«الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة

«الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة

«الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة

 صوت الإمارات -

«الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

للصديق «سعيد الكفراوي» الرحمة والسكون والطمأنينة الأبدية، فهذه السنة ظلت تأكل من طارف وتليد، فلا أبقت غالياً، ولا عفّت عن صديق، «سعيد الكفراوي» الأديب الذي أخلص للقصة القصيرة، بالرغم أنه جاء إليها أو هي ذهبت إليه من باب المحاسبة، وحين التقيته لأول مرة في القاهرة في الثمانينيات مع شلة «الاتيليه، وقهوة ريش» «عبدالحكيم قاسم، ومحمد المنسي قنديل» أصروا أن يروني القاهرة من خلف جدرانها، فقلت لهم: «القاهرة المدينة الوحيدة التي ظاهرها كباطن كفها، ولا تحبذ أن تخبئ عنك أسرارها طويلاً»، قال: «سعيد»: «إيه دا.. أنت متأكد أنك خليجي، من الآن أنت من هذه الشلة، لقد اختصرت علينا حوارات كثيرة للتعارف»، فعقبت عليه: «وأنت أول محاسب أصادقه في حياتي، وليتهم مثلك، لقد فوّت عليّ كثيراً من أصدقاء الأرقام»، لكن الحقيقة رأيت حينها القاهرة بعيونهم الجميلة والصادقة، وكان يرافقنا في تلك الليالي التي لا يغيب سَفَرها شاعر القصة «يحيى الطاهر عبدالله» بروحه المتجلية، صاحب فيلم «الطوق والأسورة» كرفيق فقده الجميع في لحظة غفلة، وبحادث سيارة عبثي، وهو ما زال في عنفوان عطائه، وجميل إبداعه، كان يرافقنا مثل ظل درويش معطر بالمسك والطيب وبخور اللبان، بعدها التقيت بعضهم في المغرب وبيروت والقاهرة والإمارات.
«عبدالحكيم قاسم» هذا القاص المتميز، ذهب في ارتجافة الجسد، حين لا يتحمل الجسد الهزائم السياسية، فكان أول المودعين، وأول اللاحقين بصديقه «الطاهر»، فأهديته الفصل الأول من روايتي «الطائر بجناح أبعد منه»: «طقس الحنوط والكافور.. أين ارتعاشات الجسد؟ أيها الغائب في زرقة الأسئلة يا عبد الحكيم».
«محمد المنسي قنديل» ظل يكتب أسفاره في بخارى وسمرقند، وفي المدن العربية التي يحبها من خلال استطلاعات مجلة «العربي» وبعض المجلات الثقافية الراقية، وذهب متعمداً لكتابة الرواية، الآن ربما ترك كل بلاد العُرب أوطاني، وفضل صقيع كندا، وبرودة أجوائها، ربما غامر صوب منفاه الاختياري، وبيته التقاعدي.
«سعيد الكفراوي» وحده كان يشيخ بسرعة، وكلما تباعدت سنوات الفراق، ودعتنا مدينة للقاء من جديد، وأراه، أجده وقد زحف قليلاً إلى الأمام، كان أقرب لصورة العم، وأعمار العمومة، الذين يهرمون في سنواتهم الأخيرة بسرعة غير مألوفة، «سعيد الكفراوي» رغم إنسانيته المفرطة، وعروبته الصريحة، إلا أنه اعتقل، وسجن قبل وفاة جمال عبدالناصر بفترة وجيزة، بتهمة مزدوجة، لا يمكن أن تلتقي أبداً «الشيوعية»، و«الإخوان»، «الكفراوي» شيوعي لأن كل أصدقائه من اليسار، وأصحاب فكر حر، وينتمون للفلاح والعامل الكادح، وهو انتماء لأصولهم الريفية في الأساس، و«سعيد إخوانجي» لأن له أقارب ينتمون لحزب «الإخوان» قبل أن يُحَلّ، لكن الكاتب والأديب وراهب القصة «سعيد الكفراوي» صرخ في وجه المحقق المرتبك، أنه ينتمي لحزب كتّاب القصة، وللإنسان في كل مكان، حيثما وُجِد ألمٌ، ووُجِد ظُلمٌ، الأمر الذي حدا بـ «نجيب محفوظ» أن يستمد منه شخصية بطل روايته «الكرنك»، لكل تلك الأرواح الجميلة، والتي عبثت بأسئلتها في رأسي، وصنعت ذلك الضجيج الجميل في ليل قاهري تمنيناه أن يطول كدهر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة «الكفراوي» ورفاقه وضجيج الأسئلة



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 21:04 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة
 صوت الإمارات - الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي

GMT 05:39 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

مهرجان صيف الخرج الـ 39 ينطلق بمدينة السيح

GMT 21:52 2014 الخميس ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفرو موضة التسعينات التي عادت بقوة هذا الموسم

GMT 20:55 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"مركز إبداع" الإسكندرية يقيم معرض "جرافيك"

GMT 10:06 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

لون أزرق مضيء لإطلالة راقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates