​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية
آخر تحديث 15:00:49 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - ​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية

قلعة دمشق
دمشق ـ صوت الإمارات

تتربّع في وسط دمشق منحوتة صممت من القذائف والمتفجرات انتصبت بالقرب من جدران قلعة دمشق لتبقى شاهدا على المأساة السورية على ارتفاع مقارب لجدران قلعة دمشق.

وخلال شهرين استخدم الفنان مصطفى علي بقايا الأشياء التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية كالأدوات الكهربائية والأواني المنزلية وكل شيء مصنوع من الحديد خلفته القذائف ليصنع عملاً فنياً نصبياً بارتفاع تسعة أمتار وسبع طبقات.

يقول "علي" : "فكرة تحويل الخراب إلى عمل فني من الأسباب المحرضة للعملية الإبداعية لإنتاج فن يعبر عن المأساة التي فعلت فعلها في بلدنا، ويمكن لأي مادة أو أداة أو أشياء خضعت لقسوة الحرب أن تصبح عملاً فنياً بيد فنان مبدع، يستطيع أن يظهر حجم الألم في الذات السورية ومقدار الخيبة التي ألمّت بنا جميعا".

يأخذ العمل شكل التعليب والصندقة، تبهرك للوهلة الأولى سيطرة المعادن الغليظة عليه، كأنه يدعوك لشيء من الحذر، لكنك لا تلبث أن تعذره، راغبا بمعرفة المزيد عنه.

في طبقته الأولى كمية كبيرة من أشياء مختلفة، يصعب تحديدها لكثرة ما طرأ عليها من عجن وضغط، تنتشر على سطوحها الظاهرة تعرجات وانحناءات متداخلة بالأحمر والبنفسجي والأزرق، وهو ما يظهر في الطبقات الأخرى بشكل مختلف.. يطرح العمل تساؤلات عدة: هل يمكن لأحدنا أن يترك جرحه وراءه؟ وإلى متى تجعلنا الحرب أفراداً بهموم لا تتجاوز الموت والحياة؟ أما تعدد طبقاته فهو رمز لسنوات الألم الحي، كلٌ تذوقه بطريقة ما ولسبب معين، وفي كل مرحلة تختلف المعادن "أشرطة، حلقات، كتل، مضغوطات".

ما يمكن التوقف عنده أيضاً طريقة تكوين العمل، وهو ما يركز عليه النحت عادة في استثمار الفراغ في المساحات الواسعة لأنه فن "مديني" أساساً، ومن الأهمية بطبيعة الحال وجود علاقة صحيحة بين الشكل العام للمكان والنحت النصبي مايجعله أكثر قرباً من الناس، من يحلو لهم لمسه والتمعن فيه، واعتباره مكوناً أصيلاً في بيئتهم كالشجرة والبيت والنهر، يستطيع المجاراة في حديث طويل سواء أكان خشباً أم حديداً أم صخراً.

تطويع الحديد، وهو المعدن المستخدم، لإثبات مشاعر بشرية، يتطلب رؤية واضحة ومركزة، فليس من السهل إقناع المتفرج أن المعدن الصلب، والذي يعد مؤشراً على قسوة الآخر وتبلد أحاسيسه بل عجزه عن إدراك فظاعة ما يتسبب به لمن هم حوله، قادر على إعلان موقف إنساني من حرب مستمرة من دون خوف.

هكذا تصرخ منحوتة علي في الساحة وحيدة، غير مبالية بالرفض أو القبول، كأنها تناجي السماء، تخبرها أن قدرتها على الاحتمال ما عادت لها قيمة أمام الأهوال والفظائع.. يضيف النحات: تعمدت أن أترك عليها آثار الحرب وبقاياها لكي يراها الجميع، ويتذكروا من خلالها أن ما تحويه رفوف واجهتها من أشياء، كانت في بيوتهم قبل الدمار والخراب الذي خلفته الحرب مع مكونات أخرى "دراجة طفل، مكيف، غسالة"، وعلى صعيد التكنيك أتاح العمل لنحاته رؤية جديدة، وهو يأخذ محرضاته من محيطه عادة ويتأثر بما يحدث، يعكسه بشكل فني ويعيد صياغته ويقدمه للمشاهد من خلال مشروع فني له تأثير على العين والذاكرة.

بالتأكيد العمل الفني لا يخفف الألم، لكنه يمارس دوراً مختلفاً، من شأنه مثلاً أن يقول للناس "لاتقعوا بالمأزق نفسه مرة ثانية، لا تسمحوا للحرب أن تصل إلى بيوتنا ونفوسنا".

ما يمكن للمنحوتة فعله أيضا مخاطبة الذاكرة، فهي لا تنفصل عما تحتفظ به الثانية من تفاصيل وشموليات لكنها هذه المرة تقابلها بقسوة لتجبرها على التفكير بالقادم، من دون أن ننسى أنها عمل تراكمي صنعته المأساة في دواخلنا وعايشناها بشكل يومي، واختبرنا قسوتها عبر سنوات، لكن كيف يمكن للمتفرجين تقبل منحوتة "بقايا الحرب" بوصفها عملاً نصبياً ضخماً سيكون أمام أنظارهم يوميا؟

يقول علي: "أذكر منذ سنوات طويلة حين بدأنا نشتغل بالنحت، كان شيئاً يشبه المستحيل، لكن إصرار الفنانين على أن يقدموا فناً خلال الحرب أوصلهم إلى تحقيق وجود حقيقي للشكل والفراغ في ثقافة الأعمال النصبية بحيث صار لها حضور قوي في حياتنا العامة، وقبل ذلك بكثير في الـ30 عاما الماضية استطاع النحت أن يثبت وجوده على الصعيد الشعبي والرسمي، ليكون موجوداً في حياة الناس وحدائقهم وأماكنهم العامة والخاصة، كل هذا طوّر الثقافة البصرية تجاه الفن عامة والنحت خصوصا".​

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية ​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية



GMT 16:55 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 صوت الإمارات - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:46 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 صوت الإمارات - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:15 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"البوطينة" العملاق أسرع حاسوب في الإمارات

GMT 13:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق ميزة Fast Pair للربط بين أجهزة أندرويد المختلفة

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 17:52 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

تجهيزات فريدة لقاعات الأفراح تخطف الأنظار

GMT 10:21 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الجنوبية تفوز في أولمبياد علم الفلك الدولية

GMT 04:21 2013 الإثنين ,27 أيار / مايو

فيلم فلسطيني يفوز في "كان" عن فئة "نظرة ما"

GMT 05:19 2013 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

في الظل دراما بوليسية في الخمسينات

GMT 13:29 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

ظهور ميلانا ترامب في إطلالة ساحرة بتصاميم ديور

GMT 16:41 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"hp" تطلق رسميًا أوّل حواسبها المحمولة بنظام "Chrome"

GMT 05:32 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط وصلاله يصعدان للدوري العماني للمحترفين

GMT 14:16 2013 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كفاح "العمال" من اجل بريطانيا أكثر عدالة موضوع فيلم وثائقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates