سلاح الهدم

سلاح الهدم

سلاح الهدم

 صوت الإمارات -

سلاح الهدم

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

عندما تسمع عن دولة متهالكة، تسعى حثيثاً لاقتناء أسلحة الموت، فاعلم أن هناك خللاً في الجينات الوراثية لدى أهل هذا البلد، وقادته. لأنه ما من عاقل، وما من صحيح النفس، يفكر في الموت.
العدميون، هم الذين يسعون إلى الموت، لأنهم لم يجدوا ضالتهم في الحياة. الحياة تحتاج إلى أناس تصالحوا مع أنفسهم، وتجاوزوا حدود الذات وتخلصوا من عقدة الخوف من الآخر. فأنت لا تحمل العصا وأنت خارج في الظلام إلا عندما تشعر أن هُناك كائناً ما يتربص بك.
الإنسان حمل السلاح، درءاً للخطر الذي يتخيله، والذي يسكن عقله قبل أن يسكن الغابة. وظل العقل يحتفظ بهذه الصورة المأساوية إلى يومنا هذا، وقد قال فرويد «إن الإنسان المتحضر، يحمل في داخله بقايا عصر الغاب» لماذا؟ لأنَّ هناك رغبة عميقة في الداخل تصور العالم دائماً أنه كائن متوحش وأنه لكي ينجو الإنسان عليه أن يتسلح، لكي يهزم الخوف.
ولكن مهما يكن من تاريخ بشري مليء بالصور الخيالية الرهيبة، كان من المفترض على هذا الإنسان الذي اخترق الفضاء الخارجي، وحقق إنجازاته المدهشة في مجالات الحياة، أن يبذل الجهد الموازي لاكتشاف ما تفعله النفس الأمارة، وأن يتحرر من براثن الخوف المرضي من الآخر.
إنه الخوف المفتعل، من قبل نفس بشرية، نشأت على الخوف، وعلى التخويف، وبالتالي كان لا بد لهذا العقل الجبار، والمخترع، أن يخترع خلاصه، ويبدع في تحرير نفسه من مخلفات هي ليست إلا صناعة بشرية لا أساس لها في الواقع من شيء. كان على العقل الذي اخترع القنبلة الذرية، أن يفكر قليلاً، لماذا هو ينفق المال، والجهد لتدمير ما أنجزه.
أليس هذا جنوناً وخروجاً عن طبيعة الأشياء؟ كان على هذا العبقري الفذ الذي سخر كل ما لدى الطبيعة من إمكانيات، أن يسخر عقله في بناء عالم بلا خوف من الآخر، عالم يزخر بالأحلام الوردية، وليس بالكوابيس، ولا الأضغاث. كان عليه أن يزرع أحلامه على تربة الأمنيات الخصبة، وليس على يباب أرض خاوية من الحياة.
لو فكر الإنسان بهذه العقلية، لما احتاجت دول تعيش شعوبها على حافة الفقر، والأمية تضرب أطنابها في شرائح بشرية تعد بمئات الملايين من البشر.
كان بالإمكان بناء القوة الاقتصادية بدلاً من القوة العسكرية، لأنه في نهاية المطاف، لو حمل الكل السلاح الفتاك، فلن ينجو أحد من الهدم، ومن الدمار، فالموت لا يؤدي إلا إلى الموت، والحقد لا يزرع إلا حقداً، وما هذه التمظهرات في القوة العسكرية إلا خداع بصرية تتراقص أمام أعين البلهاء والمشعوذين، والذين يطلبون الحياة من تحت ركام الموت. والذين يفردون عضلات من عراجين قديمة، والذين يحلمون بالحياة كحلم مريض بورم خبيث.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاح الهدم سلاح الهدم



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 04:05 2024 السبت ,17 شباط / فبراير

أسعار النفط تتأرجح وسط توقعات بتراجع الطلب

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 19:31 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

قائد القوات البرية يستقبل عدداً من ضيوف «آيدكس»

GMT 20:22 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

خبراء إكسبو يعزز دخول شركات البناء العالمية في الإمارات

GMT 13:51 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة مثيرة لريهانا خلال مباراة يوفنتوس ضد أتلتيكو مدريد

GMT 13:35 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

" F D A " تفرض قيودًا على بيع السجائر الإلكترونية

GMT 19:39 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة الباحة تعلن فتح التسجيل ببرامج الدبلومات المصنفة

GMT 18:29 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات بسيطة تمكّنك من تحويل الأثاث القديم إلى "مودرن"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates