الفن الإسلامي والعمارة العقيدة والإبداع
آخر تحديث 03:21:20 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الفن الإسلامي والعمارة العقيدة والإبداع

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الفن الإسلامي والعمارة العقيدة والإبداع

الدوحة ـ وكالات

يتجاوز كتاب الفن الإسلامي والعمارة (650-1250) لمؤلفيه 'ريتشارد اتنغهاوزن' و'أوليغ غرابار' و'ماريلين جنكينس مدينة'، ومترجمه عبد الودود العمراني، كونه مجرد شغف استشراقي بالفن الإسلامي -وهو المنهج الذي طبع كتبا كثيرة وقعت في أسر فتنة الفن الإسلامي لفترات طويلة- إلى اعتباره واحدا من المراجع الحديثة للفن والعمارة الإسلامية لرصانته العلمية وحفره العميق في أسس الفن الإسلامي كجزء من مخرجات الحضارة الإسلامية منذ بزوغ نجمها في بدايات القرن السابع الميلادي. كما يتعدى الكتاب الأنيق بمحتوياته الإبهار البصري، باشتماله على روائع التحف الإسلامية، والرحلة السياحية البصرية في العمارة الإسلامية، بل وظف تلك التحف كدلالات علمية ضمن إطار الصنعة الإسلامية، وتأثرها بما عاصرها وجاورها وسبقها من فنون انفتحت عليها قريحة الفنان المسلم عبر ستة قرون من الإبداع، وهو ما يبرز دراسة ومنهجية الكتاب. وإذا كان من الصعب التوقف عند مقولات الكتاب الذي يقع في ثلاثمائة وخمسين صفحة من القطع الطويل وضمن ثمانية فصول وهوامش طويلة، فإنه لا بأس من المرور السريع على بعض مفاتيح الكتاب الذي'لا غنى لأي باحث ودارس في مجال الفن في العصر الإسلامي الأول عن هذا الكتاب، سواء من الناحية العلمية والأكاديمية الرفيعة أو من ناحية أسلوب كتابته المبسط الذي لا يحتاج إلى معرفة مسبقة بموضوعه'. بيد أن اللغة المبسطة للكتاب يقف خلفها مترجم متمكن هو عبد الودود العمراني، بحسب المؤلفين الذين وجدوا أنه 'لم يكتف بإظهار قدرة نادرة في معالجة البنية المعقدة لنص علمي طويل وحسب، بل تعامل بأريحية مع مفردات تقنية لا يوجد لها مقابل في كثير من الأحيان باللغة العربية، أبعد من ذلك لجأ العمراني في معاينته للنص إلى الحفر في مفردات أجنبية وردها إلى أصولها العربية، وخصوصا فيما يتعلق مع أسماء لتقنيات فنية استخدمها الفنانون في عصور غابرة، وكادت أن تطمس من قاموس العربية'. ويحدد مؤلفو الكتاب دواعي نشره، فقد حظي الفن الإسلامي في العقود الأخيرة، باهتمام بدراسته متجاوزا ما كان يعد اهتماما حصريا للمؤرخين والعارفين خاصة في الغرب، ليشمل تشكيلة عريضة من القراء في بلدان عديدة على أن الزيادة الأهم في القراء هي بين أوساط الطلبة والعلماء وجامعي التحف الفنية. ويلحظ الكتاب أن رغبة القراء في التعرف على هذا الفن إنما هي ناجمة عن إدراك متزايد منهم للإسهامات العظيمة التي قدمتها الحضارة الإسلامية للفن العالمي. ومن هذه الإسهامات الحضارية مختلف طرائق الفن والتشييد، وتصنيع التحف الفنية واستخدام التقنيات المزخرفة وهو ما يعرف بالفن الوظيفي، وعلى هذا الأساس فقد استخدمت التحف المزخرفة من الناس بكافة مشاربهم من حكام منتمين إلى أصول عرقية مختلفة إلى تجار وأثرياء وصولا إلى الناس البسطاء، وربات البيوت من النساء ومن أقوام مختلفة من غير المسلمين، مسيجيين ويهود وزردشتيين ووثنيين. في الكتاب يبين المؤلفون منهجيتهم التي تتبدى في الفصول الثمانية، والتي تتركز على الانصراف عن تحديد ودراسة تاريخية الفن عبر السلالات الحاكمة للأقاليم الإسلامية، إلى اعتماد منهج يقوم على نسبة هذا الفن إلى أقاليم محددة وهي الأقاليم الإسلامية الوسطى، والغربية، والشرقية، إضافة إلى دراسة خاصة بالفن الإسلامي وغير المسلمين. يسبق الحديث عن كل اقليم بتمهيد تاريخي يدرس ويتابع ويعرض للفن وإرهاصاته وتشكله، ومن بين كتب قليلة يذهب المؤلف بعيدا إلى إرهاصات وبدايات الفن الذي نشأ وأزهرت إبداعاته في فترة قصيرة نسبيا، وفي تحديده لمفهوم الفن الاسلامي باعتباره أحد مفاتيح منهج التأليف يرى واضعو الكتاب أن الفن الإسلامي يشير إلى كل المنشآت وآثار الثقافة المادية التي أنشأها المسلمون أو أنتجت للناس الذين عاشوا في ظل حكام مسلمين، أو في كيانات اجتماعية وثقافية تأثرت بقوة بأنماط الحياة والفكر التي تميز الإسلام. يلحظ الكتاب السرعة الهائلة التي انتشر فيها الإسلام وأثر ذلك على الفن، ففي عام 622 ميلادي هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وفي العام 750 ميلادي كانت الجيوش الإسلامية قد اخترقت جنوب فرنسا، وفي الأثناء تأسست مدن جديدة في شمال أفريقيا، كما شيدت قبة الصخرة في القدس. وفي خلاصة فإن الفن الإسلامي لم يتطور تدريجيا عند التقاء الدولة والعقيدة الجديدتين، بأية تقاليد قديمة تواصلت في المناطق التي امتد إليها النفوذ بل يكاد يكون بروز الفن الإسلامي فجائيا مثل عقيدته ودولته. وفي قراءته للمناخ الفني لدى ظهور الإسلام يعرج الكتاب على المعمار قبل ظهور الإسلام والفضاءات التي حكمت بنيته، مشيرا إلى الكعبة الشريفة، وبيت النبي صلى الله عليه وسلم والذي يتألف من باحة مربعة بسيطة وعدد قليل من الغرف على الجانب ورواق من جذوع النخل مغطى بسعف، ويحوي الكتاب مسقطا للبيت. يتابع الكتاب قراءته في فصل ثان، للفنون في الأقاليم الإسلامية الوسطى والتي يقع ضمنها قبة الصخرة المشرفة، التي تعد أقدم منشأة معمارية إسلامية مازالت قائمة حتى الساعة، وكان قد اكتمل بناؤها العام 71 هجري الموافق لـ691 ميلادي، كما يقع ضمن هذا الإقليم الجامع الأموي في دمشق والعديد من الأماكن المعمارية الأخرى. بخلاصة فإن كتاب الفن الإسلامي الصادر عن هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة وهو الجزء الأول ضمن مشروعها في التعريف بالفن الإسلامي يمثل في لوحاته وعروضه وتمهيداته التاريخية سياحة حقيقية في قرون الإبداع والعمارة الإسلامية تنقل متصفح الكتاب إلى قرون من الدهشة والفتنة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفن الإسلامي والعمارة العقيدة والإبداع الفن الإسلامي والعمارة العقيدة والإبداع



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زيت الزيتون لعلاج الطفح الجلدى

GMT 08:55 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

ما هي الطرق لجعل الطفل ناجحًا دراسيًا؟

GMT 06:45 2013 السبت ,13 إبريل / نيسان

أخوات برونو مارس في برنامج تلفزيون

GMT 15:15 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يغري "سافيتش" بعرض خيالي خرافى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates