفسهن لا عليه.

مصرُ التى تجدل السعف كل عام، لا تعرف الكراهية. مصرُ التى تُضفّر من ورق النخيل ورودًا وسلالاً، قادرة على أن تصنع من آلامها أملًا، ومن أزماتها سلامًا، ومن اختلافاتها تنوّعًا أنيقًا لا يُقصى. إنها مصر. تمرُّ عليها مواسمُ من الجفاف، لكنها تعرفُ جيدًا كيف تدوس على المحن وتعود فتورق، وتُثمر، وتُدهش العالم بتماسكها وقوتها وحبها للحياة. كل عام ومصرُ جميلةٌ بشعبها، وصومًا مقبولًا لأشقائنا المسحيين، الذين يستقبلون أسبوعَ الآلام استعدادًا لعيد القيامة المجيد، كل عام وهم نخلةُ المحبة المورقة فى أرض مصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السَّعفُ» حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ «السَّعفُ» حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ



GMT 11:13 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وزير اللطافة والجدعنة!

GMT 11:10 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ضد قراءة نيتشه في الطائرة

GMT 11:07 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الأساطيل والأباطيل

GMT 11:04 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صفقة ترمب... فرصة ضائعة أم أمل أخير؟

GMT 11:01 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صفقة ترمب... فرصة ضائعة أم أمل أخير؟

GMT 10:58 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

اليوم التالى مجددا!

GMT 10:55 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

للمرة الأولى يتباعد الشاطئان على المحيط

GMT 10:53 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لو ينتبه شباب المغرب

نجوى كرم تتألق بالفستان البرتقالي وتواصل عشقها للفساتين الملوّنة

بيروت - صوت الإمارات
تُثبت النجمة اللبنانية نجوى كرم في كل ظهور لها أنها ليست فقط "شمس الأغنية اللبنانية"، بل هي أيضًا واحدة من أكثر الفنانين تميزًا في عالم الأناقة والموضة. فهي لا تتبع الصيحات العابرة، بل وبنفسها هوية بصرية متفردة تتواصل بين الفخامة والجرأة، قدرة مع خياراتك على اختيار الألوان التي تدعوها إشراقة وحضورًا لافتًا. في أحدث إطلالاتها، خطفت الأنظار بفستان مميز بشكل خاص من توقيع المصمم الياباني رامي قاضي، جاء المصمم ضيق يعانقها المشوق مع تفاصيل درابيه وكتف واحد، ما أضفى على الإطلالة طابعًا أنثويًا راقيًا، وأبدع منها حديث المتابعين والنقّاد على السواء. لم يكن لون الجريء خيارًا مباشرًا، بل جاء ليعكس راغبًا وظاهرًا التي تنبع منها، فأضفى على حضورها طابعًا مبهجًا وحيويًا مرة أخرى أن ألوان الصارخة تليق بها وتمنحها قراءة من الج...المزيد

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 11:02 2017 الجمعة ,17 آذار/ مارس

توعية بثقافة ترشيد الطاقة في إمارة العين

GMT 22:15 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عِزٌ وفخر لكل أردني بمليكه وقائده

GMT 14:35 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

قائمة نشاطات سياحية في غراتس في النمسا

GMT 09:54 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المعهد الفرنسي ينظم سادس دورات "ليلة الفلاسفة"

GMT 20:37 2013 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الجزائر: 70 % من الأراضي لم تستكشف بعد في مجال الطاقة

GMT 12:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار بسيطة للديكور مع حلول فصل الخريف

GMT 16:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان "المتصنع" المانع للحركة الأحدث على السجادة الحمراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates