قراهم وقرانا

قراهم.. وقرانا

قراهم.. وقرانا

 صوت الإمارات -

قراهم وقرانا

بقلم : ناصر الظاهري

لعل من أجمل ما يمكن رؤيته في أوروبا، شرقها أو غربها، القرى الجميلة والوادعة التي تسكن بطن جبل أو على شرفة جرف أو على كف سهل أو تلك المطلة على بحر أزرق، قرى أقرب للمدن الصغيرة بنظافتها وخدماتها وتنظيمها، لها مداخل تشرح النفس، وتضحك القلب، ولا تجعل الرأس يكف عن أسئلته، أين منها القرى العربية البائسة؟ محطات للنفايات، ومكب للقاذورات، أول ما تدخلها إما تنبحك كلاب الحوأب الغبراء أو تظل تجري وراء سيارتك، وكأنها لا ترحب بالغريب في مساحتها الجرداء التي تظل تلهث فيها وراء عظم مرمي، قرى أوروبا بيوتها صغيرة، لا عالية ولا متعالية، تزحف على جدرانها أشجار تؤنس وحشتها، وتزين شرفاتها زهور وورود، لا تخلو من عجائز نشطات، يسرحن مع أشعة الشمس، وكلابهن النظيفة المتقافزة فرحاً، والشبعة من أكلات «السوبر ماركت» المعلبة، كلاب قرانا البائسة، تجد فيها الأعور، والذي يمشي على ثلاث، والمسعور المنبوذ، وأكلها مما يرمى على الطرقات أو الأكوام المتراكمة، وفيها كل العلل الإنسانية التي تصلح للشحاذة.

في القرى الأوروبية برغم صغر الشوارع، إلا أنها منظمة ومرتبة، وفيها ما لا يسمح للسيارة أن تمر، فهي للمشاة ولراكبي الدراجات، وهناك أماكن غير مسموح للسيارات أن تستعمل منبهاتها، لكي لا تزعج الناس، عندنا كله عجين وطحين، ضوضاء لا تنتهي، الكل يصرخ، الناس المختلطون بدوابهم، والسيارات المستعملة حتى التكهين، وكثرة محلات تصليحها، تفتش فيها عن محل نظيف على جوانب شوارعها، فلا تجد إلا بقالة يتيمة، بالتأكيد تبيع أشياء منتهية صلاحيتها للأكل الآدمي، تغطيها الأتربة، وتتعب من طرد الذباب المشاغب، والطيور المنهكة من الرمرمة، وفيها بائع غاضب من تلك المهنة التي لا تليق بقروي، غير أنها الظروف التي أجبرته على تلك المهنة التي يعتبرها الأهالي مهينة نوعاً ما، في قراهم محلات تلمع من النظافة، وكأنها محلات للسوق الحرة في مطاراتنا، وتبيع فيها نساء وصبايا، وفيها آلات سحب النقود، وتبيع تذكارات القرية ومنتجاتها، ومجهزة لاستقبال السياح والغرباء عن قراهم.

في القرى الأوروبية، تجد فعاليات ثقافية وفنية، ومظاهر اجتماعية تعرّفك بطبيعة كل قرية، وأهم ما يميزها عن غيرها، لا يمكن أن تشم رائحة غير رائحة الأشجار والزهور الموسمية، بلدياتها تعمل على تجميل حالها، والمحافظة على رونقها، قرانا المكتئبة تجد بعض الآثار مهملة، وأماكنها لمشاغبات الأولاد، وقضاء حوائج الناس المتعسرين، ثمة عطانة ترافقك أينما وليت وجهك، ولا أحد مهتم أو يمكن أن يغير من الحال، ولا بلديات، ولا محافظات يمكنها الاعتناء بوضع القرية وتحسين حالها، وعذرهم أنهم بعيدون عن العاصمة.

في القرى الأوروبية لا بناء عالياً يغطي الخضرة، ومناظر الطبيعة الخلاّبة، في قرانا التي تنبت كعشب شيطاني، عشوائية البناء، والصحون اللاقطة، وكل شيء لا يلزم مقرّه سطوح المنازل التي تشبه حراجات السكراب والخردة، وكتابات على الجدران المتهالكة، وملصقات إعلانية قديمة أكلتها الشمس.

زر قرية أوروبية، ولا تزر مدينة عربية، إنْ كنت مهتماً بسلامة رئتيك وشُعبك الهوائية، وتريد هواء نقياً، وإياك والقرى العربية المنسية في تربتها وغبرتها منذ الأزل!  
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراهم وقرانا قراهم وقرانا



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

أبوظبي ـ صوت الإمارات
تحتفل اليوم الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد التي تحظى بشهرة واسعة تخطت حدود الوطن العربي وصولا لعالم هوليوود، ورافقت ريا الأناقة الناعمة في أشهر فعاليات الموضة والفن حول العالم على مدار سنوات من التوهج والنجاح المهني، واليوم تزامنا مع عيد ميلادها الـ47، سنأخذكم في جولة سريعة نتذكر خلالها بعض من إطلالات الإعلامية العالمية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار المجوهرات العريقة Bulgari، وأول امرأة عربية تصبح سفيرة للنوايا الحسنة لمفوضية اللاجئين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. أحدث ظهور لريا أبي راشد بصيحة الجمبسوت منذ أيام سحرت الإعلامية ريا أبي راشد متابعيها بإطلالة ناعمة قامت بنشر صورها عبر حسابها الخاص على انستجرام، عبارة عن جمبسوت ناعم باللون الأبيض الموحد من توقيع Alex Perry، تميز بالأرجل الواسعة مع ياقة القلب ذات الأكتاف المكشوف...المزيد

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 21:45 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 11:38 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

الفنان محمد أبلان يتمنى أن يكون له أعمال عربية مشرفة

GMT 11:42 2022 الأحد ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"ناشيونال جيوغرافيك" تكشف عن أفضل الوجهات السياحية في 2023

GMT 15:35 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

رحيل الأديب عبد الوهاب الأسواني بعد صراع مع المرض

GMT 08:20 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"أمينة بنت حميد الطاير " يوم الشهيد لمسة وفاء لشهداء الفداء

GMT 11:45 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نصف مليون طائر مهاجر يعبر مدينة العقبة الأردنية سنويًا

GMT 09:06 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

تعرف على ضيوف برامج "التوك شو" اليوم السبت

GMT 10:35 2013 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصغار تبدأ في تعلم اللغة داخل الرحم

GMT 13:22 2013 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

مؤسسة الزبير تطلق برنامج التعليم الذاتي

GMT 10:49 2013 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

جامعة الإسكندرية تدرس تنفيذ مجمعات إلكترونية

GMT 10:20 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الهجوم العراقي القوي يسعى إلى اختراق دفاعات منتخب الإمارات

GMT 09:52 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

اكسسوارات لـ"ديكورات" غير تقليدية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates