لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين

لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين

لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين

 صوت الإمارات -

لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين

علي ابو الريش
بقلم :علي ابو الريش

عندما يبدأ طفلك في الحبو، تنبت في وعيه طاقة الاكتشاف، فيبدأ في تفكيك كل ما يقع بين يديه، وأنت تخاف عليه من الإصابات المؤلمة.
فأول ما يبدر منك، هي الصرخة المدوية في وجهه، فترتج الجدران في داخله، وترتعد الفرائص وتتهشم زجاجة قلبه، فينظر إليك بذعر، مستنكراً سلوكك المشين، فيرتد خائباً، باكياً، مرتمياً في حضنك، مؤنباً إياك لأنك تجهل ما كان يقصده، لأنك تملك عقلاً أصغر من عقله، لأنك تبدي خوفك من أمر طبيعي لا بد أن يحصل لدى طفل لم تزل صفحة العقل في رأسه بيضاء من غير سوء.
أنت فعلت ذلك، لأنك تعتقد أنك تريد منع حدوث الكارثة، ولكن الكارثة الأكبر هو الشرخ الذي رسخته في وجدان طفلك دون أن تدري، ودون أن تعي ماذا كنت قد فعلته.
عندما يقوم الطفل بكسر فنجان القهوة، فإنه يفعل ذلك لأنه يريد أن يجس نبض هذا العقل الكامن تحت الجمجمة الرقيقة في رأسه. يريد أن يجري تجربة واقعية، حول ما إذا كان هذا الفنجان قابل للكسر، أو للثني، أو أنه مادة يمكن أن توكل، وما مذاقها؟ أنت لم تفكر في ذلك أبداً لأنك لم تتعلم التجريب، وتريد من ابنك أن يورث هذه الصفات لكي يظل شبيهاً لك.
كل أب يريد من ابنه أن يشبهه، وأن يكون مثله. مشكلتنا لا نريد أن نعلّم أبناءنا طريقة الاختلاف، لأن الاختلاف يؤذينا، لأن الاختلاف في أعرافنا، تضاد، ونحن لا نحتمل وجود الضد في حياتنا، لقد علمونا على التشابه في الحب، وفي الدين، وفي الرأي، وفي الطرح، وفي التعامل في حياتنا اليومية. فلو حدث أن صادفنا شخصاً، يقول لنا هذا الطريق يوصلنا أسرع إلى المحل الذي نريد الذهاب إليه.
في هذه الحالة، سوف نستنفر كل طاقتنا للاحتجاج، والرفض، وكبح كل خطوة يخطوها هذا الشخص الضد. نحن لم نعرف في حياتنا عن الضد إلا المقابل الآخر، وهو العدو، فكل من يذهب في الطريق المقابل فهو عدو، ولا بد من مجابهته، بما يكفي من عنف.
عندما يكسر طفلك فنجان القهوة فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك، هو أن هذا الكائن البشري الصغير هو مشروع عدوان سافر ضد القانون، والقانون هو من صنيع الذاكرة الجمعية. وحتى يتسنى لك إفشال هذا المشروع، لا بد من قمعه وتحجيمه، وإيقافه عن بث نزيفه في المحيط الأسري. ولكنك من حيث لا تدري، فإنك كسرت أكثر من فنجان، عندما شوهت وجدان زهرة، كان بإمكانها أن تنمو، وتزدهر، وتصبح زهرة تفوح بعطر الشفافية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين لا تمنع ابنك من تكسير الفناجين



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 16:55 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 صوت الإمارات - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:46 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 صوت الإمارات - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:15 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"البوطينة" العملاق أسرع حاسوب في الإمارات

GMT 13:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق ميزة Fast Pair للربط بين أجهزة أندرويد المختلفة

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 17:52 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

تجهيزات فريدة لقاعات الأفراح تخطف الأنظار

GMT 10:21 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الجنوبية تفوز في أولمبياد علم الفلك الدولية

GMT 04:21 2013 الإثنين ,27 أيار / مايو

فيلم فلسطيني يفوز في "كان" عن فئة "نظرة ما"

GMT 05:19 2013 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

في الظل دراما بوليسية في الخمسينات

GMT 13:29 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

ظهور ميلانا ترامب في إطلالة ساحرة بتصاميم ديور

GMT 16:41 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"hp" تطلق رسميًا أوّل حواسبها المحمولة بنظام "Chrome"

GMT 05:32 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط وصلاله يصعدان للدوري العماني للمحترفين

GMT 14:16 2013 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كفاح "العمال" من اجل بريطانيا أكثر عدالة موضوع فيلم وثائقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates