ذاكرة

ذاكرة

ذاكرة

 صوت الإمارات -

ذاكرة

بقلم : علي أبو الريش

الذاكرة مثل مخزن أثاث قديم، عندما تمر عليه وتبحث في محتوياته تعثر على أشياء تكون قد نسيتها، فتبرز على الفور، وتسفر عن صور ومشاهد وأحداث وحكايات، ومواقف تذهلك عندما تبدو أمامك، وكأنها حدثت للتو، وتبدأ في فتح الصفحات، وتقليب الأوراق بعضها حزين ويطفر بأشواق الزمن، وبعضها مفرح يفيض بنسائم تهفهف على الوجدان كأوراق الشجر التي تحتضن أعشاش الطير.

عندما نتذكر نخوض في النهر ونمر بين الشعاب ثم تعلو باتجاه الهضاب، ثم ننزل في وديان بعضها حصوية وبعضها طينية ولكن مع كل ذلك عندما تخضر الذاكرة ينفتح الوجود وتكتب الأبدية في سجل الخلود أن الإنسان ليس كائناً طارئاً على الحياة، بل هو في صلب الوجود، يأتي ليحفر في لوح التاريخ اسماً وصورة وموقفاً وسلوكاً. لا أحد يأتي ليمر عبر طرق الحياة لمجرد مرور فقط، وأنما الوجود البشري في حد ذاته هو انغماس في الكينونة وإثبات أن الحياة ليست عبثاً، وإنما هي إضافة لتراكم معرفي يضيفه الإنسان للإنسان، وبالتالي يصبح الوجود كلاً متكاملاً مثل نسيج الجسد الواحد.

ما يجعل وجود الإنسان ذات قيمة ومعنى هو الحب، لأنه القاسم المشترك بين كل الأحياء، وهو النهر الذي يجمع كل الروافد القادمة من شلالات الجبل، ليضعها في فناء الوجود وتصير نهراً. ولكن لا مكان لوجود الإنسان من دون ذاكرة فهي المخزن الذي تجتمع فيه كل ممتلكات الروح وعندما تكون الذاكرة حاضرة يصبح الإنسان جزءاً من الحياة، ومشاركاً في بناء أوتاد خيمتها، المشكلة في الذاكرة المثقوبة التي أصبحت جزءاً من تقلبات عصرنا الحالي فلا توجد في غرف العقل اليوم أي مخازن للذاكرة، بل إن الأشياء تأتي وتمر كأنها الزبد، ولا شيء يرسخ في الذاكرة لأن المتغيرات أسبق من الثوابت وأكثر تأثيراً، مما يجعل العقل لا يستوعب ما يحصل، ولا يستطيع الإمساك، بالصور، التي تمر، ولا بالمواقف التي تحدث، فكل الأشياء تشبه بعضها، والحدث الجلل هو بمستوى الحادث البسيط، وهكذا، تدور الرحى ولا طحين في صحن الذاكرة لأنها مثقوبة وخاوية من المعنى.

فقد تمر على صديق ولا يعرفك، وقد تغيب عن أمك وأبيك، لفترة زمنية طويلة ولا تتذكر إلا عندما تسمع النداء، الطفولي، يأتيك من أحدهما، وابنك قد يأتي ويذهب من البيت، وأنت لا تشعر بالحضور أو الغياب لأن لا وجود لمخزن تحفظ به صور المشهد العائلي، بل إن الصور تأتي وتذهب مثل الهواء الرطب يصدمك، ولا تراه.

نحن نحتاج إلى الذاكرة لأنها الموجة التي توشوش في أسماع السواحل عن سر جمال عيون النوارس، وكيف تكون أجنحتها فياضة عندما لا يتصيدها عابث أو مستهتر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذاكرة ذاكرة



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

لندن - صوت الإمارات
لطالما عودتنا الملكة رانيا على إطلالاتها الأنيقة بستايلات مختلفة وفق المناسبة التي تحضرها. وفي أحدث لقاء تلفزيوني لها، اتجهت الى التألق بطقم أنيق بين اللمسات الكلاسيكية والعصرية، بنمط شبابي ايضا، وهو نمط اتبعته في العديد من اللقاءات الحوارية التي ظهرت بها على شاشات التلفزة. نرصد لكم هذه الإطلالات لتستلهموا منها أسلوبها الملهم. اتجهت الأنظار نحو الملكة الأردنية رانيا في لقائها التلفزيوني مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد في برنامجها التلفزيوني ذا ريدآوت. وتألقت الملكة في اللقاء بطقم حيادي باللون الاسود بتصميم عصري ومريح يناسب اللقاءات الحوارية. تألف من سروال أسود واسع مع الزمزمات عند الخصر، والخصر العالي المزين باثنين من الأزرار البيضاء العريضة، وهو من توقيع " louisvuitton"، اما التوب فجاءت بنمط المعطف القصير والكروب توب م�...المزيد

GMT 01:16 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

جزيرة خاصة في بنما للبيع بـ 392 ألف دولار

GMT 23:35 2020 الإثنين ,25 أيار / مايو

النفط يرتفع مع تخفيف قيود كورونا

GMT 22:16 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

موسكو تفتتح أكبر مركز ترفيهي في أوروبا وآسيا هذا العام

GMT 05:39 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

السعودية تُسلم أول سعودية رخصة قيادة سيارة الإثنين

GMT 08:10 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

إطلاق هواوي لهاتف "Honor 7" بمستشعر للبصمة

GMT 15:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

بدْء الفصل الدراسي الثالث في جميع مدارس أبوظبي

GMT 14:01 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

سعر الدرهم الإماراتي مقابل ريال عماني الجمعة

GMT 14:35 2013 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

"لعنة الساعة التاسعة" للسوداني محمد الخير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates